الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رد الشيخ على الآمدي:
1 -
بين الشيخ خطأ الآمدي إذ اعتذر لليهود والرافضة، ووضح الشيخ رحمه الله بأن مبادئ الرافضة موروثة من اليهود.
فقال الشيخ رحمه الله في معرض رده على الآمدي: " اعتذر الآمدي عن اليهود والرافضة في انتقاصهم لله وطعنهم في أفعاله وشرائعه بخفاء الفرق بين النسخ والبداء (1)،
وتعذر الفصل بينهما عليهم؛ فمنعت اليهود النسخ حماية لجانب الله في زعمهم، وجهلت الرافضة ربها (2)؛
(1) البداء له معانٍ:
البداء في العلم: وهو أن يظهر له ما علم، ولا أظن عاقلاً يعتقد هذا الاعتقاد في الله عز وجل.
والبداء في الإرادة: وهو أن يظهر له صواب على خلاف ما أراد وحكم.
والبداء في الأمر: وهو أن يأمر بشيء ثم يأمر بشيء آخر بعده بخلاف لك. ومن لم يُجَوِّز النسخ ظنّ أن الأوامر المختلفة في الأوقات المختلفة متناسخة.
والفرق بين النسخ والبداء من وجهين:
أحدهما: أن البداء: هو أن يأمر بالأمر والآمر لا يدري ما يؤول إليه الحال.
والنسخ هو: أن يأمر بالأمر والآمر يدري أنه سيحيله في وقت كذا، ولا بدَّ قد سبق ذلك في علمه وحتمه من قضائه.
والثاني: أن سبب النسخ لا يوجب إفساد الموجب لصحة الخطاب الأوّل، والبداء يكون سببه دالاً على إفساد الموجب لصحة الأمر الأوّل. مثل: أن يأمره بعمل يقصد به مطلوباً، فيتبيّن أن المطلوب لا يحصل بذلك الفعل فيبدو له ما يوجب الرجوع عنه.
ينظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 148)، نواسخ القرآن لابن الجوزي (ص 83)، وكلام الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام (3/ 136).
(2)
اقر كبار علماء الرافضة بأنواع النسخ، ومن علماء الرافضة الذين اقروا بالنسخ:
1 -
الشيخ أبو علي الفضل الطبرسي، "صاحب كتاب مجمع البيان في تفسير القران" وذكر النسخ حين شرح آية النسخ آيه 106 سورة البقرة.
2 -
أبو جعفر محمد الطوسي الملقب عند الرافضة بشيخ الطائفة، وذكر أنواع النسخ في كتابة التبيان في تفسير القران (1 - 13) مقدمة المؤلف، وأيضا كتابه العدة في أصول الفقه (2/ 516).
3 -
كمال الدين عبد الرحمن العتائقي الحلي في كتابه الناسخ والمنسوخ (ص 35).
4 -
محمد علي في كتابه لمحات من تاريخ القران (ص 222).
5 -
العلامة محسن الملقب بالفيض الكاشاني فقد اقر بنسخ التلاوة حين شرح آية {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} البقرة: 106، قال: " ما ننسخ من آية بأن نرفع حكمها
…
أو ننسها بأن نرفع رسمها"، في كتابه شرح الكاشاني والمعروف أن نرفع رسمها أي نرفع خطها وهذا يعني رفع تلاوتها.
6 -
الفقيه حمزة بن علي بن زهرة الحلبي جوز أنواع النسخ، في كتابة غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع (2/ 343 - 344).
7 -
السيد المرتضي الملقب علم الهدى جوز أنواع النسخ، في كتابة الذريعة آلة أصول الشريعة (1/ 428).
فحكمت بأن الله يبدوا له من المصالح والمفاسد ما كان خفياً عليه؛ فينقض ما أبرمه -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً-؛ ومن تبين أمر اليهود وحسدهم لمن جاء بعد موسى من الأنبياء، وكيدهم لشرائع الإسلام، وتبين حال الرافضة، ووقف على فساد دخيلتهم وزندقتهم؛ بإبطان الكفر وإظهار الإسلام، وإنهم ورثوا مبادئهم عن اليهود ونهجوا في الكيد للإسلام منهجهم علم أن ما قالوه من الزور والبهتان، إنما كان عن قصد سيئ وحسد للحق وأهله، وعصبية ممقوتة دفعتهم إلى الدس والخداع وإعمال معاول الهدم سراً وعلناً للشرائع ودولها القائمة عليها، ومن قرأ آيات القرآن وتاريخ الفريقين ظهر له ما هم عليه من الدخل والمكر السيئ" (1).
2 -
أوضح الشيخ رحمه الله منهج الآمدي في العقيدة بأنه منهج الأشاعرة، وبين تناقضه.
قال الشيخ رحمه الله: " لو قال المعتزلي: أحكام الله من صنعه؛ لقلنا: إنه بنى تعبيره على مذهبه من أن كلام الله مخلوق لفظه ومعناه؛ لكن الآمدي أشعري يرى أن أحكام الله خطابه، وأنها قديمة غير مخلوقة، وأنها شيء واحد في نفسه، وإن تعددت باعتبار متعلقاتها وتعلقاتها
…
(2)؛
فكيف يقول هنا: إن أحكام الله من صنعه؛
(1) تعليق الشيخ على الإحكام (3/ 136 - 137).
(2)
قال الشيخ د. عبد الرحمن المحمود وفقه الله: " وقع الخلاف في مسألة تعليل أفعال الله على أقوال:
1 -
قول من نفى الحكمة وأنكر التعليل، وهؤلاء يقولون: إن الله تعالى خلق المخلوقات، وأمر المأمورات، لا لعلة ولا لداع ولا باعث، بل فعل ذلك لمحض المشيئة، وصرف الإرادة، وهذا مذهب الجهمية والأشاعرة وهو قول ابن حزم وأمثاله. - ينظر: الإرشاد للجويني (ص 268) وما بعدها، ونهاية الأقدام (ص 297)، ومحصل أفكار المتقدمين للرازي (ص 205)، الفصل (3/ 174) - ط دار المعرفة. الأحكام لابن حزم (8/ 1110) وما بعدها.-
2 -
إن الله فعل المفعولات وخلق المخلوقات، وأمر بالمأمورات لحكمة محمودة، ولكن هذه الحكمة مخلوقة، منفصلة عنه، لا ترجع إليه، وهذا قول المعتزلة ومن وافقهم. - ينظر: المغني في أبواب التوحيد والعدل، لعبد الجبار الهمذاني (6/ 48، 11/ 92 - 93).-
3 -
قول من يثبت حكمة وغاية قائمة بذاته تعالى، ولكن يجعلها قديمة غير مقارنة للمفعول.
4 -
إن الله فعل المفعولات وأمر بالمأمورات لحكمة محمودة، وهذه الحكمة تعود إلى الرب تعالى، لكن بحسب علمه، والله تعالى خلق الخلق ليحمدوه ويثنوا عليه ويمجدوه، فهذه حكمة مقصودة واقعة، بخلاف قول المعتزلة فإنهم أثبتوا حكمة هي نفع العباد. وهذا قول الكرامية الذين يقولون: من وجد منه ذلك فهو مخلوق له وهم المؤمنون، ومن لم يوجد منه ذلك فليس مخوقه له. - ينظر: مجموع الفتاوى (8/ 39).-
5 -
قول أهل السنة وجمهور السلف وهو أن الله حكمة في كل ما خلق، بل له في ذلك حكمة ورحمة.- ينظر: مجموع الفتاوى (8/ 35 - 36)، شفاء العليل لابن القيم (ص 400 - 434).-
هذه خلاصة الأقوال في هذه المسألة، ويلاحظ أنها تنتهي إلى قولين.
أحدهما: نفاة الحكمة، وهو قول الأشاعرة ومن وافقهم.
والثاني: قول الجمهور الذين يثبتون الحكمة. وهؤلاء على أقوال: أشهرها قول المعتزلة الذين يثبتون حكمة تعود إلى العباد ولا تعود إلى الرب، وقول جمهور السلف الذين يثبتون حكمة تعود إلى الرب تعالى. - ينظر: أقوم ما قيل في القضاء والقدر - مجموع الفتاوى (8/ 83 - 93، 97 - 98)، منهاج السنة (1/ 97 - 98) ط دار العروبة المحققة، والاستغاثة (ص:2/ 27)، جواب أهل العلم والإيمان - مجموع الفتاوى - (17/ 198 - 203)، درء التعارض (8/ 54)، مجموع الفتاوى (8/ 377 - 381)، ومنهاج السنة (1/ 94 - 95) ط دار العروبة المحققة.-
ويلاحظ أن من نفي الحكمة والتعليل - كالأشاعرة - دفعه ذلك إلى الميل إلى الجبر وإثبات الكسب القدرة غير المؤثرة للعبد. ومن أثبت حكمة تعود إلى العباد، جعلوا هذه الحكمة لا تتم إلا بأن يكون العباد هم الخالقين لأفعالهم وهذا قول المعتزلة.
أما أهل السنة فلم يلزمهم لازم من هذه اللوازم الباطلة، ولذلك جاء مذهبهم وسطا في باب القدر - كما سيأتي أن شاء الله -"
ينظر: موقف ابن تيمية من الأشاعرة (5/ 270).
فكان ينبغي أن يقول: أحكام الله من شرعه، إحقاقاً للحق، وأدباً مع الله في نسبة صفاته إليه، وليسلم من التناقض" (1).
(1) تعليق الشيخ على الإحكام (3/ 358).