الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خدمة عظيمة لسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهما إمامان جليلان، موثوقان عند أهل العلم" (1).
وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله: " مثل النووي، وابن حجر العسقلاني، وأمثالهم، من الظلم أن يقال عنهم: إنهم من أهل البدع، أنا أعرف أنهما من "الأشاعرة"، لكنهما ما قصدوا مخالفة الكتاب والسنَّة، وإنما وهِموا، وظنُّوا أنما ورثوه من العقيدة الأشعرية: ظنوا شيئين اثنين:
أولاً: أن الإمام الأشعري يقول ذلك، وهو لا يقول ذلك إلَاّ قديماً؛ لأنه رجع عنه.
وثانياً: توهموه صواباً، وليس بصواب" (2).
4 - الملحدون
.
رد الشيخ رحمه الله على ما يعتقده الملحدون، فيقول: " وجود الله معلوم من الدين بالضرورة، وهو صفة لله بإجماع المسلمين، بل صفة لله عند جميع العقلاء حتى المشركين لا ينازع في ذلك إلا ملحد دهري، ولا يلزم من إثبات الوجود صفة لله أن يكون له موجد؛ لأن الوجود نوعان، وجود ذاتي
…
، ووجود حادث" (3).
الإلحاد في اللغة: هو الميل، وورود هذه اللفظة يقترن بأسماء الله وآياته كما قال عز وجل:{وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} الأعراف: 180.
فالإلحاد في الاصطلاح: الميل عما يجب اعتقاده أو عمله وهو قسمان:
أحدهما: في أسماء الله.
الثاني: في آياته.
في أسمائه: وهو العدول عن الحق الواجب فيها وهو أربعة أنواع:
1 -
أن ينكر شيئا منها أو مما دلت عليه الصفات كما فعلت المعطلة.
(1) المنتقى من فتاوى الفوزان (2/ 211، 212)، وينظر: فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 240).
(2)
من (شريط رقم 666)"من هو الكافر ومن هو المبتدع ".
(3)
فتاوى اللجنة (3/ 190).
2 -
أن يجعلها دالة على تشبيه الله لخلقه كما فعل المشبهة.
3 -
أن يسمى الله بما لم يسم به نفسه لأن أسماء الله توقيفية كتسمية النصارى له "أبا" وتسمية الفلاسفة له " علة فاعلة" ونحو ذلك.
4 -
أن يشتق من أسمائه أسماء للأصنام كاشتقاق اللات من الإله والعزى من العزيز.
وأما الإلحاد في آياته فيكون في الآيات الشرعية -وهي ما جاءت به الرسل من الأحكام والأخبار-، وفي الآيات الكونية -وهي ما خلقه الله ويخلقه في السموات والأرض-.
فأما الإلحاد في الآيات الشرعية فهو تحريفها أو تكذيب أخبارها أو عصيان أحكامها، أما الإلحاد في الآيات الكونية فهو نسبتها إلى غير الله أو اعتقاد شريك أو معين له فيها (1).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "قال تعالى: {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126)} الأنعام: 126، وقال عن إبليس {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ
…
} الأعراف: 16 - 17 وقال تعالى {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)} سبأ: 20. وهؤلاء الملحدون من أكابر متبعيه فإنه قعد لهم على صراط الله المستقيم فصدهم عنه حتى كفروا بربهم وآمنوا أن نفوسهم هي معبودهم وإلههم" (2).
وقال شيخ الإسلام في معرض رده على المتكلمين (3): " صار أهل السنة يصفون الله بالوجود وكمال الوجود، وأولئك يصفون بعدم كمال الوجود، أو بعدم الوجود بالكلية؛ فهم ممثلة معطلة؛ ممثلة في العقل والشرع، معطلة في العقل والشرع" أ. هـ.
5 -
الحلولية.
يبين الشيخ رحمه الله مذهب الحلولية، فيقول: "من اعتقد أن الله عز وجل بذاته في الأرض فهذا مخالف للكتاب والسنة والإجماع وهو مذهب الحلولية الذين يقولون: إن الله حال في
(1) فتح رب البرية بتلخيص الحموية لابن عثيمين رحمه الله (ص 23).
(2)
مجموع الفتاوى (2/ 267).
(3)
في كتاب دقائق التفسير (5/ 110).
كل مكان فمن قال بذلك عن جهل بُيِّن له الحكم، فإن أصر أو كان يقول ذلك لا عن جهل فهو كافر بالله فلا تصح الصلاة خلفه" (1).
عقيدة الحلول لا ترتبط بفرقة أو طائفة معينة بل هي معتقد طوائف عدة وفرق كثيرة أولها النصارى الذين قالوا بحلول اللاهوت -أي الله- في الناسوت -أي عيسى ابن مريم-، ثم تبعهم غلاة الروافض الذين يقولون بحلول الذات الإلهية بعلي بن أبي طالب، وجاء بعدهم طوائف من المعتزلة والجهمية سلكوا مسلك حلول الذات الإلهية في من يشاء من البشر (2)(3).
والحلول نوعان:
حلول خاص: وهو قول النسطورية (4) من النصارى ونحوهم ممن يقولون إن اللاهوت حل في الناسوت كحلول الماء في الإناء وهو قول الرافضة الذين يقولون إنه حل في علي بن أبي طالب.
والحلول العام: وهو القول الذي ذكره أئمة أهل السنة والجماعة عن طائفة الجهمية المتقدمين الذين يقولون إن الله بذاته في كل مكان (5)(6).
(1) فتاوى اللجنة (3/ 201).
(2)
وقد نزغ بذلك بعض أهل الضلال من حلولية الجهمية، والصوفية كما جاء ذلك في "فصوص ابن عربي"، و"فتوحاته المكية"، وممن ذهب إلى ذلك -أيضا-: ابن سبعين، والحلاج، وغيرهم من أرباب أهل الحلول والاتحاد؛ ولهذا يروى عن بعضهم أنه قال: ما في الجبة إلا أنا، وما في الجبة إلا الله -تعالى الله عن ذلك-. والتفت أحدهم إلى تلاميذه، وقال: لا إله إلا أنا .. فاعبدون. -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا-؛ لأنه يزعم أن الله حال في ذاته.
ينظر: شرح الفتوى الحموية، د. حمد بن عبد المحسن بن أحمد التويجري (ص 394).
(3)
ينظر: مجموع الفتاوى (2/ 298)، الجواب الصحيح (3/ 366).
(4)
هي فرقة من فرق النصارى قالوا إن مريم لم تلد الإله إنما ولدت الإنسان وأن الله لم يلد الإنسان إنما ولد الإله، وموطنها في الموصل والعراق وخراسان، وهم منسوبون إن نسطور وكان بطريركا في القسطنطينية.
ينظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم (1/ 49).
(5)
المخالفين لمنهج السلف في مسألة العلو يقولون بأحد قولين حينما يسئلون عن علو الله سبحانه وتعالى، فبعضهم يقول: الله في كل مكان، وبعضهم يقول: إن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه! والحقيقة أن هذين القولين باطلان، أما من يقول: إن الله في كل مكان
…
فلا شك أن هذا القول ينبت منه الحلول الباطل
…
وحقيقته في النهاية الانتهاء إلى إنكار وجود الله؛ لأن معنى ذلك أنه سبحانه وتعالى ليس له ذات متميزة
…
وبهذا استدل الأئمة رحمهم الله تعالى، وبينوا به بطلان مذاهب الحلول.
ينظر: شرح كتاب لمعة الاعتقاد، د. عبد الرحمن المحمود (6/ 3) المكتبة الشاملة.
(6)
ينظر: التحفة المهدية شرح الرسالة التدمرية لابن مهدي (ص 252)، والتدمرية تحقيق د. محمد السعوي (ص 107).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وبالجملة فلا خلاف بين الأمة أن من قال بحلول الله في البشر واتحاده به وإن البشر يكون إلها وهذا من الآلهة، فهو كافر مباح الدم"(1).
قال كذلك: " ليس هناك ثمة كفر أعظم من هذا الكفر، ولا إلحاد أعظم من هذا الإلحاد؛ لأن هذا الكلام، أو هذا الاعتقاد يلزم عليه .. أنه ليس هناك ثمة شرك على وجه الأرض، فكل ما عبد من دون الله فهو عبادة لله على حد قول هؤلاء، فالذين عبدوا العجل قالوا: ما عبدوا إلا الله، الذين عبدوا الأصنام، الذين عبدوا عزير، الذين عبدوا المسيح، الذين عبدوا الأشجار، والذين عبدوا الأحجار، وأي شرك أعظم من هذا الشرك؟ وأي كفر أعظم من هذا الكفر؟ يقول: وقد نزغ بذلك بعض أهل الضلال فزعموا أن الله -تعالى- في كل شيء بنفسه كائنا كما هو في العرش. يزعمون أن الله فوق العرش وفي كل مكان، في هذا المسجد، في السوق، في السيارة -كما سيأتي-؛ حتى في الحشوش -تعالى الله عن ذلك-"(2).
(1) مجموع الفتاوى (2/ 481).
(2)
نقلاً عن شرح الفتوى الحموية، د. حمد التويجري (1/ 394)، وينظر: مجموع الفتاوى (2/ 481 - 486).