المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

[1285]

عَن عَائِشَةَ قَالَت: أُصِيبَ سَعدٌ يَومَ الخَندَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِن قُرَيشٍ ابنُ العَرِقَةِ، رَمَاهُ فِي الأَكحَلِ، فَضَرَبَ عَلَيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيمَةً فِي المَسجِدِ يَعُودُهُ مِن قَرِيبٍ،

ــ

(16)

ومن باب: إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره

(ابن العَرِقة) - بالعين المهملة، وكسر الراء- هي رواية الحفاظ، وضبط المتقنين، واسمه: حبان- بكسر الحاء- ابن أبي قيس بن علقمة بن عبد مناف. والعَرِقة: أمَّه، واسمها: قِلابةُ- بكسر القاف، والباء بواحدة- بنت سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص. وقيل: اسمه: جبار بن قيس، أحد بني العرقة. قال الدارقطني: والأول أصح. وقيل: العرَقة - بفتح الراء- قاله الواقدي. وقال: إن أهل مكة يقولونه كذلك، والأول أصح، وأشهر.

والأكحل: عرق معروف. قال الأصمعي: إذا قطع في اليد لم يرقأ الدم، وهو عرق الحياة، في كل عضو منه شعبة لها اسم.

وقوله: (فضرب عليه (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد، يعوده من قريب)؛ هذا نص على أن سعدًا كان مقيمًا في المسجد في هذه الحالة، وقد ذكر في هذا الحديث بعد هذا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إليه، فأتاه، فلما دنا قريبًا من المسجد،

(1) في النسخ: له. والمثبت من صحيح مسلم والتلخيص.

ص: 590

فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِن الخَندَقِ وَضَعَ السِّلَاحَ، فَاغتَسَلَ، فَأَتَى جِبرِيلُ وَهُوَ يَنفُضُ رَأسَهُ مِن الغُبَارِ، فَقَالَ: وَضَعتَ السِّلَاحَ؟ وَاللَّهِ مَا وَضَعنَاه! اخرُج إِلَيهِم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم: فَأَينَ؟ . فَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيظَةَ، فَقَاتَلَهُم رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم، فَنَزَلُوا عَلَى حُكمِ رَسُولِ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الحُكمَ فِيهِم إِلَى سَعدٍ. فقال: فَإِنِّي أَحكُمُ فِيهِم أَن تُقتَلَ المُقَاتِلَةُ، وَأَن تُسبَى الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ، وَتُقسَمَ أَموَالُهُم.

ــ

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قوموا إلى سيدكم)، وظاهره: أنه كان خارجًا عن المسجد، وأنه أتى إليه. وهذا إشكال أوجبه اعتقاد اتخاذ المسجد في الموضعين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد استدعى سعدًا لمسجده في المدينة، وليس الأمر كذلك، بل كان نازلًا على بني قريظة، ومنها وجه إليه، فيحتمل أن يكون سعد اختط هنالك مسجدًا يصلي فيه، فعبّر الراوي عنه. وقال بعض علمائنا: المسجد هنا تصحيف من بعض الرواة، وإنما اللفظ: فلما دنا من النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل ما جاء في كتاب أبي داود: فلما دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأن الراوي سمع: من النبي صلى الله عليه وسلم فتصحف عليه. والله تعالى أعلم.

وقوله: (فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق وضع السلاح، فاغتسل، فأتاه جبريل عليه السلام هكذا وقع في الرواية: فأتاه- بالفاء- والصواب: طَرحُها؛ فإنه جواب لما، ولا تدخل الفاء في جواب لما، وكأنها زائدة، كما زيدت الواو في جوابها في قول امرئ القيس:

فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى

بنا بطن حقفٍ ذي ركام عقنقل

وإنما هو: انتحى، فزاد الواو.

وقوله: (فقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم إلى سعد)؛ هذا تفسير، فينبغي أن يحمل عليه ما ليس

ص: 591

رواه أحمد (6/ 141 - 142)، والبخاري (4122)، ومسلم (1769)(65).

[1286]

وعن أبي سَعِيدٍ قَالَ: نَزَلَ أَهلُ قُرَيظَةَ عَلَى حُكمِ سَعدِ بنِ مُعَاذٍ، فَأَرسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعدٍ، فَأَتَاهُ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا قَرِيبًا مِن المَسجِدِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلأَنصَارِ: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُم، (أَو خَيرِكُم)، ثُمَّ

ــ

بمفسَّر مما في الرواية الأخرى: أنهم نزلوا على حكم سعد، فإنهم إنما نزلوا على حكمه بعد أن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم. ومن هذا الموضع يؤخذ (1) الحكم الذي أشرنا إليه في الترجمة، وفيه ردٌّ على الخوارج المانعين للتحكيم في الدين، ولم يصر أحد من علماء الصحابة، ولا غيرهم إلى منعه سوى الخوارج.

قال القاضي عياض: والنزول على حكم الإمام أو غيره جائز، ولهم الرجوع عنه ما لم يحكم، فإذا حكم لم يكن للعدو الرجوع، ولهم أن ينقلوا من حكم رجل إلى غيره. وهذا كله إذا كان الحكم ممن يجوز تحكيمه من أهل العلم، والفقه، والديانة، فإذا حكم لم يكن للمسلمين، ولا للإمام المجيز لتحكيمهم نقض حكمه، إذا حكم بما هو نظر للمسلمين من قتل، أو سباء (2)، أو إقرار على الجزية، أو إجلاء. فإن حكم بغير هذا من الوجوه التي لا يبيحها الشرع لم ينفذ حكمه، لا على المسلمين، ولا على غيرهم.

وقوله: (قوموا لسيدكم أو خيركم)؛ استدل بهذا من قال بجواز القيام للفضلاء، والعلماء، إكرامًا لهم، واحترامًا. وإليه مال عياض، وقال: إنما القيام المنهي عنه: أن يقام عليه وهو جالس، وهو الذي أنكره النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه، حيث صلوا قيامًا وهو قاعد للخدش الذي أصابه، فقال لهم: (ما لكم تفعلون فعل

11) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

(2)

في (ز): أو إسار.

ص: 592

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود) (1). وعليه حمل قول عمر بن عبد العزيز: إن تقوموا نقم، وإن تقعدوا نقعد، وإنما يقوم الناس لرب العالمين. وقد رويت لعبد الملك جواز قيام الرجل لوالديه، والزوجة لزوجها. ومذهب مالك: كراهية القيام لأحد مطلقًا. واستدل له على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (من سرَّه (2) أن يتمثل له الناس قيامًا، فليتبوأ مقعده من النار) (3). وعليه حمل قول عمر بن عبد العزيز. وقد جاء في كتاب أبي داود مرفوعًا:(لا تقوموا كما تقوم الأعاجم، يعظم بعضهم بعضًا)(4). ويعتضد هذا: بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقم له أحد، ولا يقوم هو لأحد. هذا هو المنقول من سيرته، وعليه درج الخلفاء رضوان الله عليهم، ولو كان القيام لأحد من العظماء مشروعًا، لكان أحق الناس بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه. ولم فلا.

وتأوَّل بعض أصحابنا حديث: (قوموا إلى سيدكم) على أن ذلك مخصوص بسعد، لما تقتضيه تلك الحال المعينة. وقال بعضهم: إنما أمرهم بالقيام له لينزلوه عن الحمار لمرضه، وفيه بُعد. والله تعالى أعلم.

واختلف تأويل الصحابة فيمن عنى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ هل الأنصار خاصة، أو جميع من حضر من المهاجرين والأنصار؟ وعلى الجملة: فهي قضية معينة، محتملة، والتمسك بالقاعدة المقررة أولى. والله تعالى أعلم.

والسيد: المتقدم على قومه بما فيه من الخصال (5) الحميدة.

(1) رواه ابن ماجه (3836) بلفظ: "لا تفعلوا كما يفعلُ أهل فارسَ بعظمائها".

(2)

في النسخ: أحب، والمثبت من (ع) و (ج) وسنن الترمذي.

(3)

رواه الترمذي (2755)، وأبو داود (5229)، وابن أبي شيبة (8/ 398).

(4)

رواه أبو داود (5230)، وابن ماجه (3836).

(5)

في (ع) و (ج): الخلال.

ص: 593

قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكمِكَ. قَالَ: تَقتُلُ مُقَاتِلَتَهُم، وَتُسبى ذُرِّيَّتَهُم. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ-صلى الله عليه وسلم: قَضَيتَ بِحُكمِ اللَّهِ.

ــ

وقوله: (أو خيركم)؛ على جهة الشك من الراوي، وفي بعض طرقه في غير كتاب مسلم:(قوموا إلى سيدكم) من غير شك.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن هؤلاء نزلوا على حكمك)؛ إنما قال له هذا بعد أن رد له الحكم، كما قال في الرواية المتقدمة.

وقوله: (إني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة، وتسبى الذرية، وتقسم الأموال)؛ إنما حكم فيهم بذلك لعظيم جناياتهم، وذلك: أنهم نقضوا ما بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم من العهد، ومالؤوا عليه قريشًا، وقاتلوه، وسبُّوه أقبح سبٍّ، فاستحقوا ذلك- لعنهم الله-، فلما حكم فيهم سعد بذلك، أخبره بأنه قد أصاب فيهم حكم الله، تنويهًا به، وإخبارًا بفضيلته، وانشراح صدره، وردعًا للقوم الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يتركهم، وأن يحسن فيهم (1)، فإنهم كانوا حلفاءهم، فلما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمهم إلى سعد انطلق مواليهم إلى سعد (2)، فكلموه في ذلك، وقالوا له: أحسن في مواليك، فلما أكثروا عليه، قال: أما إنه قد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم. فلما سمعوا ذلك يئسوا مما طلبوا، وعزّى بعضهم بعضًا في بني قريظة. ومن هاهنا تظهر خصوصية سعد بقوله:(قوموا إلى سيدكم)، وإن الأولى أنه إنما قال ذلك لقومه خاصة دون غيرهم؛ لأن قومه كلهم مالوا إلى إبقاء بني قريظة، والعفو عنهم، إلا ما كان منه رضي الله عنه لا جرم لما مات اهتز له عرش الرحمن. وسيأتي بيان معناه، إن شاء الله تعالى. وفيه دليل لمذهب مالك في تصويب (3) أحد المجتهدين، وإن لله في الواقع حكمًا معيَّنًا، فمن أصابه

(1) في (ع): إليهم.

(2)

ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

(3)

في (ع): تجويز.

ص: 594

وَرُبَّمَا قَالَ: قَضَيتَ بِحُكمِ المَلِكِ.

وفي رواية: لَقَد حَكَمتَ بِحكم الله.

رواه أحمد (3/ 22 و 71)، والبخاري (3043) و (4122)، ومسلم (1768)(64)، وأبو داود (5215) و (5216).

[1287]

وعن عروة عَن عَائِشَةَ: أَنَّ سَعدًا قَالَ: وَتَحَجَّرَ كَلمُهُ لِلبُرءِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ أَن لَيسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَن أُجَاهِدَ فِيكَ، مِن

ــ

فهو المصيب، ومن لم يصبه، فهو المخطئ، لكنه لا إثم عليه إذا اجتهد. وقد تقدَّم هذا المعنى. وغاية ما في هذا الحديث: أن بعض الوقائع فيها حكم معين لله، لكن من أين يلزم منه أن يكون حكم كل واقعة كذلك؟ بل يقال: إنها منقسمة إلى ما لله فيه حكم معين، ومنها ما ليس لله فيه ذلك، وتكميل ذلك في علم الأصول.

وقوله: (لقد قضيت بحكم الملك)؛ الرواية بكسر اللام، وهو الله تعالى. وكذلك في الرواية الأخرى:(بحكم الله)، وفي غير كتاب مسلم:(لقد حكمت بحكم الله من فوق سبع أرقعة)(1)، وهي السماوات، وهو جمع رقيع، كرغيف، وأرغفة. والفوقية هنا راجعة إلى أن الله تعالى أظهر الحكم لمن هناك من ملائكته، أو أثبته في اللوح المحفوظ. ونسبة الفوقية المكانية إلى الله تعالى محال؛ لأنه منزه عن الفوقية، كما هو منزه عن التحتية؛ إذ كل ذلك من لوازم الأجرام، وخصائص الأجسام، ويتقدّس عنها الذي ليس كمثله شيء من جميع الأنام (2).

وقوله: (وتحجَّر كَلمُهُ للبُرءِ)؛ أي: تجمَّد، وتهيَّأ للإفاقة، فظن عند ذلك أنها

(1) رواه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (2/ 240)، وانظر:"عيون الأثر" لابن سيد الناس (2/ 109) طبعة دار ابن كثير. تحقيق: محيي الدين مستو، ود. محمد العيد الخطراوي.

(2)

سبق أن أشرنا إلى وجود رأي يناقض ما ذهب إليه القرطبي رحمه الله من إثبات العلو لله عز وجل.

ص: 595

قَومٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَأَخرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِن كَانَ بَقِيَ مِن حَربِ قُرَيشٍ شَيءٌ فَأَبقِنِي أُجَاهِدهُم فِيكَ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَد وَضَعتَ الحَربَ بَينَنَا وَبَينَهُم، فَإِن كُنتَ وَضَعتَ الحَربَ بَينَنَا وَبَينَهُم فَافجُرهَا وَاجعَل مَوتِي فِيهَا. فَانفَجَرَت مِن لَبَّتِهِ، فَلَم يَرُعهُم - وَفِي المَسجِدِ خَيمَةٌ مِن بَنِي غِفَارٍ - إِلَّا وَالدَّمُ يَسِيلُ إِلَيهِم، فَقَالَوا: يَا أَهلَ الخَيمَةِ! مَا هَو الَّذِي يَأتِينَا مِن قِبَلِكُم؟ فَإِذَا سَعدٌ جُرحُهُ يَغِذُّ دَمًا، فَمَاتَ مِنهَا.

ــ

تفيق (1)، فقال عند ذلك ما ذكره من الدُّعاء.

وقوله: (وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها، واجعل موتي فيها)؛ هذا منه تَمَن للشهادة، وشوق لما عند الله تعالى، وليس تمنيًا للموت؛ لضر نزل به الذي نهي عنه.

وقوله: (فانفجرت من لبته)؛ كذا الرواية عن الأسدي (2)، بالباء بواحدة. وعن الصدفي:(من لِيته) بلام مكسورة، وياء باثنتين من تحتها ساكنة. وعند الخشني:(من ليلته)، قال: وهو الصواب. واللبة: المنحر. والليت: صفحة العنق.

وقوله: (فإذا سعد جرحه يغِذُّ) بكسر الغين، وتشديد الذال عند كافة الرواة، وعند بعضهم:(يَغذو)، ومعناه: يسيل. وهما لغتان. يقال: غذَّ الجرح يغِذُّ مشددًا، وغذا يغذو، وأنشدوا:

بطَعنٍ كَفَمِ الزّقِّ

غَذَا والزِّقُّ مَلآنُ

وعند ابن ماهان: (يصبُّ) مكان (يغذو). وهو تفسير للَّفظ الأول.

(1) فاق، يفيق، فَيْقًا: جاد بنفسه عند الموت.

(2)

في (هـ) و (ل) و (م): الأسود.

ص: 596

وفي رواية: قَالَ: فَانفَجَرَت مِن لَيلَتِهِ، فَمَا زَالَ يَسِيلُ حَتَّى مَاتَ. قَالَ: فَذَاكَ حِينَ يَقُولُ الشَّاعِرُ:

أَلَا يَا سَعدُ سَعدَ بَنِي مُعَاذٍ

فَمَا فَعَلَت قُرَيظَةُ وَالنَّضِيرُ؟

لَعَمرُكَ إِنَّ سَعدَ بَنِي مُعَاذٍ

غَدَاةَ تَحَمَّلُوا لَهُوَ الصَّبُورُ

تَرَكتُم قِدرَكُم لَا شَيءَ فِيهَا

وَقِدرُ القَومِ حَامِيَةٌ تَفُورُ

وَقَد قَالَ الكَرِيمُ أَبُو حُبَابٍ

أَقِيمُوا قَينُقَاعُ وَلَا تَسِيرُوا

وَقَد كَانُوا بِبَلدَتِهِم ثِقَالَا

كَمَا ثَقُلَت بِمَيطَانَ الصُّخُورُ

رواه مسلم (1769)(67 و 68).

* * *

ــ

قوله في الشعر: (فما فعلت قريظة والنضير)؛ الرواية عند الكافة بالفاء هكذا، والصواب:(لما فعلت) باللام المكسورة، وقد رواه بعضهم هنا كذلك، وهي الرواية في السير، ليس فيها غيرها.

وقوله:

تركتم قدركم لا شيء فيها

وقدر القوم حامية تفور

هذا ضرب مثلٍ لعزَّة الجانب، وعدم الناصر. ويريد بقوله: تركتم قدركم: الأوس لقتل حلفائهم من قريظة. وقدر القوم: يعني به: الخزرج لشفاعتها لحلفائها بني قينقاع، حتى من عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، وتركهم لعبد الله بن أُبَيّ، وهو: أبو حباب المذكور في الشعر.

وقوله: (كما ثقلت بِمَيطان الصخور). مَيطان: بفتح الميم، وبالنون، عليه أكثر الرواة، إلا أن أبا عبيد (1) البكري ضبطه بكسر الميم. قال: وهو من بلاد مزينة

(1) في (ج): عبيد الله.

ص: 597

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من أرض الحجاز. ووقع في رواية العذري: (بميطار) بالراء مكان النون. وفي رواية ابن ماهان: (بحيطان)، بالحاء مكان الميم. قال القاضي عياض: والصواب ما تقدم.

وقائل هذا الشعر إنما قاله يحرض سعدًا على استحياء بني قريظة وحلفائهم، ويلومه على فعله فيهم، فيذكره بفعل أبي حباب، عبد الله بن أُبي وشفاعته لحلفائه بني قينقاع.

ويستفاد من ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيمة لسعد في المسجد مع ما كان عليه من الجراح والدَّم: أن الضرورة، أو الحاجة إذا دعت إلى مثل ذلك جاز. وإن أدى إلى تلطيخ المسجد بشيء مما يكون من المريض، لكن ذلك على حسب الحاجة والضرورة. والله تعالى أعلم. هذا إن تنزلنا على أنه كان بمسجد مخصوص مباح للمسلمين، وإن تنزلنا على أنه كان بمسجد بيته كما تقدم، لم ينتزع منه شيء من ذلك. والله تعالى أعلم (1).

وقد قدَّمنا: أن المساجد الأصل فيها: الأمر بتطييبها، وتنظيفها، ومباعدتها عن الأنجاس، والأقذار. ووجه الضرورة في حديث سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجد له موضعًا غير المسجد، وكان بالنبي صلى الله عليه وسلم حاجة إلى معاهدته، وتفقد أحواله، فلو حمل إلى موضع بعيد منه، أدَّى إلى الحرج والمشقة على النبي صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا المعنى نبَّه الراوي بقوله:(يعوده من قريب).

* * *

(1) ساقط من (ع).

ص: 598