المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٣

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(9) كتاب الزكاة

- ‌(1) باب ما تجب فيه الزكاة، وكم مقدار ما يخرج

- ‌(2) باب ليس فيما اتُّخِذَ للقُنيَةً صدقة وتقديم الصدقة وتحمّلها عمن وجبت عليه

- ‌(3) باب الأمر بزكاة الفطر، وعمن تخرج، ومماذا تخرج، ومتى تخرج

- ‌(4) باب وجوب الزكاة في البقر والغنم، وإثم مانع الزكاة

- ‌(5) باب الحض على الصدقة والنفقة على العيال والأقربين

- ‌(6) باب فضل الصدقة على الزوج والولد اليتيم والأخوال

- ‌(7) باب الصدقة على الأم المشرِكة، وعن الأم الميتة

- ‌(8) باب الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

- ‌(9) باب أعمال البر صدقات

- ‌(10) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك، والأمر بالمبادرة للصدقة قبل فَوتِها

- ‌(11) باب لا يقبل الله الصدقة إلا من الكسب الطيب

- ‌(12) باب الصدقة وقاية من النار

- ‌(13) باب حث الإمام الناس على الصدقة إذا عنت فاقة

- ‌(14) باب النهي عن لَمزِ المتصدِّق والترغيب في صدقة المِنحَة

- ‌(15) باب مثل المتصدق والبخيل، وقبول الصدقة تقع عند غير مستحق

- ‌(16) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تتصدق من كسب زوجها والعبد من مال سيده

- ‌(17) باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير

- ‌(18) باب من أحصى أُحصِي عليه والنهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها

- ‌(19) باب أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌(20) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس

- ‌(21) باب من تحل له المسألة

- ‌(22) باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير سؤال ولا استشراف

- ‌(23) باب كراهية الحرص على المال والعُمر

- ‌(24) باب الغنى غِنَى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والقناعة

- ‌(25) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة

- ‌(26) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌(27) باب يَجِبُ الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى ويكفر من نَسبَ إليه جَورًا وذكر الخوارج

- ‌(28) باب لا تَحِلُّ الصدقة لمحمد ولا لآلِ محمد، ومن يستعمل على الصدقة

- ‌(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

- ‌(30) باب دعاء المصدق لِمن جاء بصدقته، والوصاة بالمصدق

- ‌(10) كتاب الصوم

- ‌(1) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال

- ‌(2) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان والنهي عن أن يتقدم رمضان بصوم

- ‌(3) باب في قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: إن بلالا ينادي بليل

- ‌(4) باب الحث على السحور، وتأخيره وتعجيل الإفطار

- ‌(5) باب إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

- ‌(6) باب النهي عن الوصال في الصوم

- ‌(7) بَابُ ما جاء فِي القُبلَة للصائم

- ‌(8) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب

- ‌(9) باب كفارة من أفطر متعمدا في رمضان

- ‌(10) باب جواز الصوم، والفطر في السفر والتخيير في ذلك

- ‌(11) باب من أجهده الصوم حتى خاف على نفسه وجب عليه الفطر

- ‌(12) باب الفطر أفضل لمن تأهب إلى لقاء العدو

- ‌(13) باب فضل صيام يوم عرفة وترك صيامه لمن كان بعرفة

- ‌(14) باب في صيام يوم عاشوراء وفضله

- ‌(15) باب النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وكراهية صوم أيام التشريق

- ‌(16) باب النهي عن اختصاص يوم الجمعة بصيام واختصاص ليلته بقيام

- ‌(17) باب نسخ الفدية، ومتى يقضى رمضان

- ‌(18) باب قضاء الصيام عن الميت

- ‌(19) باب فضل الصيام، والأمر بالتحفظ به من الجهل والرفث

- ‌(20) باب فيمن أصبح صائمًا متطوعا ثم يفطر وفيمن أكل ناسيا

- ‌(21) باب كيف كان صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع

- ‌(22) باب كراهية سرد الصوم، وبيان أفضل الص

- ‌(23) باب فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر وسرر شعبان، وصوم المحرم وستة أيام من شوال

- ‌(11) أبواب الاعتكاف وليلة القدر

- ‌(1) باب لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم

- ‌(2) باب للمعتكف أن يختص بموضع من المسجد فيضرب خيمة ومتى يدخلها، واعتكاف النساء في المسجد وأن المعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لحاجته الضرورية

- ‌(3) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان

- ‌(4) باب الأمر بالتماس ليلة القدر

- ‌(5) باب لَيلَةُ القَدرِ لَيلَةُ ثَلَاثُ وَعشرين

- ‌(6) باب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وما جاء في علاماتها

- ‌(12) كتاب الحج

- ‌(1) باب ما يجتنبه المحرم من اللباس والطيب

- ‌(2) باب المواقيت في الحج والعمرة

- ‌(3) باب الإحرام والتلبية

- ‌(4) باب بيان المحل الذي أهل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب تطيب المحرم قبل الإحرام

- ‌(6) باب ما جاء في الصيد، وفي لحمه للمحرم

- ‌(7) باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌(8) باب الفدية للمحرم

- ‌(9) باب جواز مداواة المحرم بالحجامة وغيرها مما ليس فيه طيب

- ‌(10) باب غسل المحرم رأسه

- ‌(11) باب المحرم يموت، ما يفعل به؟ وهل للحاج أن يشترط

- ‌(12) باب يغتسل المحرم على كل حال ولو كان امرأة حائضا، وإرداف الحائض

- ‌(13) باب تفعل الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف بالبيت

- ‌(14) باب أنواع الإحرام ثلاثة

- ‌(15) باب ما جاء في فسخ الحج في العمرة وأن ذلك كان خاصا بهم

- ‌(16) باب يجزئ القارن بحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد

- ‌(17) باب في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب في قوله تعالى: {أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌(19) باب الإهلال بما أهل به الإمام

- ‌(20) باب الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌(21) باب الهدي للمتمتع والقارن

- ‌(22) باب الاختلاف فيما به أحرم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب الطواف عند القدوم

- ‌(24) باب إباحة العمرة في أشهر الحج

- ‌(25) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

- ‌(26) باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وكم حج

- ‌(27) باب فضل العمرة في رمضان

- ‌(28) باب من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة، ومن أين خرج

- ‌(29) باب المبيت بذي طوى، والاغتسال قبل دخول مكة، وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(30) باب الرمل في الطواف والسعي

- ‌(31) باب استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌(32) باب الطواف على الراحلة لعذر، واستلام الركن بالمحجن

- ‌(33) باب في قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

- ‌(34) باب متى يقطع الحاج التلبية

- ‌(35) باب ما يقال في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌(36) باب الإفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة

- ‌(37) باب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها، وتقديم الظغن والضعفة

- ‌(38) باب رمي جمرة العقبة

- ‌(39) باب في الحلاق والتقصير

- ‌(40) باب من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

- ‌(41) باب طواف الإفاضة يوم النحر ونزول المحصب يوم النفر

- ‌(42) باب الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية

- ‌(43) باب التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وأجلتها والاشتراك فيها

- ‌(44) باب من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم، وفي ركوب الهدي

- ‌(45) باب ما عطب من هدي التطوع قبل محله

- ‌(46) باب ما جاء في طواف الوداع

- ‌(47) باب ما جاء في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفي صلاته فيها

- ‌(48) باب في نَقضِ الكَعبَةِ وَبِنَائِهَا

- ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

- ‌(50) باب فرض الحج مرة في العمر

- ‌(51) باب ما جاء أن المحرم من الاستطاعة

- ‌(52) باب ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

- ‌(53) باب التعريس بذي الحليفة إذا صدر من الحج أو العمرة

- ‌(54) باب في فضل يوم عرفة ويوم الحج الأكبر

- ‌(55) باب ثواب الحجِّ والعمرة

- ‌(56) باب تَمَلُّك دُور مكة ورِباعها وكم كان مكث المهاجر بها

- ‌(57) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها

- ‌(58) باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها

- ‌(59) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها

- ‌(60) باب المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدَّجال، وتنفي الأشرار

- ‌(61) باب إثم من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار

- ‌(62) باب فضل المنبر والقبر وما بينهما، وفضل أحد

- ‌(63) باب فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام، وما تشد الرحال إليه، والمسجد الذي أسس على التقوى، وإتيان قباء

- ‌(13) كتاب الجهاد والسير

- ‌(1) باب في التأمير على الجيوش والسرايا ووصيتهم، والدعوة قبل القتال

- ‌(2) باب النهي عن الغدر، وما جاء أن الحرب خدعة

- ‌(3) باب النهي عن تمنِّي لقاء العدو والصبر عند اللقاء والدعاء بالنصر

- ‌(4) باب النهي عن قتل النساء والصبيان وجواز ما يصاب منهم إذا بيتوا وقطع نخيلهم وتحريقها

- ‌(5) باب تخصيص هذه الأمة بتحليل الغنائم

- ‌(6) باب في قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}

- ‌(7) باب للإمام أن يخص (ل اتل بالسَّلب

- ‌(8) باب لا يستحق القاتل السَّلب بنفس القتل

- ‌(9) باب في التنفيل بالأسارى، وفداء المسلمين بهم

- ‌(10) باب ما يخمس من الغنيمة وما لا يخمس وكم يسهم للفرس والرجل

- ‌(11) باب بيان ما يصرف فيه الفيء والخمس

- ‌(12) باب تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصل إليه من الفيء ومن سهمه

- ‌(13) باب الإمام مُخيَّر في الأسارى وذكر وقعة يوم بدر، وتحليل الغنيمة

- ‌(14) باب في المن على الأسارى

- ‌(15) باب إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

- ‌(16) باب إذا نزل العدو على حكم الإمام فله أن يرد الحكم إلى غيره ممن له أهلية ذلك

- ‌(17) باب أخذ الطعام والعلوفة من غير تخميس

- ‌(18) باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام

- ‌(19) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم

- ‌(20) باب في غزاة حنين وما تضمنته من الأحكام

- ‌(21) باب في محاصرة العدو، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

- ‌(22) باب ما جاء أن فتح مكة عنوة وقوله عليه الصلاة والسلام: لَا يَقتِلُ قُرَشِيٌّ صَبرًّا بَعدَ اليَومِ

- ‌(23) باب صلح الحديبية وقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحًا مُبِينًا}

- ‌(24) باب في التحصين بالقلع والخنادق عند الضعف عن مقاومة العدو وطرف من غزوة الأحزاب

- ‌(25) باب في اقتحام الواحد على جمع العدو، وذكر غزوة أحد وما أصاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(26) باب فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قريش

- ‌(27) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على الجفاء والأذى

- ‌(28) باب جواز إعمال الحيلة في قتل الكفار وذكر قتل كعب بن الأشرف

- ‌(29) باب في غزوة خيبر وما اشتملت عليه من الأحكام

- ‌(30) باب في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام

- ‌(31) باب خروج النساء في الغزو

- ‌(32) باب لا يسهم للنساء في الغنيمة بل يحذين منه

- ‌(33) باب عدد غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(34) باب في غزوة ذات الرِّقاع

- ‌(35) باب ترك الاستعانة بالمشركين

- ‌(36) باب السن الذي يجاز في القتال

- ‌(37) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

- ‌(38) باب في المسابقة بالخيل، وأنها معقود في نواصيها الخير، وما يكره منها

- ‌(39) باب الترغيب في الجهاد وفضله

- ‌(40) باب فضل القتل في سبيل الله تعالى

- ‌(41) باب في قوله تعالى: {أَجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ} الآية

- ‌(42) باب في رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وفيمن قتل كافرًا

- ‌(43) باب فضل الحمل في سبيل الله والجهاد ومن دل على خير

- ‌(44) باب في البعوث ونيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو بشر

- ‌(45) باب في قوله تعالى: {لا يَستَوِي القَاعِدُونَ} الآية

- ‌(46) باب بعث العيون في الغزو وما جاء: أن الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌(47) باب في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ}

- ‌(48) باب الإخلاص وحسن النية في الجهاد

- ‌(49) باب إثم من لم يُخلص في الجهاد وأعمال البر

- ‌(50) باب الغنيمة نقصان من الأجر وفيمن مات ولم ينو الغزو وفيمن تمنى الشهادة

- ‌(51) باب الغزو في البحر

- ‌(52) باب في فضل الرِّباط، وكم الشهداء

- ‌(53) باب في قَولِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم}

- ‌(54) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين)

- ‌(55) باب من آداب السفر

الفصل: ‌(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

(49) باب الحج عن المعضوب والصبي

[1193]

عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الفَضلُ بنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَتهُ امرَأَةٌ مِن خَثعَمَ تَستَفتِيهِ، فَجَعَلَ الفَضلُ يَنظُرُ إِلَيهَا، وَتَنظُرُ إِلَيهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصرِفُ وَجهَ الفَضلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ قَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدرَكَت أَبِي شَيخًا كَبِيرًا لَا يَستَطِيعُ أَن يَثبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنهُ؟ قَالَ: نَعَم وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ.

ــ

(49)

ومن باب: الحج عن المعضوب

قوله: (فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه)؛ هذا النظر منهما بمقتضى الطباع؛ فإنها مجبولةٌ على الميل إلى الصور الحسنة. ولذلك قال في رواية: (وكان الفضل أبيض وسيمًا)؛ أي: جميلًا. و (صرف النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل إلى الشق الآخر)؛ منع له من مقتضى الطبع، وردٌّ له (1) إلى مقتضى الشرع.

وفيه دليل: على أن المرأة تكشف وجهها في الإحرام، وأنها لا يجب عليها ستره وإن خيف منها (2) الفتنة، لكنها تندب إلى ذلك، بخلاف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الحجاب عليهن كان فريضة.

وقولها: (إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة)؛ هذا هو المسمَّى بالمعضوب. والعضب: القطع. وبه سُمِّي السيف: عضبًا، وكأن من انتهى إلى هذه الحالة قطعت أعضاؤه؛ إذ لا يقدر على شيء. وقد

(1) ساقط من (ج).

(2)

في (ع): منه.

ص: 441

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَبِي شَيخٌ كَبِيرٌ عَلَيهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ

ــ

بيَّنَتُه في الرواية الأخرى بقولها: (لا يستطيع أن يستويَ على ظهر بعيره. فبمجموع الروايتين يحصل: أنه لا يقدر على الاستواء على الراحلة، ولو استوى لم يثبت عليها.

وقولها: (أدركت أبي)، وفي الرواية الأخرى:(عليه فريضة الله في الحج)؛ ظاهرٌ في أن من لم يستطع الحج بنفسه أنه يخاطب به. وبهذا الظاهر أخذ الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة، والجمهور على تفصيل لهم يأتي إن شاء الله تعالى. وخالفهم في ذلك مالك وأصحابه، ورأوا: أن هذا الظاهر مخالف لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ استَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلا} فإن الأصل في الاستطاعة إنما هي القوة بالبدن. ومنه قوله تعالى: {فَمَا اسطَاعُوا أَن يَظهَرُوهُ وَمَا استَطَاعُوا لَهُ نَقبًا} ؛ أي: ما قدروا، ولا قووا. وبالجملة: فإذا قال القائل: فلان مستطيع، أو غير مستطيع. فالظاهر منه السابق إلى الفهم: نفي القدرة أو إثباتها، فلما عارض ظاهر الحديث ظاهر القرآن رجح مالك رحمه الله ظاهر القرآن. وهو مرجح بلا شك من أوجه: منها: أنه مقطوع بتواتره. ومنها: أن هذا القول إنما هو قول المرأة على ما ظنت. ثم إنه يحتمل أن يكون معنى: (أدركت أبي): أن الحج فرض وأبوها حي على تلك الحالة الموصوفة.

قلت: وهذا التأويل، وإن قبله قولها:(أدركت). فلا يقبله قولها في الرواية الأخرى: (عليه فريضة الحج). لكن هذا كله منها ظن وحسبان، ولا حجة في شيء من ذلك، فإنها ظنت الأمر على خلاف ما هو عليه. ولا يقال: فقد أجابها رسول الله صلى الله عليه وسلم على سؤالها، ولو كان سؤالها غلطًا لما أجابها عليه، ولبينه لها، فإن تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز، لأنا نقول: إنه لم يُجبها على هذا القول، بل على قولها:(أفأحج عنه؟ ) فقال لها: (نعم). أو: (فحجي عنه) على اختلاف

ص: 442

فِي الحَجِّ، وَهُوَ لَا يَستَطِيعُ أَن يَستَوِيَ عَلَى ظَهرِ بَعِيرِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَحُجِّي عَنهُ.

ــ

الرواية، وإنما قال لها ذلك لما رأى من حرصها على إيصال الخير والثواب لأبيها، فأجابها إلى ذلك. كما قال للأخرى التي قالت: إن أمي نذرت أن تحجَّ، فلم تحجَّ حتى ماتت، أفأحجَّ عنها؟ فقال:(حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته عنها؟ ) قالت: نعم (1)؛ ففي هذا ما يدل على أنه من باب التطوُّعات، وإيصال الخير والبرِّ للأموات. ألا ترى أنه قد شبَّه فعل الحج بالدَّين؟ ! وبالإجماع: لو مات ميت (2) وعليه دين لم يجب على وليه قضاؤه من ماله، فإن تطوع بذلك تأدَّى الدين عنه. ولا يبعد في كرم الله وفضله إذا حجَّ الولي عن الميت الصَّرورة (3) أن يعفو الله عن الميت بذلك، ويثيبه عليه، أو لا يطالبه بتفريطه. وقد تقدَّم الكلام على هذا المعنى في الصوم. ولم يتعرض النبي صلى الله عليه وسلم لقولها؛ لأنه فهم أن مرادها الاحتمال الذي قدمناه. والله تعالى أعلم.

قلت: وقد قال بعض أصحابنا - وهو أبو عمر بن عبد البر -: حديث الخثعمية عند مالك وأصحابه مخصوص بها. وقال آخرون: فيه اضطراب. قلت: وفي هذين القولين بُعد. والصحيح ما قدَّمته. والله أعلم.

وقد قال بعض أصحابنا بموجب حديث الخثعمية فقال: لا تجوز النيابة في الحج إلا للابن عن أبيه خاصة. وفي هذا الحديث ردٌّ على الحسن بن حييِّ حيث قال: لا يجوز حج المرأة عن الرجل.

وقد اختلف العلماء في النيابة في الحج قديمًا وحديثًا. فحكي عن النخعي

(1) رواه مسلم (1148)، وأبو داود (3307)، والترمذي (716).

(2)

من (هـ) و (ج).

(3)

"الصرورة": الذي لم يحجَّ قطُّ.

ص: 443

رواه أحمد (1/ 346)، والبخاري (1513)، ومسلم (1334) و (1335) وأبو داود (1809)، والئسائي (5/ 118)، وابن ماجه (2909).

ــ

وبعض السَّلف: لا يحج أحدٌ عن أحد جملة من غير تفصيل. وحكي مثله عن مالك. وقال جمهور الفقهاء: يجوز أن يحج عن الميت، عن فرضه، ونذره، وإن لم يوص به (1)، ويجزئ عنه. واختلف قول الشافعي رحمه الله في الإجزاء عن الفرض. ومذهب مالك، والليث، والحسن بن حيي: أنه لا يحج أحدٌ عن أحد إلا عن ميت لم يحج حجة الإسلام، ولا ينوب عن فرضه. قال مالك: إذا أوصى به. وكذلك عنده يتطوع بالحج عن الميت إذا أوصى به. وأجاز أبو حنيفة، والثوري وصية الصحيح بالحج عنه تطوُّعًا. وروي مثله عن مالك.

وسبب الخلاف في هذه المسألة: ما قد أشرنا إليه من معارضة الظواهر بعضها بعضًا، ومعارضة القياس لتلك الظواهر، واختلافهم في تصحيح حديثي جابر وابن عباس. فأما حديث جابر: فخرَّجه عبد الرزاق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يدخل بالحجة الواحدة ثلاثة الجنة: الميت، والحاج، والمنفِّذ لذلك)(2). في إسناده أبو معشر؛ نجيح، وأكثر الناس يضعفه، ومع ضعفه يكتب حديثه.

وأما حديث ابن عباس: فخرَّجه أبو داود. قال فيه: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يقول: لبيك عن شبرمة. فقال: (من شبرمة؟ ) قال: أخ لي، أو قريب لي. فقال:(حججت عن نفسك؟ ) قال: لا. قال: (حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة)(3). علله بعضهم: بأنه قد روي موقوفًا، والذي أسنده ثقة. وقد قال سفيان، والحسن بن علي: لا يحج في الوصية بالحج من لم يحجَّ عن نفسه، أخذًا بحديث

(1) في (ع) و (ج): يفرض له.

(2)

رواه البيهقي (5/ 180 و 356).

(3)

رواه أبو داود (1811)، وابن ماجه (2903).

ص: 444

[1194]

وعَن ابنِ عَبَّاسٍ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ رَكبًا بِالرَّوحَاءِ فَقَالَ: مَن القَومُ؟ قَالُوا: المُسلِمُونَ فَقَالُوا: مَن أَنتَ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ. فَرَفَعَت إِلَيهِ امرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَت: أَلِهَذَا حَجٌّ

ــ

شبرمة هذا. وقاله الشافعي فيمن حج عن ميِّت. وقال غيرُ مَن ذكر: بجواز ذلك، وإن كان الأولى هو الأول.

والجمهور على كراهية الإجارة في الحج. وقال أبو حنيفة: لا تجوز. وقال مالك والشافعي - في أحد قوليه -: لا تجوز، فإن وقع مضى. وقال بعض أصحابنا بجواز ذلك ابتداءً.

و(الرَّوحاء): موضع معروف من عمل الفرع، بينه وبين المدينة نحو الأربعين ميلًا. وفي كتاب مسلم: ستة وثلاثون ميلًا. وفي كتاب ابن أبي شيبة: ثلاثون ميلًا. و (الركب): أصحاب الإبل الرَّاكبون عليها.

وقوله (1): (مَنِ القوم؟ ) سؤال من لم يعلم مَن كانوا، إما لأنهم كانوا في ليل، وإما لأن هؤلاء الركب (2) كانوا فيمن أسلم ولم يهاجروا.

و(رفع المرأة الصبيَّ)؛ يدل على صغره، وأنه لم يكن جفرًا (3)، ولا مراهقًا؛ إذ لا ترفعه غالبًا إلا وهو صغير. وفي الموطأ: فأخذت بضبعي (4) صبي لها وهو في محفّتها. وفي غيره: فأخرجته من محفّتها. وهو حجة للجمهور في أن الصغير ينعقد حجُّه، ويجتنب ما يجتنبه الكبير (5). وهو ردٌّ على قوم من أهل البدع منعوا حج الصبيِّ،

(1) في الأصول: وقولهم. والصواب ما أثبتناه.

(2)

في (ج): القوم.

(3)

قال في اللسان: الجَفْر: الصبي إذا انتفخ لحمه، وأكل، وصارت له كرش.

(4)

يقال: أخذ بضبعيه، أي: أمسك بعضديه.

(5)

ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

ص: 445

قَالَ: نَعَم، وَلَكِ أَجرٌ.

رواه أحمد (1/ 219)، ومسلم (1336)(409)، وأبو داود (1736)، والنسائي (5/ 120 - 121).

* * *

ــ

وعلى أبي حنيفة إذ يقول: لا ينعقد، وإنما هو عنده من باب التمرين، ولا يلزم أن يجتنب شيئا يجتنبه المحرم. وكلُّ من قال بصحة حج الصغير متفقون: على أنه لا يجزئه عن حجة الإسلام. وقد شذَّت فرقة لا مبالاة بها، فقالت: يجزئه عنها (1)، بدليل: أن الصبي لا يجب عليه حكم شرعًا اتفاقًا، وإنما الخلاف: هل يُخاطبون بخطاب الندب من جهة الله تعالى؟ أو: إنما المخاطب أولياؤهم بحملهم على آداب الشريعة، وتمرينهم عليها، وأخذهم بما يمكنهم من أحكامها في أنفسهم، وأموالهم. وهذا هو المرتضى في (2) الأصول. ثم لا بُعدَ في أن الله تعالى يثيبهم على ما يصدر عنهم من أفعال البر والخير، فإن الثواب فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء. وبهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكثير من العلماء. أعني: أنهم قالوا: إنهم يثابون على طاعاتهم، ولا يعاقبون على سيئاتهم.

واختلف العلماء في الصبي إذا أحرم بالحج ثم بلغ: فقال مالك: لا يرفض إحرامه، ويتم حجَّه، ولا يجزئه عن حجة الإسلام. وقال: إن استأنف الإحرام قبل الوقوف بعرفة أجزأه عنها. وقال أبو حنيفة: يلزمه تجديد النية للإحرام، ورفض الأولى، إذ لا يترك فرضٌ لنافلة. وقال الشافعي: يجزئه، ولا يحتاج إلى تجديد نيَّةٍ.

والخلاف في يحرم ثم يُعتق كالخلاف في الصبي.

وقوله: (ولك أجر)؛ يعني: فيما تكلفته من أمره بالحج وتعليمها إيَّاه، وتجنيبها إيَّاه ممنوعات الإحرام.

(1) زاد في (ج): وهو فاسد.

(2)

في (ج): من.

ص: 446