الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: عدالة الصحابة
.
قال الشيخ رحمه الله: " والصحابة عدول"(1).
العدالة في اللغة: مصدر عَدُل، يقال: عَدُل يعدِلُ عدولة وعدالة (2).
يقول ابن فارس: "العين والدال واللام أصلان صحيحان، لكنهما متقابلان كالمتضادين: أحدهما يدل على استواء، والآخر يدل على اعوجاج"(3).
أما في الاصطلاح: فقد اختلف أهل العلم في تعريفها اختلافاً كثيراً (4)، وأجمعها قول الحافظ السيوطي (5) رحمه الله فإنه عرفها بقوله:"هي ملكة - أي: هيئة راسخة في النفس- تمنع من اقتراف كبيرة، أو صغيرة دالة على الخسة، أو مباح يخل بالمروءة".
ثم أعقب ذلك بقوله: " وهذه أحسنُ عبارة، أحسنَ في حدها"(6).
الأدلة على عدالة الصحابة رضي الله عنهم:
الأدلة على عدالتهم كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع.
أما من الكتاب: فقد أثنى الله عليهم في آيات كثيرة منها:
قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي
(1) تعليق الشيخ على الإحكام في أصول الأحكام (2/ 101).
(2)
ينظر: تهذيب اللغة (3/ 2358)، والصحاح (5/ 1760)، لسان العرب (11/ 430)، القاموس (ص 1331).
(3)
معجم مقاييس اللغة (ص 745).
(4)
ينظر: الكفاية في علوم الحديث للخطيب (ص 102).
(5)
هو عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد، المشهور بجلال الدين السيوطي، أشعري المعتقد، شافعي المذهب، مكثر من التصنيف، من مصنفاته: الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع، الخصائص الكبرى، شرح الصدور بأحوال الموتى والقبور وغيرها، توفي سنة 911 هـ.
ينظر: الضوء اللامع (4/ 65 - 70)، شذرات الذهب (8/ 51).
(6)
الأشباه والنظائر (ص 413).
الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)} الفتح: 29.
وأما من السنة: فأحاديث كثيرة كذلك فيها بيان خيريتهم وأفضليتهم منها:
حديث عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)(1). وغير ذلك من الأحاديث.
أما الإجماع: فقد أجمع أهل السنة على عدالتهم.
قال صلاح الدين العلائي (2) رحمه الله: " الذي ذهب إليه جمهور السلف والخلف أن العدالة ثابتة لجميع الصحابة رضي الله عنهم وهي الأصل المستصحب فيهم إلا أن يثبت بطريق قاطع ارتكاب واحد منهم لِما يوجب الفسق مع علمه، وذلك مما لم يثبت صريحاً عن أحد منهم - بحمد الله- فلا حاجة إلى البحث عن عدالة من ثبت له الصحبة ولا الفحص عنها بخلاف من بعدهم"(3).
فيتضح مما سبق أن من أصول معتقد أهل السنة والجماعة أن الصحابة رضي الله عنهم عدول، ولم يترك أمر عدالتهم للناس بل ثبت ذلك في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وإجماع أهل السنة قاطبة، ولم يخالف في ذلك إلا جماعات شاذة متبعة لهواها لا يعتد بخلافها (4).
(1) أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم برقم (3650).
(2)
هو: خليل بن كيكلدي بن عبد الله الدمشقي المعروف بصلاح الدين العلائي، شافعي متفنن، من مؤلفاته: تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شرف الصحبة، جزء في تفسير الباقيات الصالحات، جامع التحصيل لأحكام المراسيل وغيرها؛ توفي سنة (761 هـ).
ينظر: الدرر الكامنة (2/ 91)، شذرات الذهب (6/ 190).
(3)
تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة (ص 60)، ينظر: الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (ص 67)، والاستيعاب لابن عبد البر (1/ 129)، وآداب الشافعي ومناقبه للرازي (ص 305 - 306)، والباعث الحثيث لابن كثير (ص 176 - 177).
(4)
ينظر: الإصابة لابن حجر (1/ 9)، تفسير القرطبي (16/ 197)، والكفاية في علم الرواية للخطيب (ص 93، 96)، الإصابة لابن حجر (1/ 9)، وعلوم الحديث لابن الصلاح (ص 264)، وألفية السيوطي (ص 266)، وفتح المغيث (ص 349).