الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - وفاته صلى الله عليه وسلم
-.
قال الشيخ رحمه الله: "دل القرآن على أن الرسول صلى الله عليه وسلم ميت، ومن ذلك قوله تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} الزمر: 30، وقوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} العنكبوت: 57، وهو صلى الله عليه وسلم داخل في هذا العموم، وقال تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34)} الأنبياء: 34، وقال:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} الرحمن: 26 - 27،
…
إلى أمثال ذلك من الآيات الدالة على أن الله قد توفاه إليه؛ ولأن الصحابة ن قد غسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه، ولو كان حياً حياته الدنيوية ما فعلوا به ما يفعل بغيره من الأموات، ولأن فاطمة ك قد طلبت إرثها من أبيها صلى الله عليه وسلم لاعتقادها بموته، ولم يخالفها في ذلك الاعتقاد أحد من الصحابة، بل أجابها أبو بكر رضي الله عنه: بأن الأنبياء لا يورثون ولأن الصحابة ن قد اجتمعوا لاختيار خليفة للمسلمين يخلفه، وتم ذلك بعقد الخلافة لأبي بكر رضي الله عنه، ولو كان حياً كحياته في دنياه لما فعلوا ذلك، فهو إجماع منهم على موته، ولأن الفتن والمشاكل لما كثرت في عهد عثمان وعلي م، وقبل ذلك وبعده لم يذهبوا إلى قبره لاستشارته أو سؤاله في المخرج من تلك الفتن والمشكلات وطريقة حلها، ولو كان حياً كحياته في دنياه لما أهملوا ذلك وهم في ضرورة إلى من ينقذهم مما أحاط بهم من البلاء، أما روحه فهي في أعلى عليين؛ لكونه أفضل الخلق، وأعطاه الله الوسيلة وهي أعلى منزلة في الجنة عليه الصلاة والسلام" (1).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر. فقال: إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما مات، ولكنه قد ذهب إلى ربه، كما ذهب موسى بن عمران. فقد غاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع موسى، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنه قد مات. قال: وأقبل أبو بكر، حتى نزل على باب المسجد. حين بلغه الخبر-وعمر يكلم الناس- فلم يلتفت إلى شيء، حتى دخل
(1) فتاوى اللجنة (1/ 470 - 481)، وينظر: فتاوى اللجنة (1/ 122 - 128).
على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى في ناحية البيت، عليه برد حِبَرة، فأقبل حتى كشف عن وجهه، ثم أقبل عليه فقبله ثم قال: بأبي أنت وأمي، أما الموتة التي كتبها الله عليك: فقد ذُقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبداً. ثم رد البرد على وجهه. وخرج -وعمر يكلم الناس- فقال: على رسلك يا عمر، أنصت. فأبى إلا أن يتكلم. فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس. فلما سمع الناس كلام أبي بكر أقبلوا عليه، وتركوا عمر. فحمد الله تعالى، وأثنى عليه. ثم قال: أيها الناس، إنه من كان يعبد محمداً. فإن محمداً قد مات. ومن كان يعبد الله تعالى، فإن الله حي لا يموت. قال: ثم تلا هذه الآية: قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)} آل عمران: 144، قال: فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت، حتى تلاها أبو بكر يومئذ، قال: وأخذها الناس عن أبي بكر، فإنما هي في أفواههم. قال أبو هريرة فقال عمر: فو الله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها. فعثرت حتى وقعتُ إلى الأرض، ما تحملني رجلاي، فاحتملني رجلان، وعرفت أن رسول الله قد مات) (1).
ولا نقول إلا كما قال أبو بكر وعمر م حينما دخلوا عليه وهو ميت وهما في الصف الأول حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إنا نشهد إنك قد بلغت ما أنزل إليك ونصحت لأمتك وجاهدت في سبيل الله حتى أعز الله تعالى دينه وتمت كلمته، ونؤمن بك وحدك لا شريك لك فاجعلنا إلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه واجمع بيننا وبينه حتى يعرفه بنا وتعرفنا به فإنك كنت بالمؤمنين رؤوفاً رحيما لا نبغي بالإيمان بدلاً ولا نشتري به ثمناً أبداً (2).
(1) ينظر: الدر المنثور (2/ 337)، ومسند الشاميين للطبراني (8/ 403)، مختصر سيرة الرسول لمحمد بن عبد الوهاب رحمه الله (246 - 247).
(2)
ينظر: دلائل النبوة (7/ 251).