الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تنبيه) : أخرج ابن أبي عاصم حديث ابن عمر في كتابه "السنة" (رقم
1264) من طريق أخرى عنه نحوه، وزاد في آخره:
"قال ابن عمر: والله! ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ لنا أبا جهل "!
فهي زيادة باطلة لمخالفتها لتلك الشواهد المشار إليها آنفاً، مع ضعف الإسناد. *
معتدَّة الوفاة تُحِد بالسواد ثلاثاً فقط
3226
- (تسلّبي ثلاثاً، ثم اصنعي ما شئتِ. قاله لأسماء بنت
عُميسٍ لما أصيب زوجُها جعفرُ بن أبي طالب) .
أخرجه ابن حبان في "صحيحه "(745- موارد) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2/44) ، وأحمد (6/438) ، وابن سعد (8/282) ، وابن جرير الطبري في "التفسير"(2/318) ، والطبراني في"المعجم الكبير (24/139/ 369) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان " (1/187) ، والبيهقي في "السنن " (7/438) ، و"معرفة الآثار" (6/61/4676) من طرق كثيرة عن محمد بن طلحة بن مُصرِّف عن الحكم بن عُتيبة عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن أسماء بنت عُميس أنها قالت: لما أصيب جعفر بن أبي طالب؛ أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
…
فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وقد أعله البيهقي بالانقطاع بين عبد الله بن شداد وأسماء، وبمحمد بن طلحة!
أما الانقطاع؛ فدعوى باطلة؛ فإن عبد الله من كبار التابعين الثقات، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأسماء خالته، ولم يُرم بتدليس.
وأما محمد بن طلحة؛ فهو من رجال الشيخين، وفيه كلام يسير لا يسقط به
حديثه، ولذلك جزم الذهبي في "المغني " بأنه ثقة. وقال الحافظ:
"صدوق له أوهام ".
ولذلك قوى إسناده في "الفتح "(9/487) ، وذكر عن أحمد أنه صححه.
وقد رد ابن التركماني على البيهقي إعلاله بما تقدم رداً قوياً، فراجعه.
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "تسلَّبي "- كما قال ابن الأثير-:
"أي: البسي ثوب الحداد، وهو (السِّلاب) ، والجمع (سُلُب)، وتسلبت المرأة:
إذا لبسته. وقيل: هو ثوب أسود تُغطي به المُحِد رأسها".
فأقول: هذا المعنى هو صريح في رواية أحمد؛ فإنها بلفظ:
"البسي ثوب الحداد ثلاثاً، ثم اصنعي ما شئت ".
ولكن في رواية أخرى له (6/369) بلفظ:
"لا تُحِدِّي بعد يومك هذا".
وهو شاذ عندي بهذا اللفظ، لمخالفته للطرق المتقدمة من جهة، وللحديث المتواتر عن جمع من أمهات المؤمنين وغيرهن- من جهة أخرى- الصريح في أن المتوفى عنها زوجها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً، وهو مخرج في"الإرواء"(2114) . فذهب بعض العلماء إلى أن هذا الحديث المتواتر ناسخ لحديث الترجمة،
ومنهم أبو جعفر الطحاوي.
فأقول: لو كان الحديث محفوظاً باللفظ الثاني؛ لكان القول بالنسخ مما لا بد منه، أما والمحفوظ إنما هو باللفظ الأول:"تسلبي ثلاثاً"؛ فهو أخص من الحديث المتواتر، فيستثنى الأقل من الأكثر، أي: تحد بما شاءت من الثياب الجائزة غير
السواد؛ إلا في الثلاثة أيام، وهذا هو اختيار الإمام ابن جرير، قال- رحمه الله:
"فإنه غير دالٍّ على أن لا إحداد على المرأة، بل إنما دلَّ على أمر النبي إياها
بالتسلب ثلاثاً، ثم العمل بما بدالها من لبس ما شاءت من الثياب مما يجوز
للمعتدة لبسه؛ مما لم يكن زينة ولا طيباً؛ لأنه قد يكون من الثياب ما ليس بزينة ولا ثياب تسلُّب، وذلك كالذي أذن صلى الله عليه وسلم للمتوفى عنها أن تلبس من ثياب
العصب وبرود اليمن؛ فإن ذلك لا من ثياب زينة، ولا من ثياب تسلُّب ".
قلت: وهذا هو العلم والفقه والجمع بين الأحاديث، فعضَّ عليه بالنواجذ.
والله هو الموفق لا رب سواه.
(تنبيه) : إن من أعجب وأغرب التحريفات التي مرَّت بي في حياتي العلمية
- وقد دخلت في الثمانين من عمري- ما أصاب هذا الحديث في لفظ (تسلَّبي) :
فقد وقع فى"الموارد"(745) : "سلَّمي "وكذلك وقع في أصله"صحيح ابن حبان "(3138 - دار الكتب- بيروت) ! وفي طبعة المؤسسة (3148)"تسلَّمي "، وكذا في "طبقات ابن سعد"(8/282) !
وفي "شرح المعاني "، و"المعجم الكبير":"تسكني "!
وفي "سنن البيهقي ": "تسلبني "، وفي "المعرفة ":"لا تسلني " بدون الباء الموجودة، ولكني أظن أنه خطأ مطبعي؛ لأن المعلق عليه أفاد أن الفرق بين كتابي البيهقي"السنن"و"الآثار"إنما هو زيادة حرف (لا) النافية، وقال:"كذا في المخطوطة " يعني أن فيها: "لا تسلبني "!
وقد نبَّه الحافظ- رحمه الله في "الفتح "(9/448) على خطأ ابن حبان، وجزم بأن الصواب ما أثبتُّه أعلاه. ثم قال: