الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - ما عد من خصائصه صلى الله عليه وسلم وهو غير ثابت
.
-
اختصاصه صلى الله عليه وسلم بأنه المقصود من خلق الخلق
.
سُئل الشيخ رحمه الله عن هذا الحديث (لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك) فأجاب بقوله: " ذكره العجلوني (1)، وقال: قال الصغاني (2): إنه موضوع، ثم قال: وأقول: لكنه معناه صحيح وإن لم يكن حديثًا. نقول: بل هو باطل لفظًا ومعنى؛ فإن الله تعالى إنما خلق الخلق ليعبدوه، كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} الذاريات: 56، ولم يثبت حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن الخلق خلقوا من أجله لا الأفلاك ولا غيرها من المخلوقات، وذكره محمد بن علي الشوكاني (3) وقال: قال الصغاني: موضوع، ومما يدل على ذلك قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} الطلاق: 12"(4).
ويبين الشيخ رحمه الله الحكمة من خلق السماوات والأرض، فقال: "لم تخلق السموات والأرض من أجله صلى الله عليه وسلم، بل خلق لما ذكره الله سبحانه من قوله عز وجل: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ
(1) في (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس) وهو إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي العجلوني الدمشقي، أبو الفداء، من مؤلفاته: كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، شرح الحديث المسلسل بالدمشقيين، الفيض الجاري شرح صحيح البخاري وغيرها، توفي سنة 1162 هـ.
ينظر: سلك الدرر (1/ 259)، الأعلام (1/ 325).
(2)
هو محمد بن إسحاق بن جعفر الصغاني الخرساني، أبو بكر، نزيل بغداد، أحد الثقات، روى عنه مسلم والترمذي ومات سنة (275 هـ).
ينظر: طبقات الحفاظ للسيوطي (1/ 50)، معجم البلدان (3/ 403).
(3)
في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة (1/ 326).
(4)
فتاوى اللجنة (1/ 465).
أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} الطلاق: 12، أما الحديث المذكور (1) فهو مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم لا أساس له من الصحة" (2).
والقول بأنه صلى الله عليه وسلم المقصود من الخلق قول باطل من وجوه:
1 -
أن القول بذلك يعارض النصوص الشرعية الدالة على أن المقصود من الخلق ابتلاؤهم بالعبادة كقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} الذاريات: 56، وقوله سبحانه:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} الملك: 2، وأن الله تعالى هو الممد للمخلوقات والمتصرف فيها كيف يشاء كقوله سبحانه:{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} البقرة: 284، وقوله جل وعلا:{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)} المائدة: 17.
2 -
أن القول بذلك ينافي بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم وما أخبر الله به عنه وأخبر هو عن نفسه كقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)} الكهف: 110، وقوله سبحانه:{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)} الأعراف: 188، وقوله صلى الله عليه وسلم:(يا معشر قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً)(3).
3 -
أن هذا القول مأخوذ من بعض الفلسفات الفاسدة، والعقائد الباطلة كالفلسفة الهندية، والعقيدة النصرانية.
(1) الحديث هو (لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك).
(2)
فتاوى اللجنة (1/ 469).
(3)
أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله تعالى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} الشعراء: 214، (3/ 1497) برقم (4771) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه به.
4 -
أن غاية ما استدلوا به أحاديث موضوعة لا تقوم بها الحجة (1).
ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ما يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كوكباً، أو أن العالم كله خلق منه، أو أنه كان موجوداً قبل أن يخلق أبواه، أو أنه كان يحفظ القرآن قبل أن يأتيه به جبريل، وأمثال هذه الأمور، فكل ذلك كذب مفترى باتفاق أهل العلم بسيرته.
والأنبياء كلهم لم يخلقوا من النبي صلى الله عليه وسلم، بل خلق كل واحد من أبويه، ونفخ الله فيه الروح.
ولا كان كلما يعلم الله لرسله وأنبيائه يوحيه يأخذونه بواسطة سوى جبريل، بل تارة يكلمهم الله وحياً يوحيه إليهم، وتارة يكلمهم من وراء حجاب كما كلم موسى بن عمران وتارة يبعث ملكاً فيوحي بإذنه ما يشاء، ومن الأنبياء من يكون على شريعة غيره، كما كان بني إسرائيل على شريعة التوراة.
وأما كونهم كلهم يأخذون من واحد فهذا يقوله ونحوه أهل الاتحاد من أهل الوحدة والاتحاد كابن عربي صاحب الفتوحات المكية والفصوص وأمثالهما" (2).
(1) ينظر: الجواب الصحيح (3/ 384)، حقيقة الصوفية للقاسم (ص 280)، مظاهر الانحرافات العقدية عند الصوفية (1/ 393).
(2)
مجموع الفتاوى (18/ 367 - 368).