الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(31) باب خروج النساء في الغزو
[1321]
عَن أَنَسٍ: أَنَّ أُمَّ سُلَيمٍ اتَّخَذَت يَومَ حُنَينٍ خِنجَرًا، فَكَانَ مَعَهَا فَرَآهَا أَبُو طَلحَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذِهِ أُمُّ سُلَيمٍ مَعَهَا خِنجَرٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا هَذَا الخِنجَرُ؟ قَالَت: اتَّخَذتُهُ، إِن دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِن المُشرِكِينَ بَقَرتُ بِهِ بَطنَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضحَكُ، قَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اقتُل مَن بَعدَنَا مِن الطُّلَقَاءِ انهَزَمُوا بِكَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم: يَا أُمَّ سُلَيمٍ، إِنَّ اللَّهَ قَد كَفَى وَأَحسَنَ.
رواه مسلم (1809).
ــ
(31)
ومن باب: خروج النساء في الغزو
(الخنجر) بفتح الخاء: السكين، ويقال بكسرها. و (بقرت بطنه): شققته، ووسعته. و (الطلقاء) أهل مكة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم منَّ عليهم، وأطلقهم يوم فتح مكة. و (من بعدنا)؛ أي: من وراءنا.
وقولها: (انهزموا بك)؛ أي: انهزموا حتى اتصلت هزيمتُهم بك، أو انهزموا عنك، بمعنى: فرُّوا، مُنكرة ذلك عليهم، ومقبحة لما فعلوا، ظانَّة: أنهم يستحقون القتل على ذلك، وبأنهم لم يتحققوا في الإسلام.
وقوله: (إن الله قد كفى وأحسن)؛ أي: كفانا مؤونة العدو، وأغنانا عمَّن فرَّ، وأحسن في التمكين من العدوّ والظفر به.
و(يسقين الماء)؛ أي: يحملنه على ظهورهن فيضعنه بقرب الرجال، فيتناوله الرجال بأيديهم فيشربوه. و (يداوين)؛ أي: يهيئن الأدوية للجراح ويصلحنها، ولا يلمسن من الرجال ما لا يحل.
ثم
[1322]
وعنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغزُو بِأُمِّ سُلَيمٍ وَنِسوَةٍ مِن الأَنصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا، فَيَسقِينَ المَاءَ وَيُدَاوِينَ الجَرحَى.
رواه مسلم (1810)، وأبو داود (2531)، والترمذي (1575).
[1323]
وعنه: قَالَ: لَمَّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ، انهَزَمَ نَاسٌ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو طَلحَةَ بَينَ يَدَي نَبِيِّ الله صلى الله عليه وسلم مُجَوِّبٌ عَلَيهِ بِحَجَفَتهٍ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو طَلحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ النَّزعِ، وَكَسَرَ يَومَئِذٍ قَوسَينِ أَو ثَلَاثًا، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ ومَعَهُ الجَعبَةُ مِن النَّبلِ فَيَقُولُ: انثُرهَا لِأَبِي طَلحَةَ، قَالَ: وَيُشرِفُ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنظُرُ إِلَى القَومِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلحَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنتَ وَأُمِّي، لَا تُشرِف لَا يُصِيبنكَ سَهمٌ مِن سِهَامِ القَومِ، نَحرِي دُونَ نَحرِكَ،
ــ
أولئك النساء إمَّا متجالاّت (1)، فيجوز لهن كشف وجوههن، وإمَّا شوابُّ، فيحتجبن. وهذا كله على عادة نساء العرب في الانتهاض، والنجدة، والجرأة، والعفة. وخصوصًا نساء الصحابة.
و(مجوِّبٌ عليه (2) بحجفته)؛ أي: مُترِّسٌ عليه بها يقيه الرمي. و (النَّزع): الرمي الشديد. و (بأبي أنت وأمي)؛ أي: أفديك بهما، و (أنت): مبتدأ، وخبره محذوف؛ أي: مفدًى. و (بأبي) متعلق به. و (الخَدَم) هنا: جمع خَدَمة، وهي الخلخال، و (سوقهما): جمع ساق. وقيل في الخدم: هي سيور من جلود تُجعل في الرِّجل، وقيل: أريد به هاهنا: مخرج الرِّجل من السراويل. ومنه: فرس مُخَدَّم؛ إذا كان أبيض الرُّسغين. وكان هذا منهن لضرورة ذلك العمل في ذلك الوقت. ويحتمل أن يكون ذلك قبل نزول الحجاب. وقد يتمسك بظاهره من يرى
(1) مفردها: متجالَّة، وهي: المرأة الكبيرة المسنَّة.
(2)
هذه اللفظة ليست في الأصول، واستدركناها من التلخيص.
قَالَ: وَلَقَد رَأَيتُ عَائِشَةَ بِنتَ أَبِي بَكرٍ، وَأُمَّ سُلَيمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، يَنقُلَانِ القِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ يُفرِغَانِهِ فِي أَفوَاهِهِم، ثُمَّ يَرجِعَانِ فَيملَآَنِهَا، ثُمَّ يَجِيئَانِ يُفرِغَانِهِ فِي أَفوَاهِ القَومِ، وَلَقَد وَقَعَ السَّيفُ مِن يَدَي أَبِي طَلحَةَ إِمَّا مَرَّتَينِ وَإِمَّا ثَلَاثًا مِن النُّعَاسِ.
رواه البخاري (2880)، ومسلم (1811).
[1324]
وعَن أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنصَارِيَّةِ، قَالَت: غَزَوتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبعَ غَزَوَاتٍ أَخلُفُهُم فِي رِحَالِهِم، فَأَصنَعُ لَهُم الطَّعَامَ، وَأُدَاوِي الجَرحَى، وَأَقُومُ عَلَى المَرضَى.
رواه مسلم (1812)(142).
* * *
ــ
أن تلك المواضع ليست بعورة من المرأة، وليس بصحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أم سلمة؛ الذي رفعه أبو داود حين سئل: ما تصلي فيه المرأة؟ قال: (تصلي في الدرع السابغ الذي يغيب ظهور قدميها)(1). وقد أمرت المرأة أن ترخي ثوبها شبرًا، فإن خافت أن تنكشف أرخته ذراعًا.
و(النُّعاس): ما يكون في الرأس، والسِّنة: في العين، وقد تقدَّم ذلك. وكان هذا النعاس الذي ألقي عليهم في يوم أحد لطفًا بهم من الله، زال به خوفهم، واستراحوا به من شدَّة التعب، وقويت به نفوسهم. وهكذا فعل الله بهم يوم بدر. وهو الذي دلّ عليه قوله تعالى:{إِذ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنهُ}
(1) رواه أبو داود (639).