الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكون من أهل السنة والجماعة، بل كافر مرتد عن ملة الإسلام إن كان قد زعم أنه مسلم" (1).
وآثرت الحديث مفصلاً عن هذه المسألة في الفصل الثاني من الباب الثاني من هذه الرسالة والذي هو بعنوان جهوده في بيان الفرق والمذاهب المعاصرة، خشية التكرار والإطالة.
2 - البدع
.
-
التردد على قبر النبي صلى الله عليه وسلم
-.
بين الشيخ عبد الرزاق: الحكم في التردد على قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"ولا يشرع للمسلم كلما دخل المسجد النبوي التردد إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء عنده ولا اتخاذه عيداً يعود إليه المرة بعد المرة؛ لما رواه أبو داود بإسناد حسن رواته ثقات عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) (2)، ولما روي عن علي بن الحسين (أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو فنهاه، وقال: "ألا أحدثكم حديثًا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم)(3) وإسناده جيد، وكان الصحابة رضي الله عنهم أحرص على الخير منا وأحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرف بحقه على الأمة وبآداب زيارته منا، ومع ذلك لم ينقل عن أحد منهم أنه كان يتردد على قبره صلى الله عليه وسلم والدعاء عنده، لكن ثبت عن ابن عمر م أنه كان إذا حضر إلى المدينة من سفر فقط جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه)، ثم ينصرف،
(1) فتاوى اللجنة (1/ 461 - 462).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (8790)، وأبو داود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور برقم (2042)، وصححه النووي في "الأذكار"(ص 93)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (7226) وفي "صحيح وضعيف سنن أبي داود" برقم (2042).
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (8586)، صححه الألباني في تلخيص أحكام الجنائز برقم (10)(ص 88).
ولهذا كره مالك بن أنس رحمه الله لأهل المدينة أن يأتي أحدهم إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلما دخل المسجد، وقال:(لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها) " (1).
(ولا تجعلوا قبري عيداً) قال الإمام بن تيمية رحمه الله: " العيد اسم ما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائدا ما يعود السنة أو يعود الأسبوع أو الشهر ونحو ذلك"(2).
وقال بن القيم رحمه الله: العيد ما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان مأخوذ من المعاودة والاعتياد فإذا كان اسما للمكان فهو المكان الذي يقصد فيه الاجتماع الانتساب بالعبادة وبغيرها كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة والمشاعر جعلها الله تعالى عيداً للحنفاء ومثابة للناس كما جعل أيام العيد منها عيدا وكان للمشركين أعياد زمانية ومكانية فلما جاء الله بالإسلام أبطلها وعوض الحنفاء منها عيد الفطر وعيد النحر كما عوضهم عن أعياد المشركين المكانية بكعبة ومنى ومزدلفة وسائر المشاعر انتهى (3).
وقيل العيد: ما يعاد إليه أي لا تجعلوا قبري عيدا تعودون إليه متى أردتم أن تصلوا علي فظاهره منهي عن المعاودة والمراد المنع عما يوجبه وهو ظنهم بأن دعاء الغائب لا يصل إليه ويؤيده قوله وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم أي لا تتكلفوا المعاودة إلي فقد استغنيتم بالصلاة علي (4).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الحديث يشير إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم عنه فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدا" انتهى (5).
(1) فتاوى اللجنة (1/ 479 - 480).
(2)
اقتضاء الصراط المستقيم (ص 189)، وينظر: مرقاة المفاتيح لعلي بن سلطان القاري (3/ 11)، شرح كتاب التوحيد لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ص 166)، تيسير العزيز الحميد لسليمان بن عبد الله (ص 157).
(3)
إغاثة اللهفان (1/ 190).
(4)
ينظر: شرح كتاب التوحيد لسليمان بن عبد الله (ص 305)، تيسير العزيز الحميد (ص 286)، عون المعبود (6/ 23).
(5)
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص 307).
"والحديث دليل على منع السفر لزيارته صلى الله عليه وسلم لأن المقصود منها هو الصلاة والسلام عليه والدعاء له صلى الله عليه وسلم وهذا يمكن استحصاله من بعد كما يمكن من قرب وأن من سافر إليه وحضر من ناس آخرين فقد اتخذه عيدا وهو منهي عنه بنص الحديث فثبت منع شد الرحل لأجل ذلك بإشارة النص كما ثبت النهي عن جعله عيدا بدلالة النص وهاتان الدلالتان معمول بهما عند علماء الأصول ووجه هذه الدلالة على المراد قوله تبلغني حيث كنتم فإنه يشير إلى البعد والبعيد عنه صلى الله عليه وسلم لا يحصل له القرب إلا باختيار السفر إليه والسفر يصدق على أقل مسافة من يوم فكيف بمسافة ففيه النهي عن السفر لأجل الزيارة والله أعلم"(1).
وقد روي أن الحسن بن الحسن بن علي (2) رأى رجلا ينتاب القبر فقال يا هذا ما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء أي الجميع يبلغه صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين (3).
والرسول سدّ الطريق المُفضية إلى الشرك، بنهيه عن اتخاذ قبره عيداً، لأن هذا من وسائل الشرك، ومن الطرق الموصلة إلى الشرك.
وفي الحديث النهي عن التردّد على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل الصلاة عليه والسلام عليه، لأن هذا وسيلة إلى الشرك، ومن اتخاذه عيداً، ولهذا ما كان الصحابة رضي الله عنهم كلما دخلوا المسجد يذهبون إلى قبر الرسول ليسلموا عليه أو يصلوا عليه، أبداً، إنما يفعلون هذا إذا جاءوا من سفر فقط، لأنك إذا أكثرت التردّد عليه صار من اتخاذه عيداً (4).
(1) عون المعبود (6/ 33).
(2)
هو: الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد، إقامته ووفاته في المدينة توفي سنة (90 هـ).
ينظر: الوافي بالوفيات للصفدي (11/ 318)، الأعلام للزركلي (2/ 187).
(3)
اللفظة ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في أكثر من موضع وعزاها لسعيد بن منصور في سننه قال ابن تيمية رحمه الله: (وروى سعيد بن منصور في سننه حدثنا عبد العزيز بن محمد أخبرني سهيل ابن أبي سهيل قال رآني الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
…
"إلخ.
ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم (ص 331)، مجموع الفتاوى (27/ 122)، إغاثة اللهفان (1/ 191 - 192).
(4)
ينظر لما سبق: تفسير ابن كثير (3/ 516)، شرح كتاب التوحيد (1/ 305)، معارج القبول (2/ 530)، إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/ 83)، عون المعبود (6/ 22 - 25).