المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال، وتنفي الأشرار - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال، وتنفي الأشرار

(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

[1232]

عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلَى أَنقَابِ المَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ، لَا يَدخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ.

رواه أحمد (2/ 237 و 375)، والبخاري (1880)، ومسلم (1379)، والنسائي في الكبرى (7526).

ــ

(60)

ومن باب: المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال

قوله على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، قد تقدَّم القول في الأنقاب، والطاعون الموت العام الفاشي، ويعني بذلك أنه لا يكون في المدينة من الطاعون مثل الذي يكون في غيرها من البلاد، كالذي وقع في طاعون عمواس والجارف وغيرهما، وقد أظهر الله صدق رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لم يُسمع من النَّقلة ولا من غيرهم مَن يقول أنه وقع في المدينة طاعون عام، وذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: اللهم صححها لنا. وقد تقدَّم الكلام على اسم الدَّجال واشتقاقه، وهو وإن لم يدخل المدينة إلا أنه يأتي سبختها من دُبُرِ أُحُد فيضرب هناك رواقه فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيخرج إليه منها كل كافر ومنافق، كما يأتي في حديث أنس في كتاب الفتن، ثم يهم بدخول المدينة، فتصرف الملائكة وجهه إلى الشام، وهناك يهلك بقتل عيسى ابن مريم إيَّاه بباب لُدٍّ على ما يأتي، وسيأتي أيضًا أن مكة لا يدخلها الدَّجال.

ص: 495

[1233]

وعنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَأتِي المَسِيحُ وهِمَّتُهُ المَدِينَةُ حَتَّى يَنزِلَ دُبُرَ أُحُدٍ، ثُمَّ تَصرِفُ المَلَائِكَةُ وَجهَهُ قِبَلَ الشَّامِ، وَهُنَاكَ يَهلِكُ.

رواه أحمد (2/ 397)، ومسلم (1380)، والترمذي (2243).

[1234]

وعنه قال: قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَأتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدعُو الرَّجُلُ ابنَ عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ: هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ! هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ! وَالمَدِينَةُ خَيرٌ لَهُم لَو كَانُوا يَعلَمُونَ، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يَخرُجُ مِنهُم أَحَدٌ رَغبَةً عَنهَا إِلَّا أَخلَفَ اللَّهُ فِيهَا خَيرًا مِنهُ،

ــ

وقوله يأتي على النَّاس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هَلُمَّ إلى الرخاء! ، هذا منه صلى الله عليه وسلم إخبار عن أمر غيب وقع على نحو ما ذكر، وكان ذلك من أدلة نبوَّته، وعنى بذلك أن الأمصار تفتح على المسلمين فتكثر الخيرات وتترادف عليهم الفتوحات، كما قد اتفق عند فتح (1) الشام والعراق والدِّيار المصرية وغير ذلك، فركن كثير ممن خرج من الحجاز وبلاد العرب إلى ما وجدوا من الخصب والدَّعة بتلك البلاد المفتوحة فاتخذوها دارًا ودعوا إليهم من كان بالمدينة لشدَّة العيش بها وضيق الحال، فلذلك قال صلى الله عليه وسلم: والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وهي خير من حيث تعذر الترفه فيها وعدم الإقبال على الدنيا بها وملازمة ذلك المحل الشريف ومجاورة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم؛ ففي حياته صلى الله عليه وسلم صحبته ورؤية وجهه الكريم، وبعد وفاته مجاورة جدثه الشريف ومشاهدة آثاره المعظَّمة، فطوبى لمن ظفر بشيء من ذلك، وأحسن الله عزاءَ من لم ينل شيئًا مِمَّا هنالك.

وقوله لا يخرج أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرًا منه؛ يعني أن

(1) في (ل): فتوح.

ص: 496

أَلَا إِنَّ المَدِينَةَ كَالكِيرِ تُخرِجُ الخَبِيثَ، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَنفِيَ المَدِينَةُ شِرَارَهَا كَمَا يَنفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ.

رواه أحمد (2/ 439)، ومسلم (1381).

[1235]

وعنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أُمِرتُ بِقَريَةٍ تَأكُلُ القُرَى،

ــ

الذي يخرج من المدينة راغبًا عنها - أي زاهدًا فيها - إنما هو إما جاهل بفضلها وفضل المقام فيها أو كافر بذلك، وكل واحد من هذين إذا خرج منها فمن بقي من المسلمين خير منه وأفضل على كل حال، وقد قضى الله تعالى بأن مكة والمدينة لا تخلوان من أهل العلم والفضل والدِّين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهم الخلف ممن خرج رغبة عنها.

وقوله إن المدينة كالكير تُخرِج الخبث، هذا تشبيه واقع؛ لأن الكيرَ لشدَّة نفخه ينفي عن النار السخام والدخان والرَّماد، حتى لا يبقى إلا خالصُ الجمر والنار، هذا إن أراد بالكير النفخ الذي تنفخ به النار، وإن أراد به الموضع المشتمل على النار وهو المعروف عند أهل اللغة فيكون معناه أن ذلك الموضع لشدَّة حرارته ينزعُ خبث الحديد والذهب والفضة، ويخرج خلاصة ذلك، والمدينة كذلك لما فيها من شدة العيش وضيق الحال تخلص النفس من شهواتها وشرهها وميلها إلى اللذات والمستحسنات، فتتزكى النفس عن أدرانها وتبقى خلاصتُها، فيظهر سرُّ جوهرها وتعم بركاتها، ولذلك قال في الرواية الأخرى تنفي خبثها وينصع طيبها.

وقوله أمرت بقرية تأكل القُرى؛ أي بالهجرة إليها إن كان قاله بمكة، أو بسُكناها إن كان قاله بالمدينة، وأكلُها للقرى هو أن منها افتتحت جميعُ القُرى،

ص: 497

يَقُولُونَ يَثرِبَ وَهِيَ المَدِينَةُ، تَنفِي النَّاسَ كَمَا يَنفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ.

رواه أحمد (2/ 237)، والبخاري (187)، ومسلم (1382).

[1236]

وَعَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ أَنَّ أَعرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَصَابَ الأَعرَابِيَّ وَعكٌ بِالمَدِينَةِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقِلنِي بَيعَتِي! فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلنِي بَيعَتِي! فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلنِي بَيعَتِي! فَأَبَى، فَخَرَجَ الأَعرَابِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا المَدِينَةُ كَالكِيرِ؛ تَنفِي خَبَثَهَا وَيَنصَعُ طَيِّبُهَا.

ــ

وإليها جُبِي فَيءُ البلاد وخَراجُها في تلك المُدَد، وهو أيضًا من علامات نبوَّته صلى الله عليه وسلم.

وقوله يقولون يثرب، وهي المدينة؛ أي: يسميها الناس يثرب، والذي ينبغي أن تُسمَّى به المدينة، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم كره ذلك الاسم على عادته في كراهته الأسماء غير المستحسنة وتبديلها بالمستحسن منها، وذلك أن يثرب لفظ مأخوذ من الثرب وهو الفساد، والتثريب: وهو المؤاخذة بالذنب. وكل ذلك من قبيل ما يكره. وقد فهم العلماء من هذا منع أن يقال يثرب، حتى قال عيسى بن دينار: مَن سمَّاها يثرب كُتِبت عليه خطيئة. فأما قوله تعالى: {يَا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقَامَ لَكُم فَارجِعُوا} هو حكاية عن قول المنافقين. وقيل: سُميت يثرب بأرض هناك، المدينة ناحية منها. وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم طيبة وطابة، من الطيب، وذلك أنها طيبة التربة والرائحة، وهي تربة النبي صلى الله عليه وسلم، وتُطيِّبُ من سكنها ويستطيبها المؤمنون.

وقوله تنفي خبثها، وينصعُ طِيبُها، ينصع: يصفو ويخلص. يقال: طيب ناصع إذا خلصت رائحته وصفَت مما ينقصها. وروينا طيِّبها هنا بفتح الطاء وتشديد الياء وكسرها، وقد رويناه في الموطأ هكذا، وبكسر الطاء

ص: 498