الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - صفتا الغني والحميد
لله عز وجل:
يقرر الشيخ رحمه الله هاتين الصفتين، فيقول عند قول الله تعالى:{وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6)} التغابن: 6: "غني عن جميع خلقه وحميد عن جميعهم بما يسديه إليهم من جميل أياديه وكريم فعاله، وفي سائر نعوت جلاله وصفات كماله"(1).
والغنى صفة ذاتية لله عز وجل بالكتاب والسنة، كما أن الله عز وجل يوصف بأنه الحميد، وهي صفةٌ ذاتيةٌ له كذلك.
والدليل من الكتاب:
- قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)} فاطر: 15.
- وقوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} التوبة: 28.
- قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)} البقرة: 267.
ومن السنة:
- قال صلى الله عليه وسلم: (
…
من يستعفف؛ يعفه الله، ومن يستغن؛ يغنه الله
…
) (2).
- حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه في التشهد: (
…
قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) (3).
(1) تفسير الجلالين (ص 184).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى، برقم (1469)، وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب فضل التعفف والصبر، برقم (1053).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى (واتخذ الله إبراهيم خليلا وقوله إن إبراهيم كان أمة قانتا لله .. ، برقم (3370)، وأخرجه مسلم في كتاب صلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (406).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"والفَقْرُ لِي وَصْفُ ذَاتٍ لَازِمٌ أبدا
…
كَمَا أَنَّ الغِنى أَبداً وَصْفٌ لَهُ ذَاتِي" (1).
وقال ابن القيم رحمه الله:
"وَهُوَ الغَنِيُّ بِذَاتِهِ فَغِنَاهُ ذَا
…
تِيٌّ لِهُ كَالجُود وِالإحْسَانِ" (2).
قال الشيخ الهراس: ومن أسمائه الحسنى (الغني)؛ فله سبحانه الغنى التام المطلق من كل وجه؛ بحيث لا تشوبه شائبة فقر وحاجة أصلاً، وذلك لأن غناه وصف لازم له، لا ينفك عنه؛ لأنه مقتضى ذاته، وما بالذات لا يمكن أن يزول؛ فيمتنع أن يكون إلا غنياً كما يمتنع أن يكون إلا جواداً محسناً براً رحيماً كريماً (3).
وقيل: "الواسع: الغني، يقال: فلان يعطي من سعة؛ أي: من غنى وجدة
…
" (4).
قال ابن منظور (5): "الحميد من صفاته سبحانه وتعالى، بمعنى المحمود على كل حال، وهو فعيل بمعنى مفعول"(6).
والحميد هو المحمود المثنى عليه، والله عز وجل هو الحميد بحمده لنفسه أزلاً، وبحمد عباده له أبداً، والحميد من العباد من حمدت عقائده وأخلاقه وأعماله وأقواله وإن كان لا يخلو أحد عن مذمة ونقص وإن كثرت محامده، فالحميد المطلق هو الله تعالى فهو سبحانه
(1) ينظر: العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية لمحمد بن أحمد بن عبد الهادي بن قدامة المقدسي أبو عبد الله (1/ 391)، طريق الهجرتين لابن القيم (ص 6)، مدارج السالكين (1/ 440).
(2)
النونية (2/ 74).
(3)
ينظر: شرح الواسطية (ص 114).
(4)
ينظر: اشتقاق أسماء الله (ص 72)،وشرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف القحطاني (ص 25).
(5)
هو: محمد بن مكرم بن على جمال الدين بن منظور صاحب لسان العرب الإمام اللغوي الحجة ولد بمصر وخدم في ديوان الإنشاء بالقاهرة طول عمره وولي قضاء طرابلس، وكان عارفاً بالنحو واللغة والتاريخ والكتابة، وتوفى بمصر سنة (711 هـ)، قال الذهبي: كان عنده تشيع بلا رفض، ومن مؤلفاته مختصر الأغاني، وجمع في اللغة كتابا سماه لسان العرب جمع فيه بين التهذيب والمحكم والصحاح والجمهرة جوده ما شاء ورتبه ترتيب الصحاح وهو كبير.
ينظر: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر (6/ 15)، بغية الوعاة للسيوطي (1/ 248)، تاج العروس للزبيدي (1/ 5)، أبجد العلوم للقنوجي (3/ 10).
(6)
اللسان (3/ 155)، ينظر: جامع الأصول (4/ 180).