الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس
[1277]
عن مَالِكَ بنَ أَوسٍ قَالَ: أَرسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فَجِئتُهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ قَالَ: فَوَجَدتُهُ فِي بَيتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ، مُفضِيًا إِلَى رُمَالِهِ، مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِن أَدَمٍ، فَقَالَ لِي: يَا مَالُ! إِنَّهُ قَد دَفَّ أَهلُ أَبيَاتٍ مِن قَومِكَ، وَقَد أَمَرتُ فِيهِم بِرَضخٍ، فَخُذهُ فَاقسِمهُ بَينَهُم. قَالَ: قُلتُ: لَو أَمَرتَ بِهَذَا غَيرِي؟ قَالَ: خُذ يَا مَالُ! قَالَ: فَجَاءَ يَرفَا فَقَالَ: هَل لك يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ! فِي عُثمَانَ، وَعَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ، وَالزُّبَيرِ، وَسَعدٍ؟ فَقَالَ عُمَرُ: نَعَم، فَأَذِنَ لَهُم، فَدَخَلُوا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: هَل لك فِي عَبَّاسٍ، وَعَلِيٍّ؟ قَالَ: نَعَم، فَأَذِنَ لَهُمَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ! اقضِ بَينِي وَبَينَ هَذَا الكَاذِبِ الآثِمِ الغَادِرِ الخَائِنِ، فَقَالَ القَومُ: أَجَل يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ!
ــ
(11)
ومن باب: ما يصرف فيه الفيء والخمس
(تعالى النهار): ارتفع. و (مفضيًا إلى رماله)؛ أي: لم يكن بينه وبين الحصير حائل يقيه آثار عيدانه، ورُمال الحصير: ما يؤثر في جنب المضطجع عليه. ورملت الحصير: نسجته، وقد تقدَّم.
و(مال) ترخيم مالك في النداء. و (دف أهل أبيات)؛ أي: نزلوا بهم مسرعين، محتاجين. وأصله من الدَّفيف، وهو: السَّير السَّريع، وكأن الذي تنزل به فاقة يسرع المشي لتنجلي عنه.
و(الرضخ) - بسكون الضاد -: هو العطية القليلة، غير المقدرة.
و(يرفى) مقصور، وهو مولى عمر وآذنه.
وقوله: (هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان، وعبد الرحمن؟ ) في الكلام حذف، تقديره: هل لك إذن في هؤلاء؟
وقول العبَّاس: (اقض بيني وبين هذا الكاذب، الآثم، الغادر، الخائن)؛ قول
فَاقضِ بَينَهُم وَأَرِحهُم، فَقَالَ مَالِكُ بنُ أَوسٍ: فُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُم قَد كَانُوا قَدَّمُوهُم لِذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: اتَّئِدَا، أَنشُدُكُم بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ
ــ
لم يرد به ظاهره؛ لأن عليًّا رضي الله عنه منزه عن ذلك كله، مبرأ عنه قطعًا، ولو أراد ظاهره لكان محرَّمًا، ولاستحال على عمر، وعثمان، وعبد الرحمن، والزبير، وسعد، وهم المشهود لهم بالقيام بالحق وعدم المبالاة بمن يخالفهم فيه، فكيف يجوز عليهم الإقرار على المنكر؟ ! هذا ما لا يصح؛ وإنما هذا قول أخرجه من العبَّاس الغضب، وصولة سلطنة العمومة، فإن العم صنو الأب، ولا شكّ أن الأب إذا أطلق هذه الألفاظ على ولده؛ إنما يحمل ذلك منه على أنه قصد الإغلاظ، والرَّدع مبالغة في تأديبه، لا أنَّه موصوف بتلك الأمور، ثم انضاف إلى هذا: أنهم في محاجّة ولاية دينية، فكأن العباس يعتقد: أن مخالفته فيها لا تجوز، وأن المخالفة فيها تؤدي إلى أن يَتصف المخالف بتلك الأمور، فأطلقها ببوادر الغضب على هذه الأوجه، ولما علم الحاضرون ذلك لم ينكروه. والله تعالى أعلم.
وهذا التأويل أشبه ما ذكر في ذلك، وإلا فتَطريق الغلط لبعض النقلة لهذه القضية فيه بُعد لحفظهم، وشهرتهم، والذي اضطرنا إلى تقدير أحد الأمرين ما نعلمه من أحوال تلك الجماعة، ومن عظيم منازلهم في الدِّين، والورع، والفضل. كيف لا، وهم من هم رضي الله عنهم، وحشرنا في زمرتهم.
و(أجل) بمعنى: نعم. و (اتَّئدوا) بمعنى: تثبتوا، وارفقوا.
وقول عمر: (أنشدكم الله)؛ أي: أقسم عليكم بالله، يخاطب الحاضرين.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نورث، ما تركنا صدقة)؛ جميع الرواة لهذه اللفظة في الصحيحين وفي غيرهما يقولون: (لا نورث) - بالنون -، وهي نون جماعة الأنبياء، كما قال:(نحن معاشر الأنبياء لا نورث)(1).
و(صدقة): مرفوع على أنه: خبر
(1) رواه الترمذي (1610).
وَالأَرضُ، أَتَعلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا نُورَثُ، مَا تَرَكنَا صَدَقَةٌ؟
ــ
المبتدأ الذي هو: (ما تركنا)، والكلام جملتان: الأولى: فعلية، والثانية: اسمية. لا خلاف بين المحدثين في هذا. وقد صحَّفه بعض الشيعة، فقال:(لا يورث - بالياء - ما تركنا صدقة) - بالنصب -، وجعل الكلام جملة واحدة، على أن يجعل (ما) مفعولًا لما لم يسم فاعله. و (صدقة) ينصب على الحال. ويكون معنى الكلام: إنما نتركه صدقة لا يورث، وإنما فعلوا هذا، واقتحموا هذا المحرم، لما يلزمهم على رواية الجمهور من إفساد قولهم، ومذهبهم، أنهم يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم: يورث كما يورث غيره، متمسكين بعموم آية المواريث، معرضين عمَّا كان معلومًا عند الصحابة من الحديث الذي يدل على خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم: بأنه لا يورث.
وقد حكى الخطابي حكاية تدل على صحة مذهب أهل السُّنة، وعلى بطلان مذهب أهل البدع: حكي عن ابن الأعرابي: أن أبا العبَّاس السفاح قام في أول مقام قامه خطيبًا في قرية تسمى: العباسية بالأنبار، فحمد الله وأثنى عليه، فلما جاء عند الفراغ، قام إليه رجلٌ، وفي عنقه المصحف، فقال: يا أمير المؤمنين! أذكرك الله الذي ذكرته إلا ما قضيت لي على خصمي بما في كتاب الله. فقال: ومن خصمك؟ قال: أبو بكر الذي منع فاطمة فدك. فقال: هل كان بعده أحد؟ قال: نعم. قال: ومن؟ قال: عمر. قال: فأقام على ظلمكم؟ قال: نعم. قال: فهل كان بعده أحد؟ قال: نعم. قال: فمن؟ قال: عثمان. قال: فأقام على ظلمكم؟ قال: نعم. قال: فهل كان بعده أحد؟ قال: نعم. قال: فمن؟ قال: علي بن أبي طالب. قال: فأقام على ظلمكم؟ قال: فأسكت (1) الرجل، وجعل يلتفت يمينًا وشمالًا يطلب مخلصًا. فقال أبو العباس: والله الذي لا اله إلا هو لولا أنه أول مقام قمته، ولم أكن تقدمت إليك، لأخذت الذي فيه عيناك، اجلس. ثم أخذ في خطبته.
(1) في (ع) و (ج): فأمسك.
قَالَوا: نَعَم، ثُمَّ أَقبَلَ عَلَى العَبَّاسِ، وَعَلِيٍّ، فَقَالَ: أَنشُدُكُمَا بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذنِهِ
ــ
وحاصل هذه الحكاية: أن الخلفاء رضي الله عنهم علموا وتحققوا صحَّة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نورث، ما تركنا صدقة)، وعملوا على ذلك إلى أن انقرضت أزمانهم الكريمة بلا خلاف في ذلك.
فأما طلب فاطمة ميراثها من أبيها من أبي بكر، فكان ذلك قبل أن تسمع الحديث الذي دلَّ على خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وكانت متمسكة بما في كتاب الله من ذلك، فلما أخبرها أبو بكر بالحديث توقفت عن ذلك، ولم تعد عليه بطلب، وأما منازعة علي والعباس، فلم تكن في أصل الميراث، ولا طلبًا أن يتملكا ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم من أموال بني النضير لأربعة أوجه:
أحدها: أنهما قد كانا ترافعا إلى أبي بكر في ذلك، فمنعهما أبو بكر مستدلًا بالحديث الذي تقدَّم، فلما سمعاه أذعنا، وسكنا، وسلَّما، إلى أن توفي أبو بكر، وولي عمر، فجاءاه، فسألاه أن يوليَهُما على النظر فيها، والعمل بأحكامها، وأخذها من وجوهها، وصرفها في مواضعها، فدفعها إليهما على ذلك، وعلى ألا ينفرد أحدهما عن الآخر بعمل حتى يستشيره، ويكون معه فيه، فعملا كذلك إلى أن شق عليهما العمل فيها مجتمعين، فإنهما كانا بحيث لا يقدر أحدهما أن يستقل بأدنى عمل حتى يحضر الآخر، ويساعده، فلما شق عليهما ذلك، جاءا إلى عمر رضي الله عنه ثانية، وهي هذه الكرة التي ذكرت هنا، يطلبان منه أن يقسمها بينهما، حتى يستقل كل واحد منهما بالنظر فيما يكون في يديه منها، فأبى عليهما عمر ذلك، وخاف إن فعل ذلك أن يظن ظانٌّ أن ذلك قسمة ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، فيعتقد بطلان قوله:(لا نورث)، لا سيما لو قسمها نصفين، (فإن ذلك كان يكون موافقًا لسنة القسم في المواريث؛ فإن من ترك بنتًا، وعمًا، كان المال بينهما نصفين)(1): للبنت النصف بالفرض، وللعم النصف بالتعصيب. فمنع ذلك عمر
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرضُ، أَتَعلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا نُورَثُ، مَا تَرَكنَا
ــ
حسمًا للذريعة، وخوفًا من ذهاب حكم قوله:(لا نورث).
والوجه الثاني: أن عليًّا لما ولي الخلافة لم يغيرها عما عُمل فيها في عهد أبي بكر، وعمر، وعثمان، ولم يتعرض لتملكها، ولا لقسمة شيء منها، بل كان يصرفها في الوجوه التي كان من قبله يصرفها فيها، ثم كانت بيد حسن بن علي، ثم بيد حسين بن علي، ثم بيد علي بن الحسين، ثم بيد الحسين بن الحسن، ثم بيد زيد بن الحسن، ثم بيد عبد الله بن الحسن، ثم تولاها بنو العباس على ما ذكره أبو بكر البرقاني في صحيحه. وهؤلاء كبراء أهل البيت رضي الله عنهم، وهم معتمد الشيعة وأئمتهم، لم يُرو عن واحد منهم: أنه تملكها، ولا ورثها، ولا ورثت عنه، فلو كان ما يقوله الشيعة حقًّا لأخذها علي، أو أحدٌ من أهل بيته لما ظفروا بها، ولَم فلا.
والوجه الثالث: اعتراف علي والعبَّاس بصحة قوله صلى الله عليه وسلم: (لا نورث، ما تركنا صدقة)، وبعلم ذلك حين سألهما عن علم ذلك، ثم إنهما أذعنا، وسلَّما، ولم يبديا - ولا أحد منهما - في ذلك اعتراضًا، ولا مدفعًا، ولا يحل لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول: إنهما اتقيا (1) على أنفسهما، لما يعلم من صلابتهما في الدين، وقوتهما فيه، ولما يعلم من عدل عمر، وأيضًا: فإن المحل محل مناظرة، ومباحثة عن حكم مال من الأموال، ليس فيه ما يفضي إلى شيء مما يقوله أهل الهذيان من الشيعة. ثم الذي يقطع دابر العناد ما ذكرناه من تمكن علي وأهل بيته من الميراث، ولم يأخذوه، كما قلناه.
والوجه الرابع: نصّ قول عمر لهما، وحكايته عنهما في آخر الحديث، حيث قال لهما: (ثم جئتني أنت وهذا، وأنتما جميع، وأمركما واحد، فقلتم: ادفعها
(1) في (ج): أبقيا. وما أثبتناه أظهر في المعنى.
صَدَقَةٌ؟ قَالَا: نَعَم، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِخَاصَّةٍ لَم يُخَصِّص بِهَا أَحَدًا غَيرَهُ، قَالَ:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِن أَهلِ القُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} مَا أَدرِي هَل قَرَأَ الآيَةَ الَّتِي قَبلَهَا أَم لَا، قَالَ: فَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَينَكُم أَموَالَ بَنِي النَّضِيرِ، فَوَاللَّهِ مَا استَأثَرَ عَلَيكُم وَلَا أَخَذَهَا دُونَكُم، حَتَّى بَقِيَ هَذَا المَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأخُذُ مِنهُ نَفَقَةَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَجعَلُ مَا بَقِيَ أُسوَةَ المَالِ، ثُمَّ قَالَ: أَنشُدُكُم اللَّه الَّذِي بِإِذنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرضُ، أَتَعلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالَوا: نَعَم، ثُمَّ نَشَدَ عَلِيًّا وعَبَّاسًا، بِمِثلِ مَا نَشَدَ بِهِ القَومَ: أَتَعلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَم، قَالَ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
ــ
إلينا، فقلت: إن شئتم دفعتها إليكما، على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذتماها بذلك، قال: أكذلك؟ قالا: نعم). وهذه نصوص منهم على صحة ما ذكره.
وإنما طوَّلنا الكلام في هذا الموضع لاستشكال كثير من الناس لهذا الحديث، وللآتي بعده، ولخوض الشيعة في هذا الموضع (1)، ولتقوّلهم فيه بالعظائم على الخلفاء البررة الحنفاء.
وقول عمر: (إن الله خصَّ رسوله بخاصة لم يخصص بها أحدًا غيره). يعني بذلك أن الله جعل النظر (2) لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة دون غيره ممن كان معه من ذلك الجيش، كما رواه ابن وهب عن مالك (3)، ورواه أيضا ابن القاسم عنه.
(1) من (ج).
(2)
في (ج) و (م) و (هـ): النضير.
(3)
جاء في إكمال إكمال المعلم للأُبِّي (5/ 75): قيل: هي إباحة الغنائم له ولأمته، أو كونها له خاصة، أو تخصيصه بما أفاء الله عليه، إما بملكه كله كما قال الأكثر، أو بملكه التصرف والحكم فيه كما قال الجمهور. أي: جعل حكم ذلك له، يحكم فيه بما يراه.
أَبُو بَكرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم، فَجِئتُمَا تَطلُبُ مِيرَاثَكَ مِن ابنِ أَخِيكَ، وَيَطلُبُ هَذَا مِيرَاثَ امرَأَتِهِ مِن أَبِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا نُورَثُ، مَا تَرَكنَا صَدَقَةٌ. فَرَأَيتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا، وَاللَّهُ يَعلَمُ إِنَّهُ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلحَقِّ، ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو بَكرٍ وَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَوَلِيُّ أَبِي بَكرٍ، فَرَأَيتُمَانِي كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا، وَاللَّهُ يَعلَمُ إِنِّي لَصَادِقٌ بَارٌّ تَابِعٌ لِلحَقِّ فَوَلِيتُهَا، ثُمَّ جِئتَنِي أَنتَ وَهَذَا وَأَنتُمَا جَمِيعٌ، وَأَمرُكُمَا وَاحِدٌ، فَقُلتُم: ادفَعهَا إِلَينَا، فَقُلتُ: إِن شِئتُم دَفَعتُهَا إِلَيكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيكُمَا عَهدَ اللَّهِ أَن تَعمَلَا فِيهَا بِالَّذِي كَانَ يَعمَلُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذتُمَاهَا بِذَلِكَ، قَالَ: أَكَذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَم، قَالَ: ثُمَّ جِئتُمَانِي لِأَقضِيَ بَينَكُمَا، وَلَا وَاللَّهِ لَا أَقضِي بَينَكُمَا بِغَيرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِن عَجَزتُمَا عَنهَا فَرُدَّاهَا إِلَيَّ.
رواه أحمد (1/ 25)، والبخاري (5357)، ومسلم (1757)(49)، وأبو داود (2964)، والترمذي (1610)، والنسائي (7/ 136 - 137).
* * *
ــ
وقول عمر: (والله لا أقضي بينكما بغير ذلك)؛ أي: لا أولي أحدكما على جزء منها، والآخر على جزء آخر. وهذا هو الذي طلبا على ما قررناه.
وقوله: (فإن عجزتما عنها)؛ أي: عن القيام بها مجتمعين، كما قررناه.
وفي هذا الحديث أبواب من الفقه لا تخفى على متأمّل فطن.
* * *