الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} آل عمران: 102.
أما بعد:
فإن أحسن الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (1).
وبعد: فإن علم التوحيد أشرف العلوم وأفضلها، وأرفعها مكانة وأجلها؛ إذ شرف العلم بشرف المعلوم، ولا أشرف من توحيد الله تعالى ومعرفة ما يجب له من الأسماء الحسنى
(1) هذه خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه، وقد أخرج حديثها أبو داود في كتاب النكاح، باب خطبة النكاح (2/ 591) برقم (2118)، والترمذي في كتاب النكاح، باب ما جاء في خطبة النكاح (2/ 591) برقم (1105)، والنسائي في كتاب النكاح، باب ما يستحب من الكلام عند النكاح (6/ 89) برقم (3277)، وابن ماجه في كتاب النكاح، باب في خطبة النكاح (1/ 609) برقم (1892)، وأحمد (6/ 264) برقم (3721) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص وأبي عُبيدة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
قال الترمذي: "حديث عبد الله حديث حسن رواه الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكلا الحديثين صحيح".
وقد توسع الشيخ الألباني رحمه الله في تخريجه وجمع طرقه في رسالة له مفردة بعنوان: "خطبة الحاجة"، وخلص فيها إلى الحكم بصحته.
والصفات العلى، وإدراك حقوقه تعالى على عباده، والالتزام بذلك علماً وعملاً، فإن العبد كلما كان بهذا أعرف وله أتبع كان إلى ربه أقرب، وبهذا تنال النجاة والفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة (1).
وإن من كمال رحمه الله وتمام نعمته أن "جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عقال الفتنة
…
" (2).
قال ابن القيم رحمه الله: " وهم - أي العلماء- في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب"(3).
ومن هؤلاء العلماء الذين تسعد الأمة بهم وتشرف بذكرهم، ممن قيّضهم الله للدفاع عن العقيدة ورد الشبه عنها، العلامة الجليل الفاضل الشيخ عبد الرزاق بن عفيفي بن عطية بن عبد البر بن شرف الدين النوبي رحمه الله.
كان عالماً عاملاً، ينشر العقيدة الصحيحة، والتربية السليمة، والأخلاق المحمدية، فكان مدرسة فريدة في جمع الناس على الخير.
وبالجملة فقد كان من نوادر عصره علماً وأدباً وفضلاً وكرماً ونبلاً، يقول الحق ويقصده، ويتحرى الصدق ويؤثره.
ولما كان من فضل الله عليّ أن جعلني أحد طلاب الدراسات العليا بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة لمرحلة الماجستير؛ اخترت الكتابة في موضوع:
(1) ينظر: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العزّ الدمشقي (1/ 5).
(2)
من كلام الإمام أحمد في مقدمة كتابه "الرد على الزنادقة والجهمية" ضمن عقائد السلف (ص 52).
(3)
أعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 9).
"منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين"، بعد استخارة الله تعالى والاستعانة به جلت قدرته، واستشارة مشايخي الفضلاء الذين أشاروا عليَّ بتسجيله والكتابة فيه.
أسباب اختيار الموضوع:
مما دفعني لاختيار هذا الموضوع ورغبتي فيه، ما يلي:
1 -
المكانة العلمية للشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله فهو من كبار العلماء، ومن أئمة الفتوى.
2 -
أنه كان ممن له الفضل على هذه الجامعة المباركة (1)، ومن معاصريها من نواتها الأولى، وأنه يعتبر أستاذ جيل كامل من علماء المملكة العربية السعودية.
3 -
وفرة تراث الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله في العقيدة (2)، وأهمية العمل على إخراج ما في ثنايا التسجيلات (3) أو المدونات والمخطوطات والتي لم تظهر بعد، لاستخراج درر هذا العالم الفذ.
4 -
أن هذا الموضوع - والله أعلم- لم يسبق دراسته من قبل (4).
5 -
محاولة إبراز الجانب المغمور من حياة الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله، وأقصد بذلك بيان آرائه العقدية، ومنهجه وطريقته في الاستدلال عليها، ممّا دفعني إلى إثراء هذه الناحية.
6 -
ظهور شخصية الشيخ في الجانب النقدي.
(1) جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
(2)
حصلت على كمية من الأوراق الخاصة ببحوث الشيخ وفتاويه العقدية عن طريق الاتصال بابن الشيخ في القاهرة "الشيخ محمود".
(3)
يوجد موقع على شبكة الإنترنت خاص بالشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله ويتضمن بعض محاضراته المسموعة www.afifi.com.
(4)
قمت للتأكد من عدم تسجيل الموضوع في جامعات المملكة بمراجعة قائمة مركز الملك فيصل، وقائمة الملك فهد الوطنية، وسؤال بعض المشايخ الذين لهم اهتمام بهذا الشأن، والاتصال ببعض الجامعات، وقد أفادني ابن الشيخ -الشيخ محمود بن عبد الرزاق عفيفي_ أني أول من سيكتب عن الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله من الناحية العقدية كدراسة علمية -إن شاء الله-.