الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرجه النسائي (1/67) .
ورجاله ثقات أيضاً.
وخالفهما في إسناده إسرائيل فقال: عن المغيرة عن أم موسى قالت:
سألت عائشة عن الركعتين بعد العصر؟ فقالت:
ما أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم؛ إلا صلى بعد العصر ركعتين.
أخرجه أحمد (6/109) .
قلت: فهذا هو المحفوظ في حديث عائشة من طرق عنها، دون جملة الضرب،
فإن كانت محفوظة في طريق خالد عن المغيرة؛ فالعلة منه؛ وهو المغيرة بن مقسم
الضبي؛ فإنه كان يدلس وبخاصة عن إبراهيم؛ كما في «التقريب» .
وإبراهيم- وهو ابن يزيد النخعي- لا يحتمل مثل هذا الشذوذ والمخالفة.
وتخريج ابن حبان لـ (المغيرة) هذا الحديث بخاصة، وأحاديث أخرى له
بعامة: مما ينافي شرطه الخامس الذي وضعه في مقدمة «صحيحه» لأحاديثه، وهو
أن يتعرى الخبر عن التدليس! لأن (المغيرة) هذا مدلس عنده أيضاً! بل هو قد
أخل بسائر شروطه، كما حققته في مقدمتي لـ «صحيح الموارد» ، و «ضعيف الموارد» ؛ فلتراجع فإنها هامة جدّاً. *
3489
ـ (لَتَنهكُنَّ الأصابعَ بالطَّهور؛ أو لَتَنْهَكَنَّها النّارُ) .
أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (3/122 /2674) : حدثنا إبراهيم
قال: نا شيبان بن فَرُّوخ قال: نا أبو عوانة عن أبي مسكين عن هُزَيل بن شُرَحْبيل عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره. وقال:
«لم يروه عن أبي عوانة إلا شيبان» .
قلت: وهما ثقتان، أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري؛ ثقة ثبت من رجال
الشيخين.
وشيبان بن فروخ؛ من رجال مسلم، وفيه كلام لا ينزل حديثه عن مرتبة
الحسن، ولذلك قال الحافظ:
«صدوق يهم» .
وسائر الرواة ثقات: أما هزيل بن شرحبيل؛ فثقة من رجال البخاري. وأما أبو
مسكين؛ فهو حُرّ بن مسكين؛ فقال ابن معين:
«ثقة»
وقال أبو حاتم:
وذكره ابن حبان في «الثقات» (6/239) .
وخفي حاله على الحافظ، فلم يذكر في ترجمته من «التهذيب» إلا ما ذكره
ابن حبان، ففاته أنه روى عنه جماعة من الثقات، وتوثيق ابن معين وأبي حاتم
إياه! ولذلك قال في «التقريب» :
«مقبول» !
فتنبه.
وأما إبراهيم شيخ الطبراني؛ فهو: إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي، وثقه
الدارقطني؛ كما في «تاريخ بغداد» .
وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/236) :
«رواه الطبراني في «الأوسط» ، ووقفه في «الكبير» على ابن مسعود؛ وإسناده
حسن» !
فأقول: إسناد «الكبير» صحيح؛ فإنه أخرجه (9/ 282/ 1 921 و 2 921) من طريق الثوري وزائدة عن أبي مسكين به موقوفاً؛ ولكنه في معنى المرفوع فلا يعل
به المرفوع، كما هو ظاهر.
ثم رأيت ما تقدم عن الهيثمي قد ذكره المنذري في «الترغيب» (1/103/4) ،
بل ظننت أنه تابع له، إلا أنه زاد عليه؛ فقال:
«وفي رواية له في «الكبير» موقوفة: قال:
خللوا الأصابع الخمس؛ لا يحشوها الله ناراً» .
قلت: أخرجه الطبراني (9213) من طريق طلحة بن مُصَرِّف قال: حُدِّثتُ
عن عبد الله بن مسعود أنه قال:
…
فذكره.
ورجاله ثقات؛ غير الرجل الذي لم يسم. ثم قال المنذري:
«قوله: «لتنتهكنها» ؛ أي: لتبالغن في غسلها، أو لتبالغن النار في إحراقها.
و (النهك) : المبالغة في كل شيء» .
وتفسير (النهك) بما ذكر معروف، لكنه لا يتناسب مع اللفظ الذي وقع عنده
في الحديث، ولذلك تعقبه الحافظ الناجي بقوله في «عجالته» (ص 42) :
«قوله: «لتنتهكن الأصابع بالطهور، أو لتنتهكنها النار» ، وتفسيره لذلك -
بزيادة تاء وكسر الهاء - من (الانتهاك) ليس مراداً هنا قطعاً.
ثم قوله: «والنهك: المبالغة في كل شيء» تناقض عجيب وتصحيف! وقد
رأيته في الحديث المذكور كذلك في «مجمع الزوائد» للهيثمي! ولعله قلده أو وقع
كذلك في نسختهما بالأصل، وليس كذلك بلا إشكال. وإنما هو:«لتنهكن» ،
أو: «لَتَنهَكَنَّها» بلا تاء أخرى وبفتح الهاء، مأخوذة من (النَّهك) الذي ذكره بعد.
وهكذا ذكره أهل اللغة والغريب بلا نزاع بينهم. وقد أعاد المصنف في «الجهاد
والترغيب في الشهادة» تفسير (النهك)، ووقع له وهم في ضبط قوله:«انهكوا» ،
أشبعنا الكلام عليه هناك؛ والله المستعان» .
قلت: ومن الغرائب تتابع كثير من المصادر على هذا التصحيف؛ غير «الترغيب» و «المجمع» ؛ فإنه كذلك وقع في مصدر الحديث «المعجم الأوسط» في الموضع المشار إليه
آنفاً، وأعني طبعة الحرمين، وكذلك هو في طبعة المعارف (2695) ، وفي النسخة
المصورة التي عندي منه (1/1150/2832) بترقيمي لكن بالمثناة من تحت:
«لينتهكن» أو: «لينتهكنها» ، وهكذا هو في الرواية الموقوفة في «المعجم الكبير» .
لكنه على الصواب وقع في «مجمع البحرين» (1/340 - تحقيق عبد القدوس
نذير) ، وكذلك في نسخة مخطوطة من «الترغيب» أشار إليها في الهامش المعلقون
الثلاثة، ورمزوا إليها بحرف (ب) ، ولكنهم- لجهلهم- لم يتبنوها، فأثبتوا اللفظ
المحرف؛ تقليداً لما في «مجمع الزوائد» !
(تنبيه) : كنت منذ نحو أربعين سنة- وقبل تحصيلي على كتاب ابن أبي حاتم
«الجرح والتعديل» - ذهبت إلى تضعيف حديث الترجمة، مستنداً على ما جاء في
كتاب «تهذيب الحافظ» و «التقريب» مما تقدمت الإشارة إليه، ولذلك؛ لم أودعه
في الطبعات السابقة من كتابي «صحيح الترغيب والترهيب» . والآن ونحن في
صدد إعادة النظر في بعض كراريس قسيمه «ضعيف الترغيب» ، والتحقيق في
ضبط الكلمة التي وقع فيها التصحيف من الحديث؛ وجدت في «التعليق
الرغيب» ما حفزني إلى إعادة النظر في سنده، فانكشف لي تقصير الحافظ في
ترجمة (أبي مسكين) الراوي له، وأنه ليس مجهولاً؛ كما كنت استلزمت ذلك
عنه، بل هو ثقة؛ كما قدمت.
وكان قد انضم إلى التقصير المذكور ما كنت نقلته في «التعليق الرغيب» عن
ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: «حديث منكر» ؛ فربطت يومئذ بين هذا، وبين
مستندي المذكور، فظننت أن النكارة سببها الجهالة، الأمر الذي دعمت به التضعيف.
والآن؛ فقد تبين لي شيء جديد يدعم صحة الحديث، ويخالف النكارة
المدعاة، ذلك أن ابن أبي حاتم قد ساق إسناد الحديث من طريق آخر غير طريق
شيبان المتقدم، فذكر في «العلل» (1/ 70/176) أنه سأل أباه عن حديث رواه يزيد
ابن أبي الزرقاء عن سفيان الثوري عن أبي مسكين
…
به مرفوعاً؟ فقال:
فتبين لي بهذا التخريج، ومقابلة هذا الطريق بما تقدم: أن علة النكارة عنده
ليست الجهالة؛ كما ظننت يومئذٍ، وإنما المخالفة. وكأن أبا حاتم يشير إلى ما قدمته
من طريقي الثوري وزائدة عن أبي مسكين
…
موقوفاً، وأتبعتهما بقولي: «إنه لا
مخالفة بين المرفوع والموقوف» .
والآن - وبعد وقوفي علي هذا الطريق الآخر - قد ازددت ثقة بصحة المرفوع،
وأنه لا وجه لإعلاله بالنكارة؛ لهذه المتابعة القوية من الثوري لأبي عوانة؛ فإن
الذي رفعه عن الثوري - زيد بن أبي الزرقاء- ثقة بلا خلاف، بل إن له خصوصية
قلما تذكر في غيره من الرواة عن سفيان؛ وقد كان عنده «جامع سفيان» ، فهو من
أعرف الناس به، وأحفظ الناس لحديثه، يضاف إلى ذلك قول أحمد بن أبي رافع: