الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو إسماعيل الصابوني (1) رحمه الله: "وكذلك يقولون (أي: الإثبات) في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح؛ من: السمع، والبصر، والعين
…
والرضا، والسخط، والحياة
…
" (2).
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تعليقه على حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد)(3): " في هذا الحديث: إثبات صفة الرضى والسخط لله، وأن ذلك متعلق بمحابه ومراضيه. فالله تعالى يحب أوليائه وأصفياءه ويحب من قام بطاعته وطاعة رسوله، وهذا من كماله وحكمته وحمده، ورحمته. ورضاه وسخطه، من صفاته المتعلقة بمشيئته وقدرته"(4).
6 - صفة الغضب
لله عز وجل:
يقرر الشيخ رحمه الله صفة الغضب لله عز وجل على المنافقين والمشركين، صفةً لله على الحقيقة (5)، مستدلاً بقوله تعالى {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6)} الفتح:6.
(1) هو: إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الشافعي الواعظ المفسر المصنف، أحد الأعلام وشيخ خراسان في زمانه جلس للوعظ وهو ابن عشر سنين، وكان إماماً حافظاً عمدة مقدماً في الوعظ والأدب، من أئمة السلف وأعلامهم، توفي رحمه الله سنة (449 هـ)، من مؤلفاته: عقيدة السلف وأصحاب الحديث، الانتصار، الدعوات.
ينظر: سير أعلام النبلاء (18/ 40)، العبر في خبر من غبر للذهبي (2/ 294)، وشذرات الذهب (3/ 282).
(2)
ينظر: عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص 5).
(3)
أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء من الفضل في رضا الوالدين برقم (1899)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (1899)، وفي السلسلة الصحيحة برقم (516).
(4)
بهجة قلوب الأبرار (ص 312).
(5)
ينظر: تفسير الجلالين (ص 86).
وهو صفةٌ فعلية خبريَّةٌ لله عز وجل ثابتٌ بالكتاب والسنة، وهو كمال لأنه -أي الغضب- على من يستحق العقوبة من القادر عليه فهذا كمال (1).
فمن الكتاب:
- قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} النور: 9.
- وقوله: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81)} طه: 81.
- وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} الممتحنة: 13.
ومن السنة:
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إن رحمتي غلبت غضبي)(2).
- حديث الشفاعة الطويل، وفيه: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله
…
) (3).
وأهل السنة والجماعة يثبتون صفة الغضب لله عز وجل بوجه يليق بجلاله وعظمته، لا يكيفون ولا يشبهون ولا يؤولون؛ كمن يقول: الغضب إرادة العقاب، ولا يعطلون، بل يقولون:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} الشورى: 11.
قال الطحاوي (4): " والله يغضب ويرضى لا كأحد من الورى"(5)
(1) درء التعارض (4/ 92).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} الروم: 27، برقم (3194). ومسلم في كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله وأنها سبقت غضبه، برقم (2751).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا (3340)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، برقم (194).
(4)
هو: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي الحنفي، محدث الديار المصرية ومفتيها، برز في علوم كثيرة، وله مؤلفات نافعة منها شرح العقيدة الطحاوية، توفي سنة 321 هـ.
ينظر: وفيات الأعيان (1/ 71 - 72)، سير أعلام النبلاء (15/ 27 - 33)، البداية والنهاية (11/ 174)، لسان الميزان (1/ 274 - 282).
(5)
العقيدة الطحاوية (1/ 192).