الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
الحارثية (1).
وقد اندثرت هذه الفرق التي انشقت عن الإباضية، وقد تبرأ سائر الإباضية من أفكارهم وكفروهم لشططهم وابتعادهم عن الخط الإباضي الأصلي، الذي لا يزال إلى يومنا هذا (2).
موقف الصحابة والسلف من الخوارج وحكمهم فيهم
.
كان موقف الصحابة رضي الله عنهم والسلف من بعدهم، من الخوارج قوياً وحازماً، وقد تجلى في التحذير منهم ومن بدعهم ومقالاتهم الفاسدة، كما كانوا يناظرونهم ويعلمونهم كما فعل علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما.
وكانوا يرونهم شرار الخلق.
وكانوا يقاتلونهم إذا حدث منهم قتال أو بغي أو قطعوا السبل وتعرضوا لمصالح المسلمين.
وإليك نماذج من مواقف السلف من الخوارج:
1 -
أخرج الآجري في الشريعة عن ابن طاووس، عن أبيه قال: ذكر لابن عباس رضي الله عنه: "يؤمنون بمحكمه ويضلون عند متشابهه، وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به"(3). يعني بما يصيبهم عند قراءة القرآن من الصعق والغشي.
2 -
قال الآجري: " فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام - عدلاً كان الإمام أو جائراً- فخرج وجمع جماعة وسل سيفه واستحل قتال المسلمين، فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن ولا بطول قيامه في الصلاة ولا بدوام صيامه، ولا بحسن ألفاظه في
(1) الحارثية: أصحاب الحارث بن يزيد الأباضي الخارجي، خالف الأباضية في قوله بالقدر على مذهب المعتزلة وفي الاستطاعة قبل الفعل، وزعمت الحارثية انه لم يكن لهم إمام بعد المحكمة الأولى إلا عبد الله بن أباضى وبعده حارث ابن مزيد الاباضى.
ينظر: الفرق بين الفرق (ص 105)، معجم ألفاظ العقيدة (ص 139).
(2)
ينظر: تاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة (1/ 85)، الموسوعة الميسرة (1/ 61).
(3)
الشريعة (ص 27 - 28).
العلم، إذا كان مذهبه مذهب الخوارج، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبار لا يدفعها كثير من علماء المسلمين، بل لعله لا يختلف في العلم بها جميع أئمة المسلمين" (1).
3 -
وأخرج ابن بطة (2): عن قتادة {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} آل عمران: 7 قال: إن لم يكن الحرورية والسبئية فلا أدري من هم؟ ولعمري لو كان أمر الخوارج هدى لاجتمع ولكنه كان ضلالة فتفرق، وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه اختلافاً كثيراً، فوالله إن الحرورية لبدعة وإن السبئية لبدعة ما أنزلت في كتاب ولا سنّهن نبي
…
والحرورية والسبئية والروافض أصحاب عبد الله بن سبأ، الذين حرقهم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بالنار وبقي بعضهم (3).
ورغم شدة موقف الصحابة والأئمة من بعدهم منَ الخوارج وقتالهم لهم، إلا أنهم توقفوا في تكفيرهم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " ومما يدل على أن الصحابة لم يكفّروا الخوارج أنهم كانوا يصلون خلفهم، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة يصلون خلف نجدة الحروري، وكانوا أيضاً يحدثونهم ويفتونهم ويخاطبونهم كما يخاطب المسلم المسلم، كما كان عبد الله بن عباس يجيب نجدة الحروري، لما أرسل إليه يسأله عن مسائل، وحديثه في البخاري، وكما أجاب نافع بن الأزرق عن مسائل مشهورة، وكان نافع يناظره في أشياء بالقرآن كما يتناظر المسلمان، وما زالت سيرة المسلمين على هذا، ما جعلوهم مرتدين كالذين قاتلهم الصديق"(4).
(1) الشريعة (ص 28).
(2)
هو: عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري المشهور بابن بطة، حنبلي سلفي، من مؤلفاته: الإبانة الكبرى، والإبانة الصغرى، توفي سنة 387 هـ.
ينظر: سير أعلام النبلاء (16/ 529)، شذرات الذهب (3/ 122).
(3)
ينظر: الإبانة (2/ 607 - 608).
(4)
منهاج السنة (5/ 247 - 248).
وقال كذلك رحمه الله: " والخوارج كانوا من أظهر الناس بدعة وقتالاً للأمة وتكفيرا لها، ولم يكن في الصحابة من يكفرهم، لا علي بن أبي طالب ولا غيره، بل حكموا فيهم بحكمهم في المسلمين الظالمين المعتدين، كما ذكرت الآثار عنهم بذلك في غير هذا الموضع"(1).
(1) مجموع الفتاوى (7/ 217 - 218).