الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم
-.
قال الشيخ رحمه الله: "من توسل إلى الله في دعائه بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو حرمته أو بركته أو بجاه غيره من الصالحين أو حرمته أو بركته فقال: (اللهم بجاه نبيك أو حرمته أو بركته أعطني مالاً وولداً أو أدخلني الجنة وقني عذاب النار) مثلاً فليس بمشرك شركاً يخرج عن الإسلام، لكنه ممنوع؛ سداً لذريعة الشرك، وإبعاداً للمسلم من فعل شيء يفضي إلى الشرك، ولا شك أن التوسل بجاه الأنبياء والصالحين وسيلة من وسائل الشرك التي تفضي إليه على مر الأيام، على ما دلت عليه التجارب وشهد له الواقع، وقد جاءت أدلة كثيرة في الكتاب والسنة تدل دلالة قاطعه على أن سد الذرائع إلى الشرك والمحرمات من مقاصد الشريعة، من ذلك قوله تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)} الأنعام: 108، فنهى سبحانه المسلمين عن سب آلهة المشركين التي يعبدونها من دون الله مع أنها باطلة؛ لئلا يكون ذلك ذريعة إلى سب المشركين الإله الحق سبحانه انتصارًا لآلهتهم الباطلة جهلًا منهم وعدوانًا، ومنها: نهيه صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد؛ خشية أن تعبد، ومنها: تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية، وتحريم إبداء المرأة زينتها للرجال الأجانب، وتحريم خروجها من بيتها متعطرة، وأمر الرجال بغض البصر عن زينة النساء، وأمر النساء أن يغضضن من أبصارهن؛ لأن ذلك كله ذريعة إلى الافتتان بها ووسيلة إلى الوقوع في الفاحشة، قال الله تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} النور: 30 - 31 الآية. وثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)(1)؛
ولأن التوسل بالجاه والحرمة ونحوهما في الدعاء عبادة، والعبادة توقيفية، ولم يرد في الكتاب ولا في
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن بناء المساجد على القبور
…
برقم (529) ..
سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ما يدل على هذا التوسل، فعلم أنه بدعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)(1) " (2).
وقال الشيخ رحمه الله: " فإن الله تعالى أكرم ويكرم شخصاً مثلاً بجاه غيره عنده سبحانه كما أكرم الصغيرين بصلاح أبيهما رحمة من ربك -قصة موسى والخضر في سورة الكهف وغيرها- والمحظور أن يدعو الإنسان ربه بشخص أو بجاه شخص فهذا هو الذي لم يشرع"(3).
وقد سبق الحديث عن هذا في فصل نواقض التوحيد والقوادح فيه المبحث الثاني نواقض توحيد الألوهية والقوادح فيه في مسألة التوسل، وآثرت الإحالة له خشية التكرار (4).
(1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة .. برقم (1718). وبنحوه في البخاري في كتاب الصلح باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود برقم (2697).
(2)
فتاوى اللجنة (1/ 501 - 503، 505 - 506، 511، 513، 516، 520).
(3)
مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي (ص 194).
(4)
ينظر: (171 - 178).