الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة:
الإقسام بالنبي صلى الله عليه وسلم هل ينعقد يمينا أو لا
.
قال الشيخ رحمه الله: " إن أئمة الفقهاء؛ كمالك، وأبي حنيفة، والشافعي رحمهم الله قالوا: إن الحلف بغير الله مطلقاً منهي عنه سواء كان المحلوف به نبياً أم غيره ولا ينعقد ذلك يميناً، وهو القول الصحيح عن أحمد رحمه الله، واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: إنه هو الصواب؛ والقول الآخر عنه أن الحلف بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم يجوز، وينعقد يميناً، وبعض الحنابلة عمم ذلك في الأنبياء، وينبني على القول بجواز ذلك وانعقاده جواز الإقسام على الله بالنبي أو الأنبياء، وعليه يخرج حديث توسل الأعمى بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر ابن تيمية أن القول بجواز الحلف بالنبي وانعقاده قول ضعيف شاذ، وكذا ما بني عليه من جواز الإقسام على الله به وما يناسبه من التوسل به كذلك، وما قاله شيخ الإسلام هو الصواب وهو قول جمهور أهل العلم، وهو مقتضى الأدلة الشرعية"(1).
اختلف العلماء في حكم الحلف بغير الله:
1 -
الأحناف:
يرى بعض الأحناف أن الحلف بغير الله لا يجوز، بل هو منهي عنه، وفي ذلك يقول الإمام أبو حنيفة رحمه الله:"لا يحلف إلا بالله متجرداً بالتوحيد والإخلاص"(2).
بينما الكثير من الأحناف لا سيما المتأخرين منهم يذهبون إلى جواز ذلك وبعضهم يرى كراهيته (3).
2 -
المالكية:
جاء في الشرح الصغير: " لا يجوز الحلف بالنبي والكعبة من ما عظمه الله تعالى
…
وفي حرمة الحلف بذلك وكراهيته قولان
…
وإن قصد بحلفه بكالعزى من كل ما عبد من دون الله
(1) فتاوى اللجنة (1/ 524 - 525).
(2)
ينظر: بدائع الصنائع للكساني (3/ 8،9 - 21).
(3)
ينظر: حاشية ابن عابدين (3/ 705)، والبحر الرائق في شرح كنز الرقائق لزين الدين بن نجم الحنفي (4/ 301).
التعظيم من حيث أنه معبود فكفر وارتداد عن دين الإسلام
…
وإن لم يقصده فحرام قطعاً بلا ردة" (1).
وجاء في مقدمات ابن رشد (2): " والأيمان تنقسم على ثلاثة أقسام: مباحة ومكروهة ومحظورة، فالمباحة الحلف بالله تعالى، أو باسم من أسمائه الحسنى، وبصفة من صفاته تعالى
…
والمكروهة الحلف بغير الله تعالى
…
والمحظورة أن يحلف باللات والعزى والطواغيت أو بشيء مما يعبد من دون الله تعالى، لأن الحلف بالشيء تعظيم له والتعظيم لهذه الأشياء كفر بالله تعالى" (3).
3 -
الشافعية:
قال الشافعي رحمه الله: " وكل يمين بغير الله فهي مكروهة منهي عنها من قبل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) (4) "(5).
وقال: " فكل من حلف بغير الله كرهت له وخشيت أن تكون يمينه معصية"(6).
وقال النووي رحمه الله: " الحلف بالمخلوق مكروه، كالنبي والكعبة وجبريل والصحابة والآل، وقال الشافعي رحمه الله: أخشى أن يكون الحلف بغير الله معصية. قال الأصحاب أي حراماً أو إثماً، فأشار إلى تردد فيه، قال الإمام: " والمذهب القطع بأنه ليس بحرام بل مكروه
…
قال الأصحاب فلو اعتقد الحالف في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله تعالى كفر
…
" (7).
(1) الشرح الصغير للدردير (2/ 203).
(2)
هو: أبو الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي، الإمام العلامة شيخ المالكية قاضي الجماعة بقرطبة، كان فقيهاً عالماً، حافظاً للفقه عارفاً بالفتوى، من أهل الرياسة في العلم مع الدين والفضل، توفي سنة (520 هـ).
ينظر: سير أعلام النبلاء (19/ 501 - 502)، شذرات الذهب (4/ 62)، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي (2/ 85).
(3)
مقدمات ابن رشد (ص 308 - 309).
(4)
أخرجه البخاري كتاب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم برقم (6646)، وأخرجه مسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم (1648).
(5)
الأم (7/ 55).
(6)
الأم (7/ 56).
(7)
روضة الطالبين للنووي (11/ 6).
4 -
الحنابلة:
قال ابن قدامه رحمه الله: " ولا يجوز الحلف بغير الله وصفاته نحو أن يحلف بأبيه أو الكعبة أو صحابي أو إمام
…
قال ابن عبد البر: وهذا أصل مجموع عليه
…
ثم إن لم يكن الحلف بغير الله محرماً فهو مكروه، فإن حلف فليستغفر الله تعالى، وليذكر الله تعالى
…
" (1).
وجاء في كشاف القناع: " ويحرم الحلف بغير الله وغير صفاته ولو كان الحلف بنبي لأنه شرك في تعظيم الله
…
" (2).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وقد ثبت أنه لا يجوز القسم بغير الله لا بالأنبياء ولا بغيرهم
…
والحلف بالمخلوقات لا تنعقد به اليمين ولا كفارة فيه حتى لو حلف بالنبي لم تنعقد يمينه ولم يجب عليه كفارة عند جمهور العلماء كمالك والشافعي وأبى حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين بل نهى عن الحلف بهذه اليمين فإذا لم يجز أن يحلف بها الرجل ولا يقسم بها على مخلوق فكيف يقسم بها على الخالق جل جلاله" (3).
(1) المغني (9/ 491 - 492).
(2)
كشاف القناع للبهوتي (6/ 188).
(3)
مجموع الفتاوى (1/ 286)، وينظر: شرح العقيدة الطحاوية (1/ 262)، التوسل والوسيلة (1/ 106).