الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3953
- (لا تحلفُوا بآبائِكم (وفي رواية: بغيرِ الله) ، وإذا خلوتُم؛ فلا تستقبلُوا القِبلةَ ولا تستدبرُوها، ولا تستنجُوا بعظمٍ ولا بِبَعرٍ) .
أخرجه الحاكم في "المستدرك "(3/412) - والسياق له-، وأحمد (3/487) - والرواية الأخرى له- كلاهما من طريق ابن جريج: أخبرني عبد الكريم بن أبي المخارق عن الوليد بن مالك- رجل من عبد القيس- عن محمد بن قيس- مولى سهل بن حنيف- عن سهل بن حنيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه قال: قال لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم:
"أنت رسولي إلى مكة؛ فأقرئهم مني لهم السلام، وقل لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم -يأمركم بثلاث:
…
" فذكر الحديث.
رواه الدارمي (1/172) مختصراً، لم يذكر من الثلاث إلا الجملة الأخيرة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل:
الأولى: عبد الكريم بن أبي المخارق؛ فإنه ضعيف، كما قال الحافظ في "التقريب ".
الثانية: الوليد بن مالك- وهو ابن عباد بن حنيف الأنصاري-، لم يذكروا عنه راوياً غير عبد الكريم بن أبي المخارق؛ ولذلك قال عنه الحسيني:
"مجهول، غير مشهور".
وأقره الحافظ في "تعجيل المنفعة"(432/1155) . والعجب من ابن حبان؛ فإنه ذكره في "الثقات "(7/552) من رواية عبد الكريم هذا عنه، وقد قال في ترجمة عبد الكريم من "ضعفائه ":
"كان كثير الوهم، فاحش الخطأ
…
".
فكان الأحرى به أن يلحق الشيخ بالراوي عنه في "الضعفاء".
والوليد هذا: هو غير ابن أبي مالك الهمداني الدمشقي، وهذا ثقة، ونبهت على هذا؛ لأن المترجم وقع في "المستدرك "، و"تلخيصه ":
"الوليد بن أبي مالك "، فخشيت أن يلتبس بالمترجم.
الثالثة: محمد بن قيس مولى سهل؛ فإنه مجهول أيضاً؛ لأنه لم يرو عنه إلا الوليد المجهول كما تقدم بيانه.
وأما ما وقع في "الجرح والتعديل "(4/1/62) أنه روى عنه أيضاً عبد الكريم ابن أبي المخارق؛ فهو وهم، تبعه عليه الحسيني في كتابه، تعقبه عليه الحافظ ابن حجر في "التعجيل " (375/969) بقوله:
"وانما روى عبد الكريم عنه بواسطة الوليد، كذا هو عند أحمد من طريق ابن جريج
…
فذكر الحديث ".
وكذلك ذكره البخاري في كتابه، وابن حبان في "ثقاته "(5/373) برواية الوليد بن مالك فقط.
واذا عرفت هذا؛ تبين لك خطأ ابن حبان أيضاً في ذكر محمد بن قيس هذا
في "الثقات "؛ لأنه برواية مجهول عنه.
ومع هذا الضعف الظاهر في إسناد الحديث؛ فقد بيض له الحاكم، وتبعه الذهبي، ثم ابن الملقن في كتابه "مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك أبي عبد الله الحاكم "، فلم يذكره فيه إطلاقاً!
وفي ظني أنهم أشاروا بذلك إلى أمرين اثنين: وضوح ضعف إسناده، والآخر صحة متنه، وهذا أمر لا يخفى على كل متشبع بالمعرفة بالسنة المحمدية؛ فإن الجمل الثلاث قد جاءت مفرقة في أحاديث عدة:
1-
أما قوله: "لا تحلفوا بآبائكم "؛ فأخرجه البخاري، ومسلم في "صحيحيهما" من حديث ابن عمر، وهو مخرج في "الإرواء"(2560) ، وصح من حديث أبي هريرة أيضاً وغيره بزيادة في متنه، وهو مخرج في "المشكاة"(3418/ التحقيق الثاني) .
2-
وأما جملة النهي عن الاستقبال والاستدبار؛ ففيه أحاديث؛ أصحها حديث أبي أيوب الأنصاري، بلفظ:
"إذا أتيتم الغائط؛ فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا".
رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء " برقم (60) .
3-
وأما الجملة الأخيرة؛ فلها شاهد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتمسح بعظم أو بعر.
رواه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" برقم (29) . وله شاهد من حديث ابن مسعود مرفوعاً بزيادة:
"فإنه زاد إخوانكم من الجن ".
أخرجه مسلم، وأبو عوانة أيضاً، لكن في متنه اختلاف واضطراب كثير، كنت من أجله خرجته في "الأحاديث الضعيفة" برقم (1038) ، فراجعه إن شئت.
هذا، ولقد كان من دواعي تخريج حديث الترجمة بهذا التحقيق الذي رأيته: