الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في التحسين والتصحيح؟! فلوسلمنا جدلاً بضعفها- كما زعم- فلم لا يقال: يقوي بعضها بعضاً؛ كما هي القاعدة المعروفة عند العلماء؟! فأين هذا القول وقائله من قول الحافظ الذهبي وقائله:
"قد تيقنا بطرق لا محيد عنها نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أدبار النساء، وجزمنا بتحريمه، ولي في ذلك مصنف كبير"؟!
انظر "آداب الزفاف "(ص 106 ـ طبع المكتبة الإسلامية) . *******
3379
- (من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم امرئ مسلم أن يهريقه؛ كأنما يذبح به دجاجة، كلما تعرض لباب من أبواب الجنة؛ حال الله بينه وبينه، ومن استطاع أن لا يجعل في بطنه إلا طيباً فإن أول ما ينتن من الإنسان بطنه) .
أخرجه الطبراني فى "المعجم الكبير"(2/ 171 / 1662) عن أبي كامل الجحدري-، و"المعجم الأوسط " (9/225/8490) والبيهقي في "شعب الإيمان " (4/347/5350) كلاهما عن أبي بكر بن أبي الأسود- قالا: ثنا أبو عوانة عن قتادة عن الحسن عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:......فذكره، - السياق للبيهقي-، وقال:
"وكذلك رواه أبو كامل عن أبي عوانة مرفوعاً، والصحيح موقوف "! وقال الهيثمي: (7/297)
" رواه الطبراني في " الأوسط "، و" الكبير"، ورجاله رجال (الصحيح) ". وهذا أدق من قول المنذري (3/203)
"رواه الطبراني، ورواته ثقات ".
قلت: وأبو عوانة ثقة من رجال الشيخين، وكذلك من فوقه؛ فهو إسناد صحيح لولا عنعنة الحسن- وهو البصري-.
لكنه قد صح مرفوعاً من غير طريقه، فلا وجه لإعلاله بالوقف؛ لأن الرفع زيادة يجب قبولها، ولا سيما أن الذي أوقفه كان اختلط، وهو سعيد بن إياس الجريري، فقد قال: عن طريف أبي تميمة قال:
شهدت صفوان وجندباً وأصحابه وهو يوصيهم، فقالوا: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: سمعته يقول:
"من سمع سمع الله به يوم القيامة". قال:
"ومن يشاقق يشقق الله عليه يوم القيامة".
قالوا: أوصنا! قال:
"إن أول ما ينتن.. " فذكر الحديث مختصراً جملة الدجاجة وأبواب الجنة،
مع تقديم وتأخير.
هكذا أخرجه البخاري (7152)، والبيهقي في "شعب الإيمان " (5/54/ 5753) . وقال الحافظ في ترجمة الجريري من "التقريب ":
"ثقة، اختلط قبل موته بثلاث سنين ".
وعندي جواب آخر على افتراض أن الجريري حفظه- وهو قول الحافظ في "الفتح "(13/129) ـ:
"وهذا لو لم يرد مصرحاً برفعه؛ لكان في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال بالرأي ". قلت: فكيف وقد صح مرفوعاً؟! فقال هشام بن عمار: ثنا علي بن سليمان
الكلبي: حدثني الأعمش عن أبي تميمة عن جندب بن عبد الله الأزدي- صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال:
انطلقت أنا وهو إلى البصرة، حتى أتينا مكاناً يقال له:(بيت المسكين) ، وهو
من البصرة مثل (الثوية) من الكوفة، فقال: هل كنت تدارس أحداً القرآن؟ فقلت: نعم، قال: فإذا أتينا البصرة؛ فأتني بهم، فأتيته بصالح بن مسرح، وبأبي بلال، ونجدة، ونافع بن الأزرق، وهم في نفسي يومئذ من أفاضل أهل البصرة (1) ، فأنشأ يحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال جندب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه؛ كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يحولن بين أحدكم وبين الجنة- وهو ينظر إلى أبوابها- ملء كف دم مسلم أهراقه ظلماً ".
قال: فتكلم القوم، فذكروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو ساكت يستمع منهم، ثم قال:
لم أر كاليوم قط قوماً أحق بالنجاة إن كانوا صادقين.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(2/178/1681) .
قلت: وهذا إسناد جيد- وحسنه المنذري في "الترغيب "(1/77/13) ، رجاله ثقات من رجال البخاري؛ غير علي بن سليمان الكلبي، وهو ثقة، وثقه هشام بن عمار. وقال أبو حاتم:
(1) قال الحافظ (13/129) : "قلت: وهؤلاء الأربعة من رؤوس الخوارج ".
"ما أرى بحديثه بأساً، صالح الحديث، ليس بمشهور".
وذكره ابن حبان في "الثقات " وقال:
"يغرب ".
انظر "تيسير انتفاع الخلان ".
قلت: ومع ذلك كله لم يعرفه الهيثمي؛ كما يأتي.
وله طريق أخرى؛ يرويه ليث عن صفوان بن محرز عن جندب بن عبد الله:
أنه مر بقوم يقرأون القرآن، فقال: لا يغرنك هؤلاء؛ إنهم يقرأون القرآن اليوم، ويتجادلون بالسيوف غداً!
ثم قال: ائتني بنفر من قراء القرآن، وليكونوا شيوخاً، فأتيته بنافع بن الأزرق، ومرداس بن أبي بلال، وبنفر معهما ستة أو ثمانية، فلما أن دخلنا على جندب، قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
(قلت: فذكر مثل من يعلم الناس الخير)، قال: "ومن رايا الناس بعلمه؛ رايا الله به يوم القيامة، ومن سمع الناس بعمله؛ سمع الله به؛ فاعلموا أن أول ما ينتن
…
" الحديث مثل رواية البخاري.
أخرجه الطبراني (2/179ـ180/1685) ، ورجاله ثقات؛ غير ليث- وهو
ابن أبي سُليم- وهو ضعيف لاختلاطه.
ومن طريقه: روى جملة العلم أبو الشيخ في "الأمثال "(181/276) . وذكر الهيثمي رواية صفوان هذه، وطرفاً من رواية علي بن سليمان الكلبي المتقدمة، ثم قال:
"رواه الطبراني من طريقين، في أحدهما ليث بن أبي سُليم؛ وهو مدلس،
وفي الأخرى علي بن سليمان الكلبي، ولم أعرفه، وبقية رجالهما ثقات "! وقلده المعلقون الثلاثة!
قلت: أما الليث؛ فوصفه إياه بالتدليس من أوهامه المتكررة التي خالف فيها الأولين والآخرين، كما نبهنا عليه مراراً. وأما جهله بالكلبي؛ فمن غرائبه؛ فإن الرجل معروف ثقة كما تقدم، بل هو في كتابه "ترتيب ثقات ابن حبان " فيما أظن؛ لأنه في أصله كما سبق، وإنما لم أجزم بذلك؛ لأن الجزء الثالث الذي فيه حرف (العين) لم أقف عليه، والله أعلم.
ثم إن الجملة الأولى من الحديث قد رواها أيضاً إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب مرفوعاً.
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه "(10/26/18250) ، والرّوياني في "مسنده "(2/143/662) ، والطبراني أيضاً في "المعجم الكبير"(2/ 170/ 1660 و 171/ 1661) .
وبالجملة؛ فالحديث بهذه الطرق والمتابعات صحيح مرفوعاً، ولا يضره وقف من أوقفه، ولذلك سكت عن هذه الطرق الحافظ في "الفتح "، بل صرح بأن الموقوف في حكم المرفوع؛ كما تقدم عنه، فاتفقت الروايات، وزال الخلاف من بينها. والحمد لله رب العالمين.
تنبيهان:
ا- علق الشيخ الأعظمي على رواية إسماعيل بن مسلم هذه عند عبد الرزاق بقوله:
"أخرجه الطبراني في "الكبير"، ورجاله رجال "الصحيح ". قاله الهيثمي 297: 7 "!