الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - السحر:
يعرف الشيخ رحمه الله السحر بقوله:
" أما السحر: فهو في اللغة: كل ما دقّ، ولطف، وخفي سببه؛ فيشمل قوة البيان، وفصاحة اللسان، لما في ذلك من لطف العبارة، ودقة المسلك، ويشمل النميمة لما فيها من خفاء أمر النمام، وتلطفه في خداع من نمّ بينهما ليتم له ما يريد من الوقيعة، ويشمل العزائم العقد التي يعقدها الساحر، وينفث فيها مستعيناً بالأرواح الخبيثة من الجنّ، فيصل بذلك في زعمه إلى ما يريد من الأحداث والمكاسب"(1).
والسحر كما بين الشيخ رحمه الله: كل ما دق، ولطف، وخفي سببه (2).
وقد عُرف بتعاريف متعددة، منها:
- صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره (3).
- كل أمر يخفى سببه، ويتخيل على غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع (4).
- هو إخراج الباطل في صورة الحق (5). وغير ذلك.
أما التعريف الاصطلاحي للسحر فهو:
عزائم (6) ورقى (7) وعقد (8) تؤثر في الأبدان والقلوب، فيُمرض ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه، ويأخذ أحد الزوجين عن الآخر (9).
(1) مذكرة التوحيد (60 - 61).
(2)
ينظر: معجم الصحاح (2/ 679)، لسان العرب (4/ 348)، القاموس المحيط (2/ 45).
(3)
ينظر: تهذيب اللغة للأزهري (282 - 370).
(4)
ينظر: المعجم الوسيط (1/ 419).
(5)
ينظر: معجم مقاييس اللغة (3/ 138).
(6)
العزائم: هي الرقى، وعزم الراقي: كأنه أقسم على الداء، والعزيمة من الرقى التي يعزم بها على الجن والأرواح، وعزائم القرآن: الآيات التي تقرأ على ذوي الآفات لما يرجى من البرء بها.
ينظر: المعجم الوسيط لعدة مؤلفين منهم أحمد الزيات (2/ 599)، تاج العروس للزبيدي (33/ 89)، لسان العرب (12/ 400).
(7)
الرقى: رقى الراقي رقية ورقياً: إذا عوذ ونفث في عوذته.
ينظر: لسان العرب (14/ 332).
(8)
العقد: هو عقد الخيط التي تنفث فيها السواحر فقد فسر ابن قدامة ذلك بقوله: السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن، وينفثن في عقدهن.
ينظر: الكافي لابن قدامة (4/ 166).
(9)
ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل، لابن قدامة المقدسي (4/ 164).
وقد نقل هذا التعريف عن ابن قدامة بعض المؤلفين منهم:
1 -
الشيخ منصور البهوتي في شرح منتهى الإرادات (3/ 394).
2 -
سلمان بن عبد الله بن محمد بن عبدالوهاب في تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد (ص 382).
3 -
حمد بن علي بن عتيق في إبطال التنديد باختصار شرح التوحيد (ص 79).
4 -
الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد (ص 285).
الفرق بين المعجزة والسحر:
ويبين الشيخ رحمه الله الفرق بينهما، فيقول: " وبذلك يتبين الفرق بين المعجزة والسحر:
1 -
فالمعجزة ليست من عمل النبي، وكسبه. إنما هي خلق محض من الله تعالى على خلاف سنته في الكائنات.
وأما السحر: فمن عمل الساحر، وكسبه سواء أكان تعويذات، أم بياناً، أم نميمة، أم غير ذلك، وله أسبابه ووسائله التي قد تنتهي بمن عرفها ومهر فيها، واستعملها إلى مسبباتها، فليس خارقاً للعادة، ولا مخالفاً لنظام الكون في ربط الأسباب بمسبباتها، والوسائل بمقاصدها.
2 -
والمعجزة: تظهر على يد مدَّعي النبوة لتكون آية على صدقه في رسالته التي بها هداية الناس من الضلالة، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، والأخذ بأيديهم إلى ما ينفعهم في عقائدهم، وأخلاقهم، وأبدانهم، وأموالهم.
أما السحر: فهو خلق ذميم، أو خرافة، أو صناعة يموه بها الساحر على الناس، ويضللهم، ويخدعهم بها عن أنفسهم، وما ملكت أيديهم، ويتخذها وسيلة لكسب العيش من غير حله، ويفرق بها بين المرء وزوجه، والصديق وصديقه، وبالجملة يفسد بها أحوال الأمة بخفاء، والناس عنه غافلون.
3 -
سيرة من ظهرت على يده المعجزة حميدة، وعاقبته مأمونة، فهو صريح في القول والفعل، صادق اللهجة، حسن العشرة، سخي، كريم، عفيف عما في أيدي الناس، يدعو إلى الحق، وينافح دونه بقوة وشجاعة.
أما الساحر: فسيرته ذميمة، ومغبته وخيمة، خائن خداع سيئ العشرة، يأخذ ولا يُعطي، يدعو إلى الباطل، ويسعى جهده في ستره، خشية أن يفتضح أمره، وينكشف سره، فلا يتم ما أراد من الشرّ والفساد.
4 -
من ظهرت على يده المعجزة يقود الأمم والشعوب إلى الوحدة والسعادة، ويهديها طريق الخير، وعلى يده يسود الأمن والسلام، ويفتح البلاد، ويكون العمران.
أما الساحر: فهو آفة الوحدة، ونذير الفرقة، والتخريب والفوضى، والاضطراب" (1).
قد أتى الشيخ رحمه الله على أهم الفروق بين المعجزة والسحر (2).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن جميع ما يختص بالسحر هو مناقض للنبوة، فوجود ذلك يدل على أن صاحبه ليس بنبي، ويمتنع أن يكون دليلاً على النبوة، فإنما استلزم عدم الشيء لا يستلزم وجوده، وكذلك ما يأتي به أهل الطلاسم (3) وعبادة الكواكب (4) مناقض للنبوة (5) ولهذا قال الله تعالى عن من شبه النبي بالساحر:{انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48)} الإسراء: 48.
(1) مذكرة التوحيد (60 - 62).
(2)
ينظر للاستزادة: النبوات (128 - 257)، وإثارة الحق على الخلق لمحمد إبراهيم الحسني (ص 127)، وحجة الله على العالمين ليوسف النبهاني (ص 10)، وأعلام النبوة (ص 16).
(3)
الطلسم: لفظ يوناني. وهو في علم السحر خطوط وأعداد يزعم كاتبها أنه يربط بها روحانيات الكواكب العلوية بالطبائع السفلية، لجلب محبوب، أو دفع أذى، وقد اشتغل المصريون القدماء، والبابليون، والكلدانيون، والسريانيون بعلم الطلاسم، واشتغل به في المشرق جابر بن حيان، وبعده مسلمة بن أحمد المجريطي في الأندلس.
ينظر: المعجم الوسيط (2/ 568)، دائرة المعارف لوجدي 5/ 770.
(4)
قال شيخ الإسلام رحمه الله: أهل دعوة الكواكب الذين يدعون الشمس والقمر والنجوم، ويعبدونها، ويسجدون لها، كما كان النمرود بن كنعان وقومه يفعلون ذلك، وكما يفعل ذلك المشركون من الهند والترك والعرب والفرس وغيرهم. وقد ذكر أبو عبد الله محمد بن الخطيب الرازي في كتابه الذي صنّفه في هذا الفن قطعة كبيرة من أحوال هؤلاء. وقد تواترت الأخبار بذلك عن هؤلاء، وأنه يحصل لأحدهم أشخاص منفصلة عنه تقضي كثيراً من حوائجه، ويسمونها روحانية الكواكب.
ينظر: الصفدية (192، 1241.1173).
(5)
ينظر: النبوات لشيخ الإسلام (1/ 273).