الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاحتجاج، فقد استخرجت أنا بنفسي عشرات الأحاديث من "الإحسان " مما فات على الهيثمي فلم يوردها في "موارد الظمآن "، وهي على شرطه، فضممتها إليه في مشروعي الذي أرجو أن يطبع قريباً بقسميه:"صحيح موارد الظمآن في زوائد صحيح ابن حبان "و"ضعيفه ". والله ولي التوفيق. *
3244
- (إنِّي دافعٌ لِوَائي غداً إلى رجُلٍ يحبُّ الله ورسوله، ويحبُّه
الله ورسولُه، لا يرجعُ حتّى يُفتح له. يعني: علياً- رضي الله عنه) . أخرجه النسائي في "السنن الكبرى"(5/109/8402) ، والبيهقي في
"دلائل النبوة"(4/ 210)، وأحمد (5/353- 354 و355) من طريق الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدة يقول:
حاصرنا خيبر، فأخذ اللواء أبو بكر؛ ولم يُفتح له، وأخذ من الغد عمر، فانصرف ولم يُفتح له، وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فذكره) ، وبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غداً، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى
الغداة، ثم قام قائماً، ودعا باللواء والناس على مصافهم، فما منا إنسان له منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هو يرجو أن يكون صاحب اللواء، فدعا عليّ بن أبي طالب وهو أرمد، فتفل في عينيه، ومسح عنه، ودفع إليه اللواء، وفتح الله له، وأنا فيمن تطاول إليها.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، والحسين بن واقد فيه كلام يسير لا يضر، أشار إليه الحافظ بقوله:"له أوهام ".
وقد تابعه ميمون أبو عبد الله أن عبد الله بن بريدة حدثه به نحوه، وزاد قصة
قتل علي- رضي الله عنه لِمَرحبٍ في مبارزته إياه.
أخرجه النسائي (8403) ، والحاكم (3/437) ، وابن أبي شيبة (14/462/ 1875) ، وابن أبي عاصم في "السنة"(2/608)، والبزار في "مسنده " (2/338/ 1814) من طرق عن عوف عنه؛ وزاد ابن أبي شيبة والبزار؛ ولم يذكرا إلا بعث عمر:
"فلقي أهل خيبر، فردوه وكشفوه هو وأصحابه، فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجبِّن أصحابه، ويجبِّنه أصحابه ".
ولعل هذا من مناكير ميمون هذا، وهو مولى عبد الرحمن بن سمرة، فقد أجمعوا على تضعيفه، خلافاً لابن حبان فذكره في"الثقات"(5/ 418)، ومع ذلك قال:
"كان يحيى القطان سيِّئ الرأي فيه ".
وذكره الذهبي في "المغني "، وقال:
"وقال أحمد: أحاديثه مناكير".
وتابعه أيضاً المسيب بن مسلم الأزدي قال: حدثنا عبد الله بن بريدة به، وفيه
ذكر العمريين وقتالهم قتالاً شديداً دون فتح، لكن فيه جملة (التجبين) .
أخرجه الحاكم (3/37) مختصراً، والبيهقي بتمامه (4/ 210- 212)، وقال الحاكم:
"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي!
وأقول: المسيب هذا لم أجد له ترجمة فيما عندي من المصادر، ولا ذكره المزي في الرواة عن عبد الله بن بريدة، ولا في شيوخ يونس بن بُكير الراوي عنه هنا، فالظاهر أنه مجهول. والله أعلم.
وللحديث شاهدان:
أحدهما: من حديث علي؛ يرويه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم والمنهال عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عنه.
أخرجه النسائي (5/108- 109) ، والحاكم (3/37) ، والبيهقي (5/212- 213) ، وابن أبي شيبة (18729) ، وقرن (عيسى) مع (الحكم والمنهال) ، وهو عند الحاكم مكان (المنهال)، وقال:
"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي.
ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى سيىء الحفظ معروف بذلك، فهو صالح للاستشهاد به، وفيه عند غير الحاكم ذكر (العمريين) دون (التَّجبين) .
وله طريق أخرى عن علي؛ يرويه نُعيم بن حكيم عن أبي مريم الحنفي عن
علي به.
أخرجه البزار (1815) - مطولاً، وفيه ذكر عمر وأصحابه مهزومين-، والحاكم،
ولم يسقه بتمامه، ولكنه ذكر الهزيمة وزاد (التجبين)، وقال- هو والذهبي-:"صحيح الإسناد".
وأقول: أبو مريم الحنفي هذا لم يتبين لي حاله، فقد اختلفوا في نسبته هل هو الحنفي أم الثقفي؟! وفي اسمه هل هو (قيس) أم (إياس) ؟! وقيس وثقه ابن حبان وغيره، وإياس لم يوثقه غيره، فإن كان ثقة فالسند صحيح، وإلا؛ فهو صحيح بما تقدم من الطرق والشواهد.
والشاهد الآخر: عن سلمة بن عمرو بن الأكوع؛ يرويه محمد بن إسحاق
في "السيرة"(3/ 385- 386- ابن هشام)، ومن طريقه: الحاكم (3/37) ،
والبيهقي (4/209- 210) قال: حدثني بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي عن
أبيه سفيان عنه به، وفيه ذكر (العمريين) .
لكن بريدة هذا اتفقوا على تضعيفه، بل قال الدارقطني:
"متروك ". وقال ابن عدي:
"منكر الحديث جدّاً".
وشذ ابن حبان فذكره في "الثقات "، فلا يعبأ به، وفيما تقدم من الأسانيد والطرق ما يغني عنه، وبخاصة طريق بُرَيدة بن الحُصيب، فإنها أصحها، وهي تشهد على أن النبي- صلى الله عليه وسلم أرسل أولاً أبا بكر، فلم يفتح له، وثانياً عمر، فلم يفتح له، ثم كان الفتح على يد علي، خصوصية خصه الله بها دونهما- رضي الله عنهم أجمعين.
لكن بقي النظرفي جملة (تجبين عمر) ؛ فإن النفس لم تطمئن لثبوتها في الحديث؛ لعدم ورودها في الطريق الصحيحة وغيرها أولاً، ولعدم وجود شاهد معتبر ثانياً، اللهم إلا إن صحت رواية أبي مريم الحنفي، وقد ذكرتُ ما فيها عندي. والله أعلم.
فإن قيل: ألا يقويها ما أخرجه الحاكم (3/38) من طريق القاسم بن أبي شيبة: ثنا يحيى بن يعلى: ثنا مَعقِل بن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع الراية يوم خيبر إلى عمر- رضي الله عنه، فانطلق فرجع يجبِّن أصحابه ويُجبِّنونه. وقال الحاكم:
"صحيح على شرط مسلم "!
وردَّه الذهبي بقوله:
"قلت: القاسم واهٍ".
قلت: وهو القاسم بن محمد بن أبي شيبة العبسي أخو الحافظين أبي بكر
وعثمان، وقد تركه أبو زرعة وأبو حاتم، وقال الساجي:
"متروك الحديث ".
وشذ ابن حبان فذكره في "الثقات "(9/18)، ولكنه قال:
"يخطئ ويخالف "!
ثم أقول: إن سلم منه؛ فلن يسلم من شيخه (يحيى بن يعلى) ، وهو الأسلمي؛ فإنه "ضعيف شيعي "؛ كما في "التقريب ".
فتبين أن حديث جابر هذا في منتهى درجات الضعف، فلا يصلح
للاستشهاد به. والله ولي التوفيق.
(تنبيه وفائدة) :
عزا الحافظ في "الفتح "(7/476) حديث بريدة هذا لـ "أحمد والنسائي وابن حبان والحاكم "، وليس هو في "صحيح ابن حبان " يقيناً، لا في "الإحسان " ولا في "الموارد". ولم أره في"مستدرك الحاكم "بعد البحث عنه في مظانه، والاستعانة عليه بالفهارس الخاصة والعامة.
وذكر في ترجمة (محمود بن مسلمة) من "الإصابة " أنه ورد في "زيادات المغازي " ليونس بن بكير عن الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة: أخبرني أبي قال: