المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(14) باب في المن على الأسارى - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(14) باب في المن على الأسارى

(14) باب في المن على الأسارى

[1281]

عن أبي هُرَيرَةَ قالُ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيلًا قِبَلَ نَجدٍ فَجَاءَت بِرَجُلٍ مِن بَنِي حَنِيفَةَ، يُقَالَ لَهُ: ثُمَامَةُ بنُ أُثَالٍ، سَيِّدُ أَهلِ اليَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِن سَوَارِي المَسجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَاذَا

ــ

الحديث: وهل أعمدُ من رجل قتله قومه؛ أي: أعظم سؤددًا. وعميد القوم: سيدهم؛ لأنهم يعتمدون عليه في أمورهم.

وهذا الحديث يدل على أن ابني عفراء قتلا أبا جهل؛ أي: أنفذا مقاتله، وأن عبد الله بن مسعود أجهز عليه. وفي كتاب أبي داود: أن ابن مسعود قتله، ونفله رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه؛ ويعني بذلك أنه أجهز عليه. وعلى هذا: يرتفع التناقض بين هذه الأحاديث. والله أعلم.

(14)

ومن باب: المن على الأسارى

(النَّج): المرتفع من الأرض، والغور: ما انخفض منها. و (أثال): أبو ثمامة - بضم الهمزة فيما أعلم -.

وقوله: (فربطوه بسارية من سواري المسجد)؛ بهذا تمسَّك الشافعي على جواز الكفار المساجد، واستثنى من ذلك مسجد مكة وحرمها. وخص أبو حنيفة هذا الحكم بأهل الكتاب لا غير. ومنع مالك رحمه الله دخول الكفار جميع المساجد والحرم. وهو قول عمر بن عبد العزيز، وقتادة، والمزني. ويستدل لهم بقوله تعالى:{إِنَّمَا المُشرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرَامَ} ووجه التمسّك بها: أنه نبَّه على أن منعهم دخول المسجد الحرام إنما كان

ص: 583

عِندَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ . فَقَالَ: عِندِي يَا مُحَمَّدُ خَيرٌ، إِن تَقتُل تَقتُل ذَا دَمٍ، وَإِن تُنعِم تُنعِم عَلَى شَاكِرٍ، وَإِن كُنتَ تُرِيدُ المَالَ فَسَل تُعطَ مِنهُ مَا شِئتَ، فَتَرَكَهُ

ــ

لنجاستهم، وهذا يقتضي تنزيه المساجد عنهم، كما تنزه عن سائر الأنجاس.

والشافعي يحمل النجس هنا على عين المشرك. ومالك يحمله على أنه نجس بما يخالطه من النجاسة؛ إذ كان لا ينفك عنها، ولا يتحرز منها، وبقوله تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ} ودخول الكفار فيها مناقض لترفيعها، وبقوله صلى الله عليه وسلم:(إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من البول والقذر)(1).

والكافر لا يخلو عن ذلك. وبقوله صلى الله عليه وسلم: (لا أحل المسجد لحائض، ولا جنب)(2). والكافر جنب.

وإن كانت امرأة فعليها الغسل من الحيض، لا سيما إذا قلنا: إنهم مخاطبون بالفروع. وقد اعتذر أصحابنا عن حديث ثمامة بأوجه:

أحدها: أن ذلك كان متقدَّمًا على قوله تعالى: {إِنَّمَا المُشرِكُونَ نَجَسٌ} وهذا يحتاج إلى تحقيق نقل التواريخ.

وثانيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد علم بإسلامه. وهذا فيه بُعد؛ فإنه نص في الحديث على أنه إنما أسلم بعد أن منَّ عليه، وأطلقه، ثم إنه رجع فأسلم.

وثالثها: أن هذه قضية في عين، فلا ينبغي أن ترفع بها الأدلة التي ذكرناها آنفًا؛ لكونها مفيدة حكم القاعدة الكلية. ويمكن أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ربط ثمامة في المسجد لينظر حسن صلاة المسلمين، واجتماعهم عليها، وحسن آدابهم في جلوسهم في المسجد، فيأنسَّ بذلك ويسلم، وكذلك كان. ويمكن أن يقال: إنهم لم يكن لهم موضع يربطونه فيه إلا في المسجد. والله تعالى أعلم.

وقوله: (إن تقتل تقتل ذا دم)؛ هو بالدال المهملة؛ ويعني به: إنه ممن يشتفى

(1) رواه أحمد (3/ 91)، ومسلم (237).

(2)

رواه أبو داود (232)، وابن ماجه (645).

ص: 584

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَانَ الغَدِ ثم قَالَ له: مَا عِندَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ . قَالَ: مَا قُلتُ لَكَ: إِن تُنعِم تُنعِم عَلَى شَاكِرٍ، وَإِن تَقتُل تَقتُل ذَا دَمٍ، وَإِن كُنتَ تُرِيدُ المَالَ فَسَل تُعطَ مِنهُ مَا شِئتَ. فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَانَ بعد الغَدِ فَقَالَ: مَا عِندَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ . فَقَالَ: ما قُلتُ لَكَ: إِن تُنعِم تُنعِم عَلَى شَاكِرٍ، وَإِن تَقتُل تَقتُل ذَا دَمٍ، وَإِن كُنتَ تُرِيدُ المَالَ فَسَل تُعطَ مِنهُ مَا شِئتَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم: أَطلِقُوا ثُمَامَةَ. فَانطَلَقَ إِلَى نَخلٍ قَرِيبٍ مِن المَسجِدِ فَاغتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ المَسجِدَ فَقَالَ: أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا

ــ

بدمه؛ لأنه كبير في قومه، وقد سمعت من بعض النقلة أنه يقوله بالذال المعجمة، وفسَّره بالعيب، وليس بشيء في المعنى، ولا صحيح في الرواية، وهو تصحيف. ولو أراد به العيب لقال: ذامٍ، بألف، كما في المثل: لا تعدم الحسناء ذامًا؛ أي: عيبًا.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (أطلقوا ثمامة)؛ دليل على جواز المنّ على الأسارى، كما قدّمناه.

وقوله: (فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد)؛ هذا يدل: على أن غسل الكافر كان عندهم مشروعًا، معمولًا به، معروفًا. ألا ترى أنه لم يحتج في ذلك إلى من يأمره بالغسل، ولا لمن ينبهه عليه؟ !

وقد ورد الأمر به من النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر: أن قيس بن عاصم أسلم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل (1). وبه تمسك من قال: بوجوب الغسل على الكافر إذا أسلم. وهو قول أحمد، وأبي ثور. وأما مالك فقال في المشهور عنه: إنه إنما يغتسل لكونه جنبًا. ومن أصحابه من قال: يغتسل للنظافة. وقال بسقوط الوجوب الشافعي. وقال: أحبّ إلي أن يغتسل. ونحوه لابن القاسم. ولمالك أيضًا قول: إنه لا يعرف

(1) رواه أبو داود (355)، والترمذي (605)، والنسائي (1/ 109).

ص: 585

عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرضِ وَجهٌ أَبغَضَ إِلَيَّ مِن وَجهِكَ، فَقَد أَصبَحَ وَجهُكَ أَحَبَّ الوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِن دِينٍ أَبغَضَ إِلَيَّ مِن دِينِكَ، فَأَصبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِن بَلَدٍ أَبغَضَ إِلَيَّ مِن بَلَدِكَ، فَأَصبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ البِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيلَكَ أَخَذَتنِي وَأَنَا أُرِيدُ العُمرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَهُ أَن يَعتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: أَصَبَوتَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أَسلَمتُ مَعَ

ــ

الغسل. رواه عنه ابن وهب، وابن أبي أويس. والرواية الصحيحة في البخاري ومسلم: نخل - بالخاء المعجمة -، وقال بعضهم: صوابه: بالجيم، وهو الماء المنثعب (1)، وقيل: الجاري. وقال ابن دريد: النجل: هو أول ما ينبعث من البئر إذا جرت. واستنجل الوادي؛ إذا ظهر ماؤه.

وقوله: (إن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فبشره، وأمره أن يعتمر)؛ لا يفهم منه: أنه لما أراد أن يعتمر وهو في الجاهلية أن ذلك لزمه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإتمامه؛ لأنه لم يصر أحدٌ من المسلمين إلى أن إرادة فعل القربة يلزمها من غير التزام بالنذر، ولا شروع في العمل، بل ولو التزم، وشرع لم يلزمه ذلك في حالة كفره؛ لأنا وإن قلنا: إنه مخاطب بالفروع، فلا يتأتى منه قصد الالتزام، ولا يصح منه الشروع! إذ لم يفعل ذلك على وجه شرعي، بل هو فاسد لعدم شروطه، لا سيما إذا كان ممن يحتاج إلى نية القربة، وإنما أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينشئ عمرة مبتدأة، ليحرز فيها له الأجر، وليغيظ بإسلامه كفار قريش، فإن الرجل كان عظيمًا في قومه وغيرهم، ولذلك لما قدم مكة أظهر إسلامه، ولم يبال بهم، بل أخبرهم بما ناقضهم به، وأغاظهم؛ وهو قوله: (والله! لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى

(1) ثعبَ الماءَ والدمَ: فجَّره فسال. وفي (م) و (هـ): المنسعب، وفي القاموس: انسعب الماء: سال.

ص: 586