الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثالث: من ينكرون المحسوسات
.
-
السوفسطائية
.
قال الشيخ رحمه الله: " السوفسطائية: قيل إنها ثلاث فرق:
الأولى: عنادية، وهي التي تنكر حقائق الأشياء الحسية والعقلية وتكذب حسها وعقلها وترى ذلك وهماً وخيالاً.
الثانية: اللاأدرية: وهي التي تشك في حقائق الأشياء وتتردد فيها وتقول: لا أدري ألها وجود أو لا.
الثالثة: عندية: وهي التي ترى أن ليس للأشياء حقيقة ثابتة في نفسها، بل تتبع إدراك من أدركها وعقيدة من خطرت بباله، وهذه مذاهب باطلة بضرورة الحس والعقل، ومعنى السفسطة: الحكمة المموهة.
وتطلق على نوع من الأدلة، وهو ما كانت مقدماته وهمية كاذبة أو شبيهة بالحق وليست به" (1).
وقال الشيخ رحمه الله: " ومنهم من ضعف عقله، وضاقت مداركه؛ فعميت عليه الحقائق، واشتبه عليه الأمر الواضح؛ فأنكر البديهيات، ورد الآيات البينات، بل منهم من انتهى به انحراف مزاجه وضعف عقله إلى أن ينكر ما تدركه الحواس؛ كالسوفسطائية"(2).
والسفسطائيون فرقة ينكرون المحسوسات، وهم من أصناف الكفرة الذين قبل الإسلام، وهم فلاسفة اليونان وزعيمهم "بروتاجوراس" ولد سنة 480ق. م، ونظريتهم تقوم على أنه ليس هناك وجود خارجي مستقل عما في أذهاننا، فيما يظهر للشخص أنه الحقيقة يكون هو الحقيقة له، فإذا رأى السراب ماء فهو عنده حقيقة ماء (3).
(1) تعليق الشيخ على الإحكام (2/ 26)، ينظر: فتاوى بن تيمية (ج19)، وكتاب التوحيد (ص 47).
(2)
الحكمة من إرسال الرسل (ص 17)، وينظر: مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله (ص 166).
(3)
ينظر: التعريفات (ص 63)، وكشاف اصطلاح الفنون، لمحمد علي التهانوي (3/ 173)، والمعجم الفلسفي، لمجمع اللغة العربية القاهرة (1/ 658)، معجم ألفاظ العقيدة (ص 228 - 229)، الموسوعة المسيرة (2/ 170).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " الفلسفة لفظ يوناني ومعناها محبة الحكمة، والفيلسوف في لغتهم محب الحكمة، ولهذا يقولون سوفستيا أي حكمة مموهة، ثم كثرت في الألسنة فقيل سفسطة أي حكمة مموهة، وأما ما يقوله طائفة ممن يحكي مقالات الناس إن في العالم رجلا كان اسمه "سوفسطا" وأنه كان هو وشيعته ينكرون الحقائق كلها؛ وجعلوا هذه أربع فرق فرقة تجزم بنفي الحقائق، وطائفة تجزم بنفي العلم بها وتقول ليس عند أحد منهم علم بشيء، وطائفة واقفة يقولون لا ندري تسمى المتجاهلة وتسمى اللاأدرية، وطائفة تجعل الحقائق تتبع العقائد، فكل من اعتقد شيئا فهو في نفس الأمر على ما اعتقد، فهذا النقل على ظاهره باطل ليس في العالم طائفة معروفة تقول بشيء من هذه الأقوال في كل شيء ولا رجل اسمه "سوفسطا"، ولكن كل من هذه الأقوال قد يعرض لكثير من الناس في بعض الأمور فيكون قد سفسط في ذلك الأمر كالكفار الذين جحدوا ما علموا أنه الحق، قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)} النمل: 14، وقال: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)} البقرة: وقال تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33)} الأنعام: 33 "(1).
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رأي في السفسطة يقول فيه: "وإنما المقصود أن الناقلين للمقالات وأهل الجدل صاروا يعتبرون باللفظة المعربة (سوفسيقيا) وهي (سوفسطا) عن هذا المعنى الذي يتضمن إنكار الحق وتمويه بالباطل، وظن من ظن أن هذا قول ومذهب عام لطائفة في كل حق، وليس الأمر كذلك، وإنما هو عارض النبي آدم في كثير من أمورهم، فكل من جحد حقاً معلوما وموَّه ذلك بباطل فهو مسفسط في هذا الموضع وإن كان مقراً بأمور أخرى"(2).
(1) الصدفية (2/ 323 - 324).
(2)
بيان تلبيس الجهمية (1/ 324).