المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

[1196]

عَن ابنِ عُمَرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يحل لامَرأَةُ تؤمن

ــ

(51)

ومن باب: ما جاء أن المَحرَمَ من الاستطاعة

ظواهر أحاديث هذا الباب متواردةٌ على أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر سفرًا طويلًا إلا ومعها ذو محرم منها أو زوج، وسيأتي القول في أقل السفر الطويل، وقد مرَّ منه طرف في كتاب الصلاة، فيلزم من هذه الأحاديث أن يكون المَحرم شرطًا في وجوب الحج على المرأة لهذه الظواهر، وقد روي ذلك عن النخعي والحسن، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحاب الرأي وفقهاء أصحاب الحديث، وذهب عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والأوزاعي ومالك والشافعي إلى أن ذلك ليس بشرط. وروي مثله عن عائشة رضي الله عنها، لكن الشافعي - في أحد قوليه - يشترط أن يكون معها نساء أو امرأة ثقة مسلمة، وهو ظاهر قول مالك على اختلاف في تأويل قوله تخرج مع رجال أو نساء؛ هل بمجموع ذلك أم في جماعة من أحد الجنسين؟ وأكثر ما نقله أصحابنا عنه اشتراط النساء، وسبب هذا الخلاف مخالفة ظواهر هذه الأحاديث لظاهر قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ استَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلا} وذلك أن قوله: {مَنِ استَطَاعَ} ظاهره الاستطاعة بالبَدَن (1) كما قررناه آنفًا، فيجبُ على كل من كان قادرًا عليه ببدنه، ومن لم تجد محرمًا قادرة ببدنها فيجب عليها. فلما تعارضت هذه الظواهر اختلف العلماء في تأويل ذلك؛ فجمع أبو حنيفة ومن قال بقوله بينهما بأن جعل الحديث مبينًا (2) للاستطاعة في حق المرأة، ورأى مالك ومن

(1) في (ج): في البدن.

(2)

ساقط من (ع).

ص: 449

بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليالٍ

ــ

قال بقوله أن الاستطاعة بيّنة في نفسها في حق الرجال والنساء وأن الأحاديث المذكورة في هذا لم تتعرض للأسفار الواجبة، ألا ترى أنه قد اتفق على أنه يجب عليها أن تسافر مع غير ذي محرم إذا خافت على دينها ونفسها، وتُهاجر من دار الكفر كذلك (1)، ولذلك لم يختلف في أنها ليس لها أن تسافر سفرًا غير واجب مع غير ذي محرم أو زوج، ويمكن أن يقال: إن المنع في هذه الأحاديث إنما خرج لما يؤدي إليه من الخلوة وانكشاف عوراتهن غالبًا، فإذا أمن ذلك بحيث يكون في الرفقة نساء تنحاش إليهن جاز - كما قاله الشافعي ومالك، وأما مع الرِّجال المأمونين ففيه إشكال لأنه مظنة الخلوة وكشف العورة، وقد أقام الشرع المظنة مقام العلة في غير ما موضع، والله تعالى أعلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة هو على العموم لجميع المؤمنات؛ لأن امرأة نكرة في سياق النفي فتدخل فيه الشابة والمتجالَّة (2)، وهو قول الكافة. وقال بعض أصحابنا: تخرج منه المتجالَّة؛ إذ حالها كحال الرجل في كثير من أمورها. وفيه بُعد؛ لأن الخلوة بها تحرم، وما لا يطلع عليه من جسدها غالبًا عورة، فالمظنة موجودة فيها، والعموم صالح لها، فينبغي ألا تخرج منه، والله تعالى أعلم.

وقوله مسيرة ثلاث، أو يومين، أو يوم وليلة لا يتوهم منه أنه اضطراب أو تناقض، فإن الرواة لهذه الألفاظ من الصحابة مختلفون، روى بعض ما لم يَروِ بعض، وكل ذلك قاله النبي صلى الله عليه وسلم في أوقات مختلفةٍ بحسب ما سئل عنه.

(1) سقطت هذه اللفظة من (ع).

(2)

"المتجالة": التي كبرت وأسنَّت.

ص: 450

إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحرَمٍ.

رواه مسلم (1338)(414).

[1197]

وعَن أَبِي سَعِيدٍ الخدري قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا تَشُدُّوا الرِّحَالَ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ؛ مَسجِدِي هَذَا، وَالمَسجِدِ الحَرَامِ، وَالمَسجِدِ الأَقصَى. وَسَمِعتُهُ يَقُولُ: لَا تُسَافِر المَرأَةُ يَومَينِ مِن الدَّهرِ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحرَمٍ مِنهَا أَو زَوجُهَا.

رواه مسلم (827)(415)، وأبو داود (1726)، والترمذي (1169)، وابن ماجه (2898).

ــ

وأيضًا فإن كل ما دون الثلاث داخل في الثلاث، فيصح أن يعيّن بعضها، ويحكم عليها بحكم جميعها، فينص تارة على الثلاث وتارة على أقل منها لأنه داخل فيها، وقد تقدَّم الخلاف في أقل مدة السفر في باب القصر.

وقوله إلا ومعها ذو محرم منها، هذا يعم ذوي المحارم سواء كان بالصهر أو بالقرابة، وهو قول الجمهور، غير أن مالكًا قد كره سفر المرأة مع ابن زوجها، قال: وذلك لفساد الناس بعد.

وقوله لا تشدُّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ يعني: لا يسافر لمسجد لفعل قُربة فيه إلا إلى هذه المساجد لأفضليتها وشرفيتها على غيرها من المساجد، ولا خلاف في أن هذه المساجد الثلاثة أفضل من سائر المساجد كلها. ومقتضى هذا النهي أن من نذر المشي أو المضي إلى مسجد من سائر المساجد للصلاة فيه - ما عدا هذه الثلاثة - وكان منه على مسافةٍ يحتاج فيها إلى إعمال المَطِيِّ وشدِّ رحالها لم يلزمه ذلك؛ إلا أن يكون نذر مسجدًا من هذه المساجد الثلاثة، وقد ألحق محمد بن مسلمة مسجدَ قِباء بهذه المساجد على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

ص: 451

[1198]

وعن أبي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِلُّ لِامرَأَةٍ مُسلِمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ لَيلَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرمَةٍ مِنهَا.

وَفِي رِوَايَةٍ: مَسِيَرَة يَوم.

وَفِي أُخرَى: مَسِيرَةِ يَومٍ وَلَيلَةٍ.

رواه البخاري (1088)، ومسلم (1339)(419 و 421)، وأبو داود (1724)، والترمذي (1170)، وابن ماجه (2899).

[1199]

وعن ابنَ عَبَّاسٍ قال: سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَخطُبُ يَقُولُ: لَا يَخلُوَنَّ رَجُلٌ بِامرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحرَمٍ، وَلَا تُسَافِر امَرأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحرَمٍ. فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ امرَأَتِي خَرَجَت حَاجَّةً،

ــ

فصار شدُّ الرِّحال في هذا الحديث عبارة عن السفر البعيد، فأمَّا لو كان المسجد قريبًا منه لزمه المضي إليه إذا نذر الصلاة فيه؛ إذ لم يتناوله هذا النَّهي، وسيأتي لهذا مزيد بيان وتفريع.

وقوله مسيرة يوم أو ليلة، لما كان ذِكر أحدهما يدل على الآخر ويستلزمه اكتفى بذكر أحدهما عن الآخر، وقد جمعهما في الرواية الأخرى حيث قال يوم وليلة، والروايات يُفسر بعضها بعضًا. وقد وقع في بعض الروايات لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم (1) ولم يذكر مدة، فيقتضي بحكم إطلاقه منع السَّفر قصيره وطويله.

وقوله لا يخلون رجل بامرأة عامٌّ في المتجالات وغيرهن، وفي الشيوخ وغيرهم، وقد اتقى بعض السَّلف الخلوة بالبهيمة وقال: شيطانٌ مُغوٍ وأنثى حاضرة - أو كلامًا هذا معناه.

(1) رواه البخاري (1862)، ومسلم (1/ 222).

ص: 452