الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(18) باب قضاء الصيام عن الميت
[1014]
عَن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَن مَاتَ وَعَلَيهِ صِيَامٌ صَامَ عَنهُ وَلِيُّهُ.
رواه أحمد (6/ 69)، والبخاري (1952)، وسسلم (1147)، وأبو داود (2400).
ــ
يتوقع من الشرور، وفساد القلوب. ألا ترى قول الله تعالى:{تُرجِي مَن تَشَاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوِي إِلَيكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابتَغَيتَ مِمَّن عَزَلتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيكَ} فلما علم نساؤه هذا - أو من سألته منهن - كن يتهيأن له دائمًا، ويتوقعن حاجته إليهن في أكثر الأوقات، والله تعالى أعلم.
ويستفاد من هذا: أن المرأة لا تصوم القضاء وزوجها شاهد إلا بإذنه، إلا أن تخاف الفوات، فيتعين، وترتفع التوسعة.
وقد قال بعض شيوخنا: لها أن تصوم القضاء بغير إذنه؛ لأنه واجب؛ وإنما محمل الحديث المقتضي لنهيها عن الصوم إلا بإذنه على التطوع. فأما الواجبات فلا يحتاج فيها إلى إذن واحد.
(18)
ومن باب: قضاء الصوم عن الميت
قوله: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)؛ بظاهره قال جماعة منهم: إسحاق، وأبو ثور، وأهل الظاهر. وقال به أحمد، والليث، وأبو عبيد إلا أنهم خصصوه بالنذر. وروي مثله عن الشافعي رحمه الله ورحمهم. وأما قضاء رمضان، فإنه يطعم عنه من رأس ماله، ولا يصام عنه، وهو قول جماعة من العلماء. ومالك لا يوجب عليه إطعامًا إلا أن يوصي به فيكون من الثلث كالوصايا. وأجمع المسلمون بغير خلاف: أنه لا يصلي أحدٌ عن أحدٍ في حياته ولا بعد موته، وأجمعوا:
[1015]
وعَن ابنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
ــ
أنه لا يصوم أحدٌ عن أحدٍ في حياته (1)؛ وإنما الخلاف في ذلك بعد موته، وإنما لم يقل (2) مالك بالخبر لأمور:
أحدها: أنه لم يجد عملهم عليه.
وثانيها: أنه اختلف واضطرب (3) في إسناده.
وثالثها: أنه رواه أبو بكر البزار، وقال في آخره:(لمن شاء). وهذا يرفع الوجوب الذي قالوا به.
ورابعها: أنه معارض بقوله تعالى: {وَلا تَكسِبُ كُلُّ نَفسٍ إِلا عَلَيهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزرَ أُخرَى} ولقوله: {وَأَن لَيسَ لِلإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى} .
وخامسها: أنه معارض بما خرَّجه النسائي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يصلي أحدٌ عن أحد، ولا يصوم أحدٌ عن أحدٍ، ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مُدًّا من حنطة)(4).
وسادسها: أنه معارض للقياس الجلي، وهو: أنه عبادة بدنية لا مدخل للمال فيها (5)؛ فلا تفعل عمن وجبت عليه، كالصلاة. ولا ينقض هذا بالحج؛ لأن للمال فيه مدخلاً.
(1) ساقط من (ع).
(2)
في (ع): يفعل.
(3)
ساقط من (ع).
(4)
رواه النسائي في الكبرى (2/ 175) موقوفًا.
(5)
ساقط من (ع).
يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أُمِّي مَاتَت وَعَلَيهَا صَومُ شَهرٍ، أَفَأَقضِيهِ عَنهَا؟ فَقَالَ: لَو كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَينٌ أَكُنتَ قَاضِيَهُ عَنهَا؟ قَالَ: نَعَم. قَالَ: فَدَينُ اللَّهِ أَحَقُّ.
رواه أحمد (1/ 258)، ومسلم (1148)(155).
[1016]
وعَنه قَالَ: جَاءَت امرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أُمِّي مَاتَت وَعَلَيهَا صَومُ نَذرٍ -وَفِي رِوَايَةٍ: صوم شهر - أَفَأَصُومُ عَنهَا؟ قَالَ: أَرَأَيتِ لَو كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَينٌ فَقَضَيتِهِ أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنهَا؟ قَالَت: نَعَم قَالَ: فَصُومِي عَن أُمِّكِ.
رواه أحمد (1/ 258)، والبخاري (1953)، ومسلم (1148)(156)، وأبو داود (3310)، والترمذي (716)، وابن ماجه (1758).
[1017]
وَعَن عَبدِ اللَّهِ بنِ بُرَيدَةَ، عَن أَبِيهِ قَالَ: بَينَا أَنَا جَالِسٌ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذ أَتَتهُ امرَأَةٌ، فَقَالَت: إِنِّي تَصَدَّقتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ، وَإِنَّهَا
ــ
وقوله: (لو كان على أمك دين أكنت قاضيه؟ ) مشعر: بأن ذلك على الندب لمن طاعت به نفسه؛ لأنه لا يجب على ولي الميت أن يؤدي من ماله عن الميت دينًا بالاتفاق، لكن من تبرع به انتفع به الميت، وبرئت ذمته (1)، ويمكن أن يقال: إن مقصود الشرع: أن ولي الميت إذا عمل العمل بنفسه من صوم، أو حج، أو غيره، فصيَّره للميت انتفع به الميت، ووصل إليه ثوابه. ويعتضد ذلك: بأنه صلى الله عليه وسلم شبَّه قضاء الصوم عن الميت بقضاء الدَّين عنه، والدَّين إنما يقضيه الإنسان عن غيره من مال حصَّله لنفسه، ثم بعد ذلك يقضيه عن غيره، أو يهبه له.
(1) ساقط من (ع).