الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إذا لم يعرف هل وافقه غيره أو خالفه لم يجزم بأحدهما.
ومتى كانت السنة تدل على خلافه كانت الحجة في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فيما يخالفها بلا ريب عند أهل العلم" (1).
سابعاً: محبة الصحابة
.
قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: " أهل السنة والجماعة يحبون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويثنون عليهم ويترضون عنهم كما أثنى الله عليهم وترضى عنهم، قال تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} التوبة: 100، وقال تعالى:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} الفتح: 29إلى آخر السورة، إلى غير ذلك من الآيات التي وردت فيها ثناء الله عليهم وترغيب المؤمنين في حبهم والدعاء لهم ولمن تبعهم بإحسان
…
ويرى أهل السنة أن حب الصحابة دين وإيمان وإحسان لكونه امتثالاً للنصوص الواردة في فضلهم، وأن بغضهم نفاق وضلال لكونه معارضاً لذلك، ومع ذلك فهم لا يتجاوزون الحد في حبهم أو في حب أحد منهم لقوله تعالى:{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} النساء: 171، ولا يجفون أحداً منهم، ولا يتبرءون منه" (2).
الصحابة هم خير القرون، وصفوة هذه الأمة وأفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، ويجب علينا أن نتولاهم ونحبهم ونترضى عنهم وننزلهم منازلهم، فإن محبتهم واجبة على كل مسلم، وحبهم دين وإيمان وقربى إلى الرحمن، وبغضهم كفر وطغيان. فهم حملة هذا الدين، فالطعن فيهم طعن في الدين كله لأنه وصلنا عن طريقهم بعد أن تلقوه غضًّا طريًّا
(1) التوسل والوسيلة (1/ 104)، وينظر: منهاج السنة النبوية (3/ 406)، الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (1/ 415)، تدريب الراوي للسيوطي (1/ 187).
(2)
مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله (ص 14).
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة ونقلوه لنا بكل أمانة وإخلاص ونشروا الدين في كافة ربوع الأرض في أقل من ربع قرن وفتح الله على أيديهم بلاد الدنيا فدخل الناس في دين الله أفواجاً (1).
وقد دل الكتاب والسنة على وجوب موالاة الصحابة ومحبتهم وأنها دليل صدق إيمان الرجل.
فمن الكتاب قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} التوبة: 71. وإذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مقطوعاً بإيمانهم بل هم أفضل المؤمنين لتزكية الله ورسوله لهم فإن موالاتهم ومحبتهم دليل إيمان من قامت به هذه الصفة.
ومن السنة حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار)(2).
والنصوص في هذا كثيرة جداً لا يسع المقام ذكرها على أنه يحسن التنبيه هنا على ما يترتب على موالاة الصحابة رضوان الله عليهم من الآثار الطيبة في الدنيا والآخرة مما يشحذ الهمم على تحقيق موالاتهم.
فمن آثار موالاتهم الطيبة في الدنيا الفلاح والغلبة والنصر كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)} المائدة: 56. قال ابن كثير: "كل من رضي بولاية الله ورسوله والمؤمنين فهو مفلح في الدنيا والآخرة ومنصور في الدنيا والآخرة" (3).
ومن ثمار محبتهم في الآخرة ما يُرجى لمُحبّهم من الحشر معهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله
(1) ينظر: أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة لنخبة من العلماء وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية (ص 254)، وتفسير القرطبي (8/ 38)، وشرح صحيح مسلم للنووي (16/ 83).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب علامة الإيمان حب الأنصار برقم (17).
(3)
تفسير ابن كثير (2/ 72).