الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
هل يكون في حق الأنبياء والرسل الخطأ
؟
يقول الشيخ رحمه الله: "نعم، الأنبياء والرسل قد يخطئون، ولكن الله تعالى لا يقرهم على خطئهم، بل يبين لهم خطأهم؛ رحمة بهم وبأممهم، ويعفو عن زلتهم، ويقبل توبتهم؛ فضلاً منه ورحمة، والله غفور رحيم"(1).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " القول بأن الأنبياء معصومون من الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام، وجميع الطوائف حتى إنه قول أكثر أهل الكلام كما ذكر أبو الحسن الآمدي (2)
أن هذا القول قول أكثر الأشعرية (3) وهو أيضاً قول أهل التفسير والحديث والفقهاء بل لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول
…
" (4).
واستدل أهل السنة والجماعة على قولهم بأدلة من الكتاب والسنة:
من الكتاب
- قوله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)} طه: 121.
- وقوله عن موسى عليه السلام: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} القصص: 16.
- وقوله عن يونس عليه السلام: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)} الأنبياء: 87.
- وقوله تعالى عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} الفتح:1
(1) فتاوى اللجنة (3/ 264).
(2)
هو علي بن أبي علي بن محمد بن سالم سيف الدين التغلبي الآمدي، سيف الدين الحنبلي ثم الشافعي، أحد أئمة الكلام في وقته، أشعري مشتغل بالفلسفة، له تصانيف كثيرة، ولد سنة (551 هـ)، وتوفي سنة (631 هـ).
ينظر: وفيات الأعيان (3/ 293)، سير أعلام النبلاء (22/ 364)، لسان الميزان (3/ 134)، الشذرات (3/ 323 - 324).
(3)
الأشعرية: هم طائفة من طوائف أهل الكلام، ينتسبون إلى أبي الحسن الأشعري في مذهبه الثاني بعد رجوعه عن الاعتزال، وعامتهم يثبتون سبع صفات فقط لله تعالى، ويوافقون المرجئة في الإيمان، والجبرية في القدر.
ينظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 94)، خبيئة الأكوان لصديق حسن خان (50 - 53).
(4)
مجموع الفتاوى (4/ 319) و (10/ 313)، وينظر: منهاج السنة (1/ 470 - 472)، والجواب الصحيح (6/ 298).
ومن السنة
-حديث الشفاعة واعتذار الأنبياء عنها حتى تصل إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فيشفع (1).
وأما قولهم إن الذنوب تنافي الكمال، فهذا صحيح مع عدم التوبة ولكن مع التوبة فغير صحيح لأن التوبة تغفر الحوبة، ولا تنافي الكمال، ولا يتوجه إلى صاحبها الذم واللوم، بل إنه في أحيان كثيرة يكون العبد بعد توبته خيراً منه قبل وقوع الذنب، وذلك لما يقوم في قلب العبد من الإنابة والخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى، يدفعه إلى كثرة الاستغفار وبذل الجهد في العمل الصالح لمحو السيئات. وقد قال تعالى في فضل التوبة:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} البقرة: 222، وقال عليه الصلاة والسلام:(لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة)(2).
فالأنبياء -صلوات الله عليهم- لا يقرون على الذنب، ولا يؤخرون التوبة، فالله عصمهم من ذلك وهم بعد التوبة أكمل منهم قبلها (3).
قال ابن قتيبة (4) رحمه الله: "يستوحش كثير من الناس من أن يلحقوا بالأنبياء ذنوباً، ويحملهم التنزيه لهم -صلوات الله عليهم- على مخالفة كتاب الله جل ذكره، واستكراه التأويل، وعلى أن يلتمسوا لألفاظه المخارج البعيدة بالحيل الضعيفة"(5).
(1) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب قول الله تعالى:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} البقرة: 31، برقم (4476)، ومسلم في كتاب الإيمان باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم:(أنا أول الناس يشفع في الجنة) برقم (197) وجميعهم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الدعوات، باب التوبة، برقم (6308) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وأخرجه مسلم في كتاب التوبة، باب في الحض على التوبة والفرح بها (2675) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
ينظر: مجموع الفتاوى (10/ 293 - 313) و (15/ 150).
(4)
هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، أبو محمد، خطيب أهل السنة وأحد أئمة السلف، من مؤلفاته: تفسير غريب القرآن، تأويل مختلف الحديث، الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية وتأويل مشكل القرآن وغيرها، توفي سنة 276 هـ.
ينظر: سير أعلام النبلاء (13/ 296)، شذرات الذهب (2/ 169).
(5)
تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة رحمه الله (ص 402).