الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1125]
وعَن سُوَيدِ بنِ غَفَلَةَ قَالَ: رَأَيتُ عُمَرَ قَبَّلَ الحَجَرَ، وَالتَزَمَهُ، وَقَالَ: رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَ حَفِيًّا.
رواه مسلم (1271)، والنسائي (5/ 227).
* * *
(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن
[1126]
عَن ابنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَافَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ، استَلِمُ الرُّكنَ بِمِحجَنٍ.
رواه أحمد (1/ 214)، والبخاري (1607)، ومسلم (1272)، وأبو داود (1877)، والنسائي (5/ 233)، وابن ماجه (2948).
ــ
وقوله: (رأيت عمر قبَّل الحجر، والتزمه) يعني: عانقه. والحفيُّ بالشيء: المعتني به، البارّ. ومنه قوله تعالى:{إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}
(32)
ومن باب: الطواف على الراحلة
لا خلاف في جواز طواف المريض راكبًا للعذر. واختلف في طواف من لا عذر له راكبًا. فأجازه قوم؛ منهم ابن المنذر؛ أخذًا بطوافه صلى الله عليه وسلم راكبًا. والجمهور على كراهة ذلك ومنعه، متمسكين بظاهر قوله تعالى:{وَليَطَّوَّفُوا بِالبَيتِ العَتِيقِ} وظاهره: أن يطوف الطائف بنفسه. ومن طاف راكبًا إنما عن طيف به، ولم يطف هو بنفسه. وبأن الصحابة رضي الله عنهم اعتذروا عن
[1127]
وعَن جَابِرٍ بن عبد الله، قَالَ: طَافَ النبي صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بالبيت، وبالصفا والمروة لِيَرَاهُ النَّاسُ وَلِيُشرِفَ وَلِيَسأَلُوهُ، فَإِنَّ النَّاسَ غَشُوهُ.
رواه أحمد (3/ 317)، ومسلم (1273)(255)، وأبو داود (1880)، والنسائي (5/ 241).
ــ
طوافه صلى الله عليه وسلم راكبًا، وبيَّنوا عذره في ذلك، فكان دليلاً: على أن أصل مشروعية الطواف عندهم ألا يكون راكبًا. فأما الأعذار التي ذكروا في ذلك فثلاثة:
أحدها: ما في حديث جابر، وهو: أن يراه الناس إذا أشرف عليهم؛ ليسألوه، ويقتدوا به.
وثانيها: ما ذكرته عائشة رضي الله عنها؛ وهو: أنه صلى الله عليه وسلم لو كان ماشيًا لطرق بين يديه، ولصرفوا عنه، وكان يكرهُ ذلك. على أن قولها: كراهة أن يصرف عنه الناس؛ يحتمل أن يكون الضمير في (عنه) راجعًا إلى الركن، فتأمله.
وثالثها: ما ذكره أبو داود: من أنه صلى الله عليه وسلم كان في طوافه هذا مريضًا. وإلى هذا المعنى أشار البخاري بما ترجم على هذا الحديث، فقال: باب المريض يطوف راكبًا.
وقوله: (فإن الناس غشوه) الرواية الصحيحة: بضم الشين، وهو الصحيح؛ لأن أصله: غشيُوه، استثقلوا الضمة على الياء، فنقلوها إلى الشين، فسكنت الياء، فلما اجتمعت مع الواو الساكنة حذفت الياء لالتقاء الساكنين، وفيه تعليل آخر، وما ذكرناه أولى.
وكونه صلى الله عليه وسلم يُقبِّل المحجن دليل على صحة أحد القولين السَّابقين.
والمحجن: عصا معقفة الطرف، تكون عند الراكب على البعير ليأخذ بها ما سقط له، ويحرك بها بعيره.
[1128]
وعَن عَائِشَةَ قَالَت: طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، حَولَ الكَعبَةِ عَلَى بَعِيرِهِ، يَستَلِمُ الرُّكنَ، كَرَاهِيَةَ أَن يُصرَفَ عَنهُ النَّاسُ.
رواه مسلم (1274)، والنسائي (5/ 224).
[1129]
وعن ابن الطفيل، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمحجن معه، ويقبل المحجن.
رواه مسلم (1275)، وابن ماجه (2949).
[1130]
وعَن أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَت: شَكَوتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَشتَكِي، فَقَالَ: طُوفِي مِن وَرَاءِ النَّاسِ، وَأَنتِ رَاكِبَةٌ. قَالَت: فَطُفتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَنبِ البَيتِ، وَهُوَ يَقرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسطُورٍ.
ــ
وقوله: (طوفي من وراء الناس وأنت راكبة) دليل على جواز ذلك للعذر.
واختلف قول من كرهه مع عدم العذر. فذهب مالك، وأبو حنيفة: إلى أنه يعيدُ ما دام قريبًا من ذلك، فإن بَعُدَ إلى مثل الكوفة ففيه دم. ولم يَرَ الشافعي فيه شيئًا. وإنما أمرها أن تطوف من وراء الناس؛ لأن ذلك سنة طواف النِّساء؛ لئلا يختلطن بالرِّجال، ولئلا يعثر مَركبُها بالطائفين فيؤذيهم. وعلى هذه العلَّة؛ فكذلك يكون حكم الرجل إذا طاف راكبًا.
وفي هذه الأحاديث حُجَّة لمالك على قوله بطهارة بول ما يؤكل لحمه. و (الطور): الجبل - بالسريانية -. وقال ابن عبَّاس: كل جبل ينبت فهو طور. و (الكتاب): المكتوب. و (الرَّق المنشور): هو الجلد المهيأ ليكتب فيه. وأحسن ما قيل فيه: إنه القرآن المكتوب في المصاحف. وهذه أقسام أقسم الله بها تشريفًا لها.