الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - بعض من صفات الجن:
¤أن الجن مكلفون، ولهم إرادة واختيار.
يقرر الشيخ رحمه الله، هذه المسألة، بقوله:" ثبت بالأدلة أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عامة للثقلين الإنس والجن، قال تعالى: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70)} يس: 70، والجن من عقلاء الأحياء، وقال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)} يوسف: 104،والجن من العالمين، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} الأنبياء: 107،والجن كذلك من العالمين، وقال تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} الأنعام: 19، والجن ممن بلغتهم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} الفرقان: 1، والجن من العالمين، وبعد أن بين سبحانه خلقه الإنس والجن وأصل كل منهما الذي منه خلق وذكر كثيرا من نعمه على عباده أنكر في القرآن - الذي هو شريعة لمحمد عليه الصلاة والسلام ولأمته عامة - على الإنس والجن عدم شكرهما نعمه فقال: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18)} الرحمن: 18، إحدى وثلاثون مرات عقب النعم الكونية الشاملة لهما وبعد أنواع الجزاء حملاً لهما على شكر الله بتوحيده وطاعته وتحذيرا لهما من عواقب كفر نعمه تعالى عليهم؛ فهذه الآيات وما جاء في معناها دالة على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم للإنس والجن، وأن شريعة الجن هي الشريعة الإسلامية. وأما كونهم خلقوا قبل الإنس أو بعدهم فلا أثر له بالنسبة لتكليفهم بالشريعة الإسلامية. وأما كونهم قد أرسل إليهم رسول خاص بهم فلا نعلم ذلك"(1).
وقد سبق في تعريف الجن أنهم أمة مكلفة كالإنس، ولهم إرادة واختيار، وهذا هو الذي تشهد له الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} الذاريات: 56، وقال تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ
(1) فتاوى اللجنة (3/ 363 - 364)(3/ 371).
مِنْكُمْ} الأنعام: 130، وغير ذلك من الآيات التي توعدت الكافرين من الجن والإنس بالتعذيب في النار، كقوله تعالى {وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25)} فصلت:25. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فُضِّلْتُ على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجُعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلتُ إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون) (1).
قال السبكي (2): "ومحل الاستدلال قوله: (وأرسلت إلى الخلق كافة) فإنه يشمل الجن والإنس، وحمله على الإنس خاصة تخصيص بغير دليل، فلا يجوز. ثم يقول: وحديث مسلم الذي استدللنا به أصرح الأحاديث الدالة على شمول الرسالة للجن والإنس"(3).
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على تكليف الجن، وفي هذا دلالة على أن لهم إرادة واختياراً، وإلا لما طولبوا بالإيمان وترك الكفر.
¤أن الجن يتشكلون ويرون.
قال الشيخ عبد الرزاق رحمه الله: " عالم الجن وأحوالهم غيبي بالنسبة للإنس لا يعلمون منهما إلَاّ ما جاء في كتاب الله تعالى أو صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجب الإيمان بما ثبت في ذلك بالكتاب والسنة دون استغراب أو استنكار والسكوت عما عداه"(4).
والذي تشير إليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أن الجن يتشكلون بالصور المختلفة. قال ابن تيمية رحمه الله: "والجن يتصورون في صور الإنس والبهائم، فيتصورون في صور
(1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة، المقدمة، برقم (523).
(2)
هو علي بن عبد الكافي بن علي السبكي، تقي الدين، أبو الحسن، أشعري شافعي، من مؤلفاته: شفاء السقام في زيارة خير الأنام، السيف المسلول علي من سب الرسول، الفتاوى، توفي سنة 756 هـ.
ينظر: طبقات الشافعية الكبرى (6/ 146)، الدرر الكامنة (3/ 63).
(3)
فتاوى السبكي (2/ 597).
(4)
ينظر: فتاوى اللجنة (1/ 279 - 282).
الحيات والعقارب وغيرها، وفي صور الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير، وفي صور الطير، وفي صور بني آدم" (1).
ولا يمنع خلقهم من النار تشكلهم في الصور المختلفة، يقول الباقلاني:"لسنا ننكر مع كون أصلهم النار أن الله تعالى يكثف أجسامهم ويغلظها، ويخلق لهم أعراضاً تزيد على ما في النار، فيخرجون عن كونهم ناراً، ويخلق لهم صوراً وأشكالاً مختلفة"(2).
- الأدلة على تشكل الجن ورؤيتهم:
أما من القرآن فقوله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ} الأنفال: 48.
قال الطبري (3)
في تفسير هذه الآية: " عن ابن عباس قال: جاء إبليس يوم بدر في جند من الشياطين، معه رايته، في صورة رجل من بني مدْلج في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان للمشركين {لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} الأنفال: 48، فلما اصطف الناس أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من التراب، فرمى بها في وجوه المشركين، فولوا مدبرين، وأقبل جبريل إلى إبليس، فلما رآه - وكانت يده في يد رجل من المشركين - انتزع إبليس يده، فولى مدبراً هو وشيعته، فقال الرجل: يا سراقة: تزعم أنك جار لنا؟ قال: {إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48)} الأنفال: 48، وذلك حين رأى الملائكة"(4).
(1) إيضاح الدلائل في عموم الرسالة لابن تيمية (ص 32).
(2)
الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (ص 65).
(3)
هو: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير، أبو جعفر الطبري، الإمام المفسر، أحد أعلام السلف، له مصنفات منها: جامع البيان في تأويل القرآن، تاريخ الأمم والملوك، صريح السنة وغيرها، توفي سنة (310 هـ).
ينظر: سير أعلام النبلاء (14/ 267)، شذرات الذهب (2/ 260).
(4)
تفسير الطبري (10/ 18)، أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (2/ 354). إسناده ضعيف فيه عبد الله بن صالح الجهني وهو مقبول والمثنى بن إبراهيم الآملي وهو مجهول الحال.
ومن الأدلة ما ورد أن الشيطان تصور في صورة شيخ نجدي، عندما اجتمعت قريش بدار الندوة، لتمكر بالرسول صلى الله عليه وسلم (1)، قال تعالى:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)} الأنفال: 30.
وأما في السنة المطهرة فقد وردت أحاديث عديدة تدل على تشكل الجن ورؤيتهم، نجتزئ بعضها للاستدلال على ذلك:
1 -
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ عفريتاً من الجن تفلت عليَّ البارحة، ليقطع عليَّ الصلاة، وإن الله أمكنني منه فذعته (2)، فلقد هممت أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد، حتى تنظرون إليه أجمعون (أو كلكم) ثم ذكرت قول أخي سليمان:{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} ص: 35، فرده الله خاسئاً) (3).
وقد جاء في روايات أن الشيطان جاء بشعلة من نار ليحرق بها وجه الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخذه حتى وجد برد لسانه على يده الشريفة (4).
قال النووي: " فيه دليل على أن الجن موجودون، وأنهم قد يراهم بعض الآدميين. وأما قول الله تعالى:{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} الأعراف: 27؛ فمحمول على الغالب،
(1) رواية ابن عباس في ذلك أخرجها أحمد في مسنده برقم (3251)، والطبري في تفسيره (9/ 227)، وعبد الرزاق في المصنف (5/ 389)، وقد أورد الإمام البخاري قصة الهجرة الصحيحة في الحديثين (3905، 3906) كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، وينظر للقصة: سيرة ابن هشام (2/ 93 - 95)، خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى، لعلي بن عبد الله بن أحمد الحسني السمهودي (1/ 86)، تفسير البغوي (2/ 244)، أسماء المدلسين للسيوطي (1/ 240).
(2)
ذُعْتُه: خنقته.
ينظر: لسان العرب (2/ 33)، تاج العروس للزبيدي (4/ 552)، الفائق لمحمود بن عمر الزمخشري (2/ 10).
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه. كتاب المساجد باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة برقم (541)، وأخرجه البخاري بنحو هذا اللفظ، كتاب التفسير، باب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي برقم (3423).
(4)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (3916)، وأخرجه الدارقطني برقم (140)، وصححه الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (ص 84).
فلو كانت رؤيتهم محالاً؛ لما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال من رؤيته إياه، ومن أنه كان يربطه؛ لينظروا كلهم إليه، ويلعب به وِلْداَنُ أهل المدينة.
قال القاضي: وقيل: إن رؤيتهم على خلقهم وصورهم الأصلية ممتنعة؛ لظاهر الآية، إلا للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ومن خُرِقَتْ له العادة، وإنما يراهم بنو آدم في صور غير صورهم؛ كما جاء في الآثار.
قلت: هذه دعوى مجردة؛ فإن لم يصح لها مستند؛ فهي مردودة " أ. هـ (1).
2 -
ما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني محتاج وعلَّي عيال، ولي حاجه شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا هريرة: ما فعل أسيرك البارحة؟ قال: قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته، فخليت سبيله، فقال: أما إنه قد كذبك وسيعود، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود، فرصدته، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله. فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة: ما فعل أسيرك؟ قلت يا رسول الله: شكا حاجة شديدة وعيالاً، فرحمته فخليت سبيله. قال: أما إنه قد كذبك وسيعود. فرصدته الثالثة، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت، لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا آخر ثلاث مرات، إنك تزعم لا تعود ثم تعود. قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها. قلت: ما هن؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} البقرة: 255، حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله.
فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما فعل أسيرك البارحة؟ فلت يا رسول الله: زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال: ما هي؟ قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
(1) شرح النووي لمسلم (5/ 29).
الْحَيُّ الْقَيُّومُ} وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، وكانوا أحرص شيء على الخير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ قال: لا، قال: ذاك شيطان)(1).
وهذه الرواية وغيرها تدل على تشكل الجن ورؤيتهم في صورهم التي تشكلوا بها.
3 -
روى مسلم في صحيحه: أن أبا السائب (2) دخل على أبي سعيد الخدري في بيته، قال: فوجدته يصلي، قال: فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته، فسمعت تحريكاً في عراجين (3)
في ناحية البيت، فالتفتُّ فإذا حية، فوثبت لأقتلها، فأشار إلي أن أجلس، فجلست، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال: أترى هذا البيت؟ فقلت: نعم. قال: كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس. قال: فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله، فاستأذنه يوماً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خذ عليك سلاحك، فإني أخشى عليك قريظة، فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع، فإذا امرأته بين البابين قائمة، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به، وأصابته غيرة، فقالت له: اكفف عليك رمحك، وأدخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني، فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به، ثم خرج فركزه في الدار، فاضطربت عليه، فما يُدرى أيهما كان أسرع موتاً: الحية أم الفتى؟ قال: فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، وقلنا: ادعُ الله يحييه لنا، فقال: استغفروا لصاحبكم، ثم قال: إن بالمدينة جناً قد أسلموا،
(1) أخرجه البخاري في صحيحه. كتاب الوكالة، باب إذا وكل رجلا فترك الوكيل شيئاً فأجازه برقم (2311).
(2)
هو: أبو السائب الأَنْصارِيّ المدني، مولى هشام بن زهرة، ويُقال: مولى عَبد الله بن هشام بن زهرة، ويُقال: مولى بني زهرة.
ينظر: تهذيب الكمال للمزي (33/ 338)، تقريب التهذيب لابن حجر (ص 643)، معاني الأخبار لبدر الدين العيني (5/ 334).
(3)
العرجين: أراد بها العيدان التي في سقف البيت.
ينظر النهاية في غريب الحديث (3/ 204).
فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه (1) ثلاثة أيام، فان بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان) (2).
ففي هذا الحديث دلالة على أن الجن يتشكلون في صورة الحيات، وقد كانت تلك الحية التي دخلت البيت عبارة عن جن في صورة حية، صُرِع الفتى بسببها.
والجن تتصور بصورة الكلاب كذلك، قال ابن تيمية رحمه الله:"والجن تتصور بصورة الكلب الأسود، وكذلك بصورة القط الأسود، لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره، وفيه قوة الحرارة"(3).
وعن جابر بن عبد الله قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله، ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها وقال: عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين (4) فإنه شيطان) (5).
وقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن مرور الكلب الأسود يقطع الصلاة، فعن عبد الله ابن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم يصلي، فانه يستره إذا كان بين يده مثل آخر الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل، فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود؟ قلت يا أبا ذر: ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ فقال يا ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال (الكلب الأسود شيطان)(6).
(1) آذنوه: أعلموه بأن يخرج.
ينظر: لسان العرب (13/ 9)، مختار الصحاح (ص 5)، تاج العروس (34/ 161).
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه كتاب السلام باب قتل الحيات وغيرها برقم (2236).
(3)
مجموع الفتاوى (19/ 52) بتصرف.
(4)
الأسود البهيم: الخالص السواد، ذي النقطتين: قال النووي في شرح صحيح مسلم (10/ 237): وأما النقطتان معروفتان بيضاوان فوق عينيه، وهذا مشاهد معروف.
(5)
أخرجه مسلم في صحيحه. كتاب المسافاة. باب الأمر بقتل الكلاب برقم (1572).
(6)
أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الصلاة باب قدر ما يستر المصلي برقم (501).