الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
الإمامة
.
تمهيد
تعريف الإمامة
الإمامة في اللغة: مصدر من الفعل أمَّ، يقال: "أمَّهم وأمّ بهم: تقدَّمهم
…
" (1).
"والإمام: كل من اقتدي به وقدم في الأمور، والنبي صلى الله عليه وسلم إمام الأئمة، والخليفة إمام الرعية، والقرآن إمام المسلمين"(2).
وأما في الاصطلاح: فقد عرّفها أهل العلم بتعريفات عدّة، وهي وإن اختلفت في الألفاظ فهي متقاربة في المعاني (3)، ومن أشهرها تعريفا الماوردي (4) وابن خلدون رحمهما الله.
يقول الماوردي: " الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به"(5).
ويقول ابن خلدون: " الإمامة هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها؛ إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به"(6).
(1) القاموس المحيط (ص 1392)، وينظر: تهذيب اللغة (1/ 201)، والصحاح (5/ 1865)، ولسان العرب (12/ 24).
(2)
معجم مقاييس اللغة (ص 48).
(3)
ينظر: غياث الأمم في اجتياث الظلم للجويني (ص 15)، المواقف (ص 395)، شرح الأصول الخمسة (ص 750)، التعريفات (ص 35)، إكليل الكرامة في تبيان مقاصد الإمامة لصديق حسن (ص 17).
(4)
هو: علي بن محمد بن حبيب الماوردي، أبو الحسن، البصري الشافعي، من مؤلفاته: أعلام النبوة، الأحكام السلطانية، النكت والعيون في تفسير القرآن الكريم وغيرها، توفي سنة 450 هـ.
ينظر: سير أعلام النبلاء (18/ 64)، شذرات الذهب (3/ 285).
(5)
الأحكام السلطانية (ص 5).
(6)
المقدمة (ص 190).
وليس هناك فرق بين لفظتي الإمامة والخلافة، إذ عامة النصوص الواردة في هذا الباب تدل على إطلاق إحدى الكلمتين على الأخرى ولم يرد في شيء منها ما ينبئ على تغاير معنييهما أو الفرق بينهما، وهذا ما أفاده جمع من أهل العلم أيضاً ووجد في منصوص كلامهم.
قال النووي: " يجوز أن يقال للإمام الخليفة والإمام وأمير المؤمنين"(1).
والإمامة عند أهل السنة والجماعة من أعظم واجبات الدين؛ لأنه لا قيام للدين إلا بها، فإن الله تعالى أوجب على الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد
…
، ولا يتم ذلك إلا بالقوة والإمارة.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " لا بد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة، قيل له: هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة؟ قال: يؤمن بها السبيل ويقام بها الحدود ويجاهد بها العدو ويقسم بها الفيء"(2).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين؛ لأنه لا قيام للدين إلاًّ بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس
…
؛ لأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلَاّ بقوة وإمارة، وكذلك ما أوجبه الله من الجهاد، والعدل، وإقامة الحج والجمع والأعياد، ونصر المظلوم، وإقامة الحدود لا تتم إلَاّ بالقوة والإمارة
…
" (3).
(1) روضة الطالبين (10/ 49)، وينظر: مقدمة ابن خلدون (ص 171)، وتاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة (1/ 20)، ولسان العرب مادة "خلف"(9/ 83).
(2)
منهاج السنة (1/ 548)، والسياسة الشرعية (ص 63 - 64).
(3)
السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص 129) باختصار.