الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
التحريف في أسماء الله وصفاته
قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: "يبعد أن تتوارد النصوص على إثبات أمر في أصول الدين، والمراد خلافه من غير دليل يرشد إلى ذلك اعتماداً على ما أودعه الله عبادة من العقول"(1). ويقول كذلك رحمه الله: "الأصل الحقيقة حتى يكون دليل من العقل أو النقل"(2).
ويبين رحمه الله بأنه: "يجب الإيمان بالصفات جميعها دون إرجاع بعضها إلى الآخر"(3).
التحريف: لغة: هو التغيير والإمالة (4)، وقيل: تحريف الكلام: العدول به عن وجهته (5).
وفي الاصطلاح: هو تغيير النص لفظاً أو معنى، وبعضهم يقول: تغيير ألفاظ الأسماء والصفات، أو تغيير معانيها (6).
أقسامه وأمثلته: التحريف قسمان:
1 -
تحريف اللفظ: كمحاولة بعض المبتدعة قراءة قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)} النساء: 164، بنصب لفظ الجلالة؛ وذلك لنفي صفة الكلام عن الله سبحانه وجعل الكلام لموسى.
ويروى أن جهمياً طلب من أبي عمرو بن العلاء أحد القراء أن يقرأ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)} ، بنصب لفظ الجلالة فقال له: هبني فعلت ذلك فما تصنع بقوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} الأعراف: 143، فبهت الجهمي (7).
(1) تعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي على تفسير الجلالين (ص 9).
(2)
تعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي على تفسير الجلالين (ص 145).
(3)
تعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي على تفسير الجلالين (ص 153).
(4)
ينظر: لسان العرب (9/ 43).
(5)
ينظر: المصباح المنير (1/ 158).
(6)
التنبيهات السنية (ص 22).
(7)
ينظر: الصواعق المرسلة (1/ 218)، التنبيهات السنية (ص 22).
2 -
تحريف المعنى: وهو إبقاء اللفظ كما كان وصرف معناه عن المراد به؛ مثل تأويل الاستواء بالاستيلاء، واليد بالنعمة (1)؛ كتأويلات الأشاعرة الذين ساروا في تأويلاتهم عبر طريقين:
الأول: تأويل الصفات التي ينفونها بصفة يثبتونها؛ كتأويل الرضا بالإرادة.
الثاني: تأويل الصفات التي ينفونها ببعض المخلوقات من النعم أو العقوبات؛ كتأويل الرضا بالثواب أو الجنة، والغضب بالعقاب أو النار. وفوق ذلك غلو تحريف الجهمية الذي قادها للتعطيل الكلي، وأشد منه كفراً تحريفات الباطنية وغلاة الصوفية (2).
والتحريف محرم لأنه تغيير لكلام الله سبحانه، وقول على الله بلا علم. وقد ذم الله الذين يحرفون الكلم عن مواضعه من بني إسرائيل وغيرهم. والمحرفون فيهم شبه من اليهود والنصارى.
وقد يصل التحريف إلى حد الكفر؛ وهذا إذا كان تكذيباً، أما إن كان التحريف تأويلاً فهذا منه ما قد يكون خطأً معفواً عنه (3)؛ ولهذا قال شارح الطحاوية:"وكل من التحريف والانحراف على مراتب؛ فقد يكون كفراً، وقد يكون فسقاً، وقد يكون معصية، وقد يكون خطأ"(4).
أما وجه ذلك فكما بينه الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بقوله: إن كان هذا التأويل باعثه الهوى والتعصب وليس عليه دليل فهو كفر لأن حقيقته التكذيب، وإن كان باعثه الهوى والتعصب وله وجهه في لغة العرب فهو فسق، إلا إذا تضمن عيباً في حق الله فهو كفر، وإن صدر هذا التحريف عن اجتهاد وحسن نية وله وجه في اللغة العربية فهو خطأ، لأن الله سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها (5).
(1) ينظر: مختصر الصواعق (2/ 147)، شرح الطحاوية (1/ 13).
(2)
ينظر في أنواع التأويل: الصواعق المرسلة (1/ 215).
(3)
ينظر: نواقض توحيد الأسماء والصفات (ص 34).
(4)
شرح الطحاوية (1/ 13).
(5)
ينظر: شرح لمعة الاعتقاد (ص 21) ضمن مجموع فتاويه ورسائله.