الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأفاكون، الذين لا يعتبرون بقوله صلى الله عليه وسلم الحكيم:"يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، ولا يرى الجذع في عينه "، وقد سبق تخريجه برقم (33) مرفوعاً وموقوفاً، والمعصوم من عصمه الله. *
3317
- (اللهمّ! سُقْ إلى هذا الطعام عبْداً تحبُّه ويحبُّك، فطلع سعد [بن أبي وقّاص] ) .
أخرجه البزار في "البحر الزخار"(4/46/ 1210) من طريق مَعْن بن عيسى، قال: حدثتني عُبَيْدَةُ بنت نابِل عن عائشة بنت سعد عن أبيها:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بين يديه طعام، فقال:
…
فذكره. وقال:
"لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن سعد بهذا الإسناد".
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات، غير عبيدة بنت نابل، وقد ذكرها ابن حبان في "الثقات "(7/307) برواية (الخَصِيب بن ناصح) عنها، وقد روى عنها جمع آخر منهم (معن بن عيسى) ؛ كما ترى في هذا الإسناد، وإسحاق بن محمد الفروي؛ كما في "التهذيب "، وعثمان بن عبد الرحمن الحراني؛ كما قال البزار في "البحر الزخار"(4/ 44) ، ورواية الفروي عنها عنده برقم (1205- 1208) ، ورواية الحراني عنها برقم (1209) ، فهي صدوقة، خلافاً لقول الحافظ فيها:"مقبولة"! ولذلك لم يذكرها الذهبي في (فصل النساء المجهولات) في آخر "الميزان "، بل صحح حديثها كما يأتي.
وأما رواية (الخصيب) عنها؛ فأخرجها الحاكم في "المستدرك "(3/499) من طريق الربيع بن سليمان: ثنا الخصيب بن ناصح: ثنا عبيدة بنت (الأصل: بن) نابل (الأصل: نائل) عن عائشة بنت سعد به، وقال:
"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي.
وعلقه ابن أبي حاتم في "العلل "(2/371- 372) من رواية سعيد بن أسد قال: حدثني الخصيب بن ناصح به. وذكر أنه سأل أبا زرعة عنه؟ فقال أبو زرعة: "خالف (معن) فقال: عن عبيدة بنت نابل (الأصل: نائل!) أنها سمعت أم عمرو بنت سعد تحدث عن أبيها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بين يديه
…
فسمعت أبا زرعة يقوله: حديث (معن) أصح من حديث الخصيب بن ناصح ".
فأقول: لا أرى خلافاً جوهريّاً بين حديثه وحديث معن الذي ذكره أبو زرعة، فقد اتفقا على أن الراوي عن سعد- رضي الله عنه هي ابنته، كل ما في الأمر أن الأول ذكرها باسمها (عائشة) ، والآخر بكنيتها (أم عمرو) ، والجمع بين الروايات هو الأصل ما أمكن، وهو هنا ممكن بكل يسر، فهي (أم عمرو عائشة بنت سعد) ، ويؤيد ذلك رواية معن عند البزار؛ فقد ذكرها باسمها كما رأيت، فهل يقال: خالف معن معناً؟! غاية ما في الأمر أن بعض الرواة عنه ذكرها باسمها، والبعض الآخر بكنيتها.
فلا اختلاف بين رواية من سماها، وبين رواية من كناها، أقول هذا على التسليم برواية الكنية؛ فإني لم أرها إلا عند أبي زرعة ولا وقفت على إسنادها، لنقابله بإسناد البزار الصحيح إلى (معن بن عيسى) ، وإن كان الظن بأبي زرعة أنه لا يذكر إلا ما صح إسناده؛ لما عرف عنه من الحفظ والنقد للرواة والأسانيد.
وإن مما يؤكد الجمع المذكور؛ أن من المعلوم أن سعداً- رضي الله عنه قد خلّف جمعاً من الذكور، ولم يخلف إلا بنتاً واحدة، وهي عائشة هذه، فإذا قال بعض الرواة:(أم عمرو بنت سعد) ، فهي (عائشة) يقيناً؛ كما هو ظاهر جلي؛ والحمد لله.
ولقد رأيت أخانا الفاضل (أبا إسحاق الحويني) قد دندن حول هذا الجمع في
تعليقه على " مسند سعد بن أبي وقاص "، فقال (216) - بعد أن ساق ما في "العلل "-:
"قلت: رواية معن هنا توافق رواية الخصيب بن ناصح، ولعل "أم عمرو" كنية "عائشة بنت سعد"، فتلتقي الروايتان، والله أعلم ".
ولكنه جزم بضعف إسناده كما ضعفه في أحاديث ثلاثة قبله، بدعوى أن (عبيدة بنت نابل) مجهولة الحال، تابعاً في ذلك قول ابن حجر المتقدم:"مقبولة"!
أو مستأنساً به؛ فإنه بمعناه، والصواب ما تقدم بيانه أنها صدوقة. وإن مما يؤيد ذلك؛ أن الحافظ قال في "الفتح " (4/ 100) - في حديث آخر من طريقها-:
"رجاله ثقات ".
ونقله الأخ الفاضل عنه (ص 214) . فهذا- مع ما قدمته من البيان- يلقي
في النفس الاطمئنان لصحة حديثها. والله أعلم.
(تنبيه) : هذا الحديث مما سقط من كتاب الهيثمي "مجمع الزوائد"، ولذلك
لم يعلق عليه الشيخ الأعظمي المقلّد للهيثمي في كتابه الآخر "كشف الأستار"(3/207/2581) ؛ لأنه لم بجد ما ينقله! ذلك مبلغ علمه وتحقيقه الذي أشاد به الطابع لتعليقاته!
هذا؛ وقد روى عاصم بن أبي النّجود عن مصعب بن سعد عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقصعة فأكل منها، ففضل منها فضلة، فقال:
"يجيء (وفي رواية: يطلع) رجل من هذا الفج من أهل الجنة، فيأكل هذه ".