المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

رواه البخاري (1562)، ومسلم (1211)(124)، وأبو داود (1779).

* * *

(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

[1083]

عَن عَائِشَةَ قَالَت: خَرَجنَا مع رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مهِلِّينَ بِالحَجِّ فِي أَشهُرِ الحَجِّ، وَفِي حُرُمِ الحَجِّ وَلَيَالِي الحَجِّ، حَتَّى نَزَلنَا بِسَرِفَ، فَخَرَجَ

ــ

مطعنًا على الشريعة زاعمًا: أن العادة قاضية بتواتره، فلا يختلف فيه، ولم يوجد ذلك إلا بالآحاد، فيقطع بكذبها. وهذا لا يلتفت إليه. وإن ما تقتضي العادة تواتره تواتر وعلم، وهو: أنه صلى الله عليه وسلم حج وأحرم من ذي الحليفة، وأنه تمادى في إحرامه إلى أن أكمل مناسك حجه، وحل من إحرامه عند طواف الإفاضة. وهذا كله معلوم بالنقل المتواتر الذي اشترك الجفلى (1) فيه؛ لأنه هو المحسوس لهم. وأما إحرامه فليس من الأمور التي يجب تواترها؛ لأنه راجع إلى نيته، ولا يطلع عليها إلا بالإخبار عنها، أو بالنظر في الأحوال التي تدل عليها.

ولما كان ذلك؛ فمنهم من نقل لفظه؛ لأنه سمعه منه في وقت ما، ومنهم من حدس وسبر؛ فأخبر عما وقع له، وحصل في ظنه. ولذلك قلنا: إن رواية من روى القران أولى، والله أعلم.

(15)

ومن باب: ما جاء في فسخ الحج في العمرة

قول عائشة رضي الله عنها: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشهر الحج، وفي حرم الحج، وليالي الحج)؛ لم يختلف في أن أول أشهر الحج شوال، واختلف

(1)"الجفلى": الجماعة.

ص: 311

إِلَى أَصحَابِهِ فَقَالَ: مَن لَم يَكُن مَعَهُ مِنكُم هَديٌ فَأَحَبَّ أَن يَجعَلَهَا عُمرَةً فَليَفعَل، وَمَن كَانَ مَعَهُ هَديٌ فَلَا. فَمِنهُم الآخِذُ بِهَا، وَالتَّارِكُ لَهَا مِمَّن لَم يَكُن

ــ

في آخرها: فقال مالك: آخرها آخر ذي الحجة، وبه قال ابن عباس، وابن عمر. وذهب عامة العلماء: إلى أن آخرها عاشر ذي الحجة، وبه قال مالك أيضًا. وروي عن ابن عباس وابن عمر مثله. وقال الشافعي: شهران وتسعة أيام من ذي الحجة. وروي عن مالك: آخر ذلك أيام التشريق.

وسبب الخلاف: هل يعتبر مسمَّى الأشهر - وهي ثلاثة - أو يعتبر الزمان الذي يفرغ فيه عمل الحج - وهو أيام التشريق - أو معظم أركان الحج - وهو يوم عرفة - أو يوم النحر؛ وهو اليوم الذي يتأتى فيه إيقاع طواف الإفاضة. وأبعدها قول مَن قال: التاسع.

وفائدة هذا الخلاف تعلق الدَّم بمن أخر طواف الإفاضة عن الزمان الذي هو عنده آخر الأشهر. وبسط الفروع في كتب الفقه.

و(حرم الحج): أزمان شهوره. و (ليالي الحج): ليالي أيام شهوره. وكررت ذلك تفخيمًا وتعظيمًا، ولذلك أتت بالظاهر مكان المضمر، وصار هذا كقولهم:

لا أرى الموتَ يسبقُ الموتَ شيءٌ

نغَّصَ الموتُ ذا الغِنى والفقيرا (1)

وقوله: (فمن أحب أن يجعلها عمرة فليفعل)؛ ظاهره التخيير، ولذلك كان منهم الآخذ، ومنهم التارك. لكن بعد هذا ظهر منه صلى الله عليه وسلم عزم على الأخذ بفسخ الحج في العمرة لما غضب ودخل على عائشة، فقالت له: من أغضبك أغضبه الله. فقال: (أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون). وعند هذا أخذ في ذلك كل من أحرم بالحج، ولم يكن ساق هديًا، وقالوا: فحللنا، وسمعنا، وأطعنا.

(1) البيت لعدي بن زيد، وقيل: لسوادة بن زيد بن عدي.

ص: 312

مَعَهُ هَديٌ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ مَعَهُ الهَديُ، وَمَعَ رِجَالٍ مِن أَصحَابِهِ لَهُم قُوَّةٌ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبكِي، فَقَالَ: مَا يُبكِيكِ؟ قُلتُ: سَمِعتُ كَلَامَكَ مَعَ أَصحَابِكَ فَسَمِعتُ بِالعُمرَةِ. قَالَ: وَمَا لَكِ؟ قُلتُ: لَا أُصَلِّي، قَالَ: فَلَا يَضُرُّكِ فَكُونِي فِي حَجِّكِ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَرزُقَكِيهَا، وَإِنَّمَا أَنتِ مِن بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيكِ مَا كَتَبَ عَلَيهِنَّ. قَالَت: فَخَرَجتُ فِي

ــ

وكان هذا التردد منهم: لأنهم ما كانوا يرون العمرة جائزة في أشهر الحج، وكانوا يقولون: إن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور. فبيَّن جواز ذلك لهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله عند الإحرام بلفظ الإباحة، ثم إنه لما رأى أكثر الناس قد أحرم بالحج مجتنبًا للعمرة أمرهم بالتحلل بالعمرة عند قدومهم مكة، تأنيسًا لهم، فلما رأى استمرارهم على ذلك عزم عليهم في ذلك، فامتثلوا، فتبين بقوله، ويحملهم على ذلك الفعل: أن بالعمرة في أشهر الحج جائز، ولما كان ذلك التحلل لذلك المعنى فهم الصحابة أن ذلك مخصوص بهم، ولا يجوز لغيرهم ممن أحرم بالحج أن يحل بعمل العمرة، ولقول الله تعالى:{وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمرَةَ لِلَّهِ} كما قال عمر رضي الله عنه: إن القرآن نزل منازل فأتموا الحج والعمرة كما أمركم الله. ولذلك قال أبو ذر: كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد خاصة؛ يعني بذلك: تمتعهم بتحللهم من حجهم بعمل العمرة. وقد ذهب بعض أهل الظاهر: إلى أن ذلك يجوز لآخر الدَّهر. والصحيح الأول؛ لما سبق.

وقولها: (فسمعت بالعمرة)؛ كذا لجمهور رواة مسلم. وفي كتاب ابن سعيد: (فمنعت العمرة)، وهو الصواب.

وقوله: (فعسى الله أن يرزقكيها)؛ أي: العمرة التي أردفت عليها الحجة، ولم تفرغ من عملها، فرجا النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرز الله لها أجر عمرتها وإن لم تعمل لها عملاً خاصًّا، كما قال لها:(يسعك طوافك لحجك وعمرتك).

ص: 313

حَجَّتِي حَتَّى نَزَلنَا مِنًى فَتَطَهَّرتُ، ثُمَّ طُفنَا بِالبَيتِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المُحَصَّبَ، فَدَعَا عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ أَبِي بَكرٍ، فَقَالَ: اخرُج بِأُختِكَ مِن الحَرَمِ فَلتُهِلَّ بِعُمرَةٍ، ثُمَّ لِتَطُف بِالبَيتِ، فَإِنِّي أَنتَظِرُكُمَا هَاهُنَا. قَالَت: فَخَرَجنَا فَأَهلَلتُ، ثُمَّ طُفتُ بِالبَيتِ وَبِالصَّفَا وَالمَروَةِ، فَجِئنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي مَنزِلِهِ مِن جَوفِ اللَّيلِ، فَقَالَ: هَل فَرَغتِ؟ قُلتُ: نَعَم. فَأذَنَ فِي أَصحَابِهِ بِالرَّحِيلِ، فَخَرَجَ فَمَرَّ بِالبَيتِ، فَطَافَ بِهِ قَبلَ صَلَاةِ الصُّبحِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَدِينَةِ.

رواه البخاري (1560)، ومسلم (1211)(123).

[1084]

وعَنها قَالَت: خَرَجنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمنَا مَكَّةَ تَطَوَّفنَا بِالبَيتِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَن لَم يَكُن سَاقَ

ــ

وقولها: (حتى نزلت منى، فتطهرت) يوم النَّحر، كما قالت فيما تقدَّم.

وقولها: (فطفنا بالبيت)؛ تعني: طواف الإفاضة.

وقولها: (فخرج فمرَّ بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح، ثم خرج إلى المدينة)؛ تعني به طواف الوداع.

ولا خلاف في أنه مستحب مرغَّب فيه مأمور به، غير أن أبا حنيفة يوجبه. ومن سننه: أن يكون آخر عمل الحاج، ويكون سفره بأثره؛ حتى يكون آخر عهده بالبيت؛ وهذا قول جمهور العلماء.

لكن رخص مالك في شراء بعض جهازه وطعامه بعد طوافه. وقاله الشافعي؛ إذا اشترى ذلك في طريقه. وإقامة يوم وليلة بعده طولٌ عند مالك. وقيل: ليس بطول. وأجاز أبو حنيفة إقامته بعده ما شاء. وغيرهم لا يجيز الإقامة بعده لا قليلاً ولا كثيرًا.

وقولها: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا أنه الحج)؛ أي: نظن، وكان هذا قبل أن يعلمهم بأحكام الإحرام وأنواعه.

وقولها: (فلما قدمنا مكة تطوفنا بالبيت)؛ تعني بذلك: النبي صلى الله عليه وسلم والناس

ص: 314

الهَديَ أَن يَحِلَّ قَالَت: فَحَلَّ مَن لَم يَكُن سَاقَ الهَديَ وَنِسَاؤُهُ لَم يَسُقنَ الهَديَ فَأَحلَلنَ قَالَت عَائِشَةُ: فَحِضتُ فَلَم أَطُف بِالبَيتِ فَلَمَّا كَانَت لَيلَةُ الحَصبَةِ قُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! يَرجِعُ النَّاسُ بِعُمرَةٍ وَحَجَّةٍ وَأَرجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ قَالَ: أَو مَا كُنتِ طُفتِ لَيَالِيَ قَدِمنَا مَكَّةَ؟ قَالَت: قُلتُ: لَا قَالَ: فَاذهَبِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنعِيمِ فَأَهِلِّي بِعُمرَةٍ، ثُمَّ مَوعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، قَالَت صَفِيَّةُ: مَا أُرَانِي إِلَّا حَابِسَتَكُم قَالَ: عَقرَى حَلقَى أَو مَا كُنتِ طُفتِ يَومَ النَّحرِ؟ قَالَت: بَلَى قَالَ: لَا بَأسَ انفِرِي. قَالَت عَائِشَةُ: فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُصعِدٌ مِن مَكَّةَ وَأَنَا مُنهَبِطَةٌ عَلَيهَا، أَو أَنَا مُصعِدَةٌ وَهُوَ مُنهَبِطٌ مِنهَا.

ــ

غيرها؛ لأنها لم تطف بالبيت ذلك الوقت لأجل حيضتها. وعلى هذا المعنى يحمل قولها: (لبينا بالحج)، فإنها تريد به غيرها، وأما هي فلبت بعمرة كما تقدَّم.

وأما قول صفية: (ما أراني إلا حابستكم)؛ ظنت أنها لا بدَّ لها من طواف الوداع، وأنها لا تطوف حتى تطهر، ومن ضرورة ذلك أن يحتبس عليها، فلما سمعها النبي صلى الله عليه وسلم ظنَّ أنها لم تطف طواف الإفاضة، فأجابها بما يدلُّ على استثقاله احتباسه بسببها، فقال:(عقرى، حلقى) الرواية فيه بغير تنوين، بألف التأنيث المقصورة.

قال القاضي: يقال للمرأة: (عقرى حلقى)؛ أي: مشوَّهة مؤذية. وقيل: تعقرهم وتحلقهم. وقيل: عقرى: ذات عقر.

و(حلقى): أصابها وجع الحلق. وقيل: هي كلمة تقولها اليهود للحائض. وقال أبو عبيد: صوابه: عقرًا، حلقًا - بالتنوين - لأن معناه: عقرها الله عقرًا. وهذا على مذهبهم - أعني: العرب - فيما يجري على ألسنتهم؛ مما ظاهره الدعاء بالمكروه، ولا يقصدونه، على ما تقدَّم في الطهارة.

وقوله: (لا بأس، انفري) دليل على: أن طواف الوداع ليس بواجب، ولا يجب بتركه دم.

ص: 315

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَت: خَرَجنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم نلبي نذكر حجا ولا عمرة وساق الحديث.

رواه مسلم (1211)(128 و 129).

[1085]

وعَنها قَالَت: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَربَعٍ مَضَينَ مِن ذِي الحِجَّةِ، أَو خَمسٍ، فَدَخَلَ عَلَيَّ وَهُوَ غَضبَانُ فَقُلتُ: مَن أَغضَبَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَدخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ؟ قَالَ: أَوَ مَا شَعَرتِ أَنِّي أَمَرتُ النَّاسَ بِأَمرٍ فَإِذَا هُم يَتَرَدَّدُونَ، وَلَو أَنِّي استَقبَلتُ مِن أَمرِي مَا استَدبَرتُ مَا سُقتُ الهَديَ مَعِي حَتَّى أَشتَرِيَهُ، ثُمَّ أَحِلُّ كَمَا حَلُّوا.

رواه مسلم (1211)(130).

ــ

وقولها: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر حجًّا ولا عمرة)؛ يحتمل أن يكون معناه: لا نسمي واحدًا منهما. ويستفاد منه: أن الإحرام بالنية، لا بالقول. ويحتمل أن يكون معناه: أن ذلك كان عند خروجهم من المدينة قبل أن يُبَيِّن لهم أنواع الإحرام ويأمرهم بها، كما تقدَّم.

وقولها: (من أغضبك أدخله الله النَّار)؛ كأنها سبق لها: أن الذي يغضب النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو منافق، فدعت عليه بذلك.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة)؛ هذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم ما أحرم به متحتمًا متعينًا عليه. وأنه كان مخيَّرًا بين أنواع الإحرام، فأحرم بأحدها، ثم إنه لما قلَّد الهدي لم يمكنه أن يتحلل حتى ينحره يوم النحر بمحله. فمعنى الكلام: لو ظهر لي قبل الإحرام ما ظهر عند دخول مكة من توقف الناس عن التحلل بالعمرة لأحرمت بعمرة، ولما سقت الهدي، وإنما قال ذلك تطييبًا لنفوسهم، وتسكينًا لهم.

وقوله: (حتى أشتريه)؛ يعني بمكة، أو ببعض جهاتها.

ص: 316

[1086]

وعَن أَبِي نَضرَةَ قَالَ: كَانَ ابنُ عَبَّاسٍ يَأمُرُ بِالمُتعَةِ، وَكَانَ ابنُ الزُّبَيرِ يَنهَى عَنهَا. قَالَ: فَذَكَرتُ ذَلِكَ لِجَابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ فَقَالَ: عَلَى يَدَيَّ دَارَ الحديث تَمَتَّعنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى كَانَ يُحِلُّ لِرَسُولِهِ مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ، وَإِنَّ القُرآنَ قَد نَزَلَ مَنَازِلَهُ،

ــ

وقوله: (كان ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها)؛ هذه المتعة التي اختلف فيها: هي فسخ الحج في العمرة التي أمرهم بها النبي صلى الله عليه وسلم. فكان ابن عباس يرى أن ذلك جائز لغير الصحابة، وكان ابن الزبير يرى أن ذلك خاص بهم. وهي التي قال فيها جابر بن عبد الله: على يدي دار الحديث، تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي التي منعها عمر رضي الله عنه واستدل على منعها بقول الله تعالى:{وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمرَةَ لِلَّهِ} ولا معنى لقول مَن قال: إن اختلافهما كان في الأفضل بين المتعة التي هي الجمع بين الحج والعمرة في عام واحد وسفر واحد، وبين غيرها من الإفراد والقران؛ لأنه لو كان اختلافهما في ذلك لكان استدلال عمر ضائعًا؛ إذ كان يكون استدلالاً في غير محله، غير أنه لما كان لفظ المتعة يقال عليهما بالاشتراك خفي على كثير من الناس، وكذلك يصلح هذا اللفظ لمتعة النكاح، ولذلك ذكرهما جابر عن عمر في نسق واحد. وكان ابن عباس أيضًا خالف في متعة النكاح، ولم يبلغه ناسخها على ما يأتي في النكاح إن شاء الله تعالى.

وقول جابر: (فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهى عنهما عمر رضي الله عنه، فلم نعد لهما)؛ هذا يدل على أن إجماع الصحابة انعقد على ترك العمل بتينك المتعتين، وأن تينك خاصتان بهم، ممنوعتان في حق غيرهم، كما قال أبو ذر.

وقول عمر رضي الله عنه: (إن القرآن قد نزل منازله)؛ أي: استقرت أحكامه، وثبتت معالمه، فلا يقبل النسخ ولا التبديل، بعد أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم،

ص: 317

فَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمرَةَ كَمَا أَمَرَكُم اللَّهُ، وَأَبِتُّوا نِكَاحَ هَذِهِ النِّسَاءِ، فَلَن أُوتَى بِرَجُلٍ نَكَحَ امرَأَةً إِلَى أَجَلٍ إِلَّا رَجَمتُهُ بِالحِجَارَةِ.

رواه مسلم (1217).

[1087]

وعَن أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كَانَت المُتعَةُ فِي الحَجِّ لِأَصحَابِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً.

رواه مسلم (1224).

[1088]

وعنه قال: لَا تَصلُحُ المُتعَتَانِ إِلَّا لَنَا خَاصَّةً، يَعنِي مُتعَةَ النِّسَاءِ وَمُتعَةَ الحَجِّ.

رواه مسلم (1224)(162).

ــ

ويعني بذلك: أن متعة الحج قد رفعت لما أمر الله بإتمام الحج والعمرة، ومتعة النكاح أيضًا كذلك؛ لما ذكر الله شرائط النكاح في كتابه، وبين أحكامه، فلا يزاد فيها، ولا ينقص منها شيء، ولا يغير.

وقوله: (وأبتوا نكاح هذه النساء)؛ يعني: اللاتي عقد عليهن نكاح المتعة؛ أي: اقطعوا نكاحهن. وهذا منه أمر، وتهديد، ووعيد شديد لمن استمر على ذلك بعد التقدمة.

وقوله: (إلا رجمته بالحجارة)؛ على جهة التغليظ. وظاهره: أنه كان يرجمه لأنه قد كان حصل عنده على القطع والبتات نسخ نكاح المتعة، ثم إنه تقدم بهذا البيان الواضح والتغليظ الشديد؛ فكأنه لو أتي بمن فعل ذلك بعد تلك الأمور لحكم له بحكم الزاني المحصن، ولم يقبل له اعتذارًا بجهل ولا غيره. قال أبو عمر بن عبد البر: لا خلاف بين العلماء في أن التمتع المراد بقوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالعُمرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا استَيسَرَ مِنَ الهَديِ} أنه الاعتمار في أشهر الحج

ص: 318