الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس
التمثيل في أسماء الله وصفاته
التمثيل في اللغة: هو إثبات مثيل للشيء، أو هو التشبيه (1).
واصطلاحاً: هو إثبات مثيل لله عز وجل في ذاته أو صفاته (2).
أقسام التمثيل:
القسم الأول: تمثيل المخلوق بالخالق؛ وهو إثبات شيء للمخلوق مما يختص به الخالق من الصفات أو الأفعال أو الحقوق (3).
القسم الثاني: تمثيل الخالق بالمخلوق (4).
(1) ينظر: لسان العرب (11/ 610)، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه قد يفرَّق بين التشبيه والتمثيل، وذلك أن المماثلة تقتضي المساواة من كل وجه بخلاف المشابهة، وقد يعبر بأحدهما عن الآخر. ينظر: التدمرية (ص 117)، والقواعد المثلى (ص 27).
(2)
ينظر: شرح العقيدة الواسطية للهراس (ص 22)، المجلى شرح القواعد المثلى لابن عثيمين (16/ 4).
إثبات مثيل لله عز وجل في ذاته فإن شيخ الإسلام ابن تيمية وهو من أعلم الناس بالفرق والمقالات يذكر أنه لم تذهب طائفة إلى إثبات خالقين متماثلين. إذن إثبات مثيل في الذات لم يقل به أحد.
وأما إثبات مثيل له في صفاته فإن أول من قال بذلك - كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية- هو هشام بن الحكم وتنسب له فرقة تسمى الهاشمية.
ينظر: درء التعارض (1/ 344).
(3)
(التمثيل في الصفات) كحال غلاة الصوفية مع من يسمونهم الأولياء، و (التمثيل في الأفعال) كفعل من أشرك في الربوبية كالمانوية والثانوية والفلاسفة، و (والتمثيل في الحقوق) كاعتقاد المشركين بأصنامهم حيث عبدوها مع الله تعالى.
ينظر: نواقض توحيد الأسماء والصفات (ص 52) ....
(4)
كاعتقاد الهاشمية أتباع هشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي، واليونسية أتباع يونس بن عبد الرحمن القمي الذين وصفوا الله سبحانه بصفات المخلوقين تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
ينظر: اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي (ص 97).
حكم التمثيل:
التمثيل كفر؛ لأنه تكذيب لقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} الشورى: 11، قال إسحاق بن راهويه: " من وصف الله فشبه صفاته بصفات أحد من خلق الله فهو كافر بالله العظيم
…
" (1).
والعقل لا يمكن أن يفرض لله مثيلاً؛ لظهور التباين بين الخالق والمخلوق ببداهة العقول، لكن لفظ التشبيه الذي يستعمل بمعنى التمثيل صار في كلام الناس لفظاً مجملاً، يراد به المعنى الحق وهو ما نفاه القرآن بقوله سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} الشورى: 11، ويراد به باطل وهو ما عناه الجهمية وأضرابهم؛ فالمثبت للأسماء والصفات هو عند الجهمي ممثل؛ والمثبت للصفات هو عند المعتزلي ممثل؛ والمثبت لجميع ما أثبته الله ورسوله في كتابه وسنة رسوله من الأسماء والصفات هو عند الأشاعرة والكلابية والماتريدية ممثل، ولذلك لا بد من التفصيل والبيان عند الحكم (2).
نفي التمثيل أولى من نفي التشبيه:
وذلك لثلاثة أوجه:
أولاً: أن التمثيل هو الذي ورد بنفيه القرآن، "والتعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية الإلهية هو سبيل أهل السنة والجماعة"(3).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تقرير ذلك: " ذكرت في النفي التمثيل ولم أذكر التشبيه لأن التمثيل نفاه الله بنص كتابه حيث قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} الشورى: 11، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)} مريم: 65، وكان أحب إلي من لفظ ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم "(4).
(1) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (3/ 532)، شرح الطحاوية (1/ 58).
(2)
نواقض توحيد الأسماء والصفات (ص 53).
(3)
شرح الطحاوية (1/ 70، 71).
(4)
مجموع الفتاوى (3/ 266).
الثاني: أن نفي التشبيه مطلقاً يؤدي للتعطيل؛ ذلك أنه ما من موجودين إلا وبينهما قدر مشترك يتشابهان فيه؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وعلم أيضاً بالعقل أن كل موجودين قائمين بأنفسهما فلابد بينهما من قدر مشترك؛ كاتفاقهما في مسمى الوجود، والقيام بالنفس، والذات ونحو ذلك؛ فإن نفي ذلك يفضي إلى التعطيل المحض"(1).
الثالث: أن لفظ التشبيه استعمل فيما بعد في غير ما وضع له حتى صار من الألفاظ المجملة التي تحتاج إلى بيان؛ فقد ينفي التشبيه ويراد به نفي الحق الذي وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، لذا فإن استعمال اللفظ الشرعي وهو التمثيل أولى لأنه أدل على المعنى، ولأن من طريقة أهل السنة التعبير بالألفاظ الشرعية البينة دون الألفاظ المحدثة المجملة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " ثم إن الجهمية والمعتزلة أدرجوا نفي الصفات في مسمى التوحيد؛ فصار من قال إن لله علماً أو قدرة، أو أنه يُرى في الآخرة، أو أن كلام الله منزل غير مخلوق؛ يقولون: إنه مشبه وليس بموحد"(2).
(1) مجموع الفتاوى (3/ 99).
(2)
مجموع الفتاوى (3/ 99).