الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- رضي الله عنهم، والنخعي (1)،
والإمام أحمد في رواية (2).
واحتجوا بعموم الأحاديث في النهي عن التمائم والحكم عليها بأنها شرك، ولا يوجد دليل شرعي يخصصها من العموم، والقياس على الرقية لا يستقيم (3).
وقد ذكر القائلون بالمنع عدة علل فيمن تعلق التمائم من القرآن والأوراد الشرعية (4)، ذكر بعضها الشيخ عبد الرزاق رحمه الله في معرض كلامه السابق، وهذه الأسباب التي ذكرها المانعون من تعلق القرآن أسباب قوية، لذا ينبغي ترك ذلك والاعتماد على ما جاء السنة الصحيحة من الرقية الشرعية، ففيها خير كثير-والله أعلم (5).
10 - التصوير:
يقرر الشيخ رحمه الله حكم التصوير في الإسلام، فيقول: "الأصل في تصوير كل ما فيه روح من الإنسان وسائر الحيوانات أنه حرام، سواء كانت الصور مجسمة أم رسوماً على ورق أو قماش أو جدران ونحوها أم كانت صوراً شمسية (6)؛ لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من النهي عن ذلك وتوعد فاعله بالعذاب الأليم؛ ولأنها عهد في جنسها أنه ذريعة إلى الشرك بالله بالمثول أمامها والخضوع لها والتقرب إليها وإعظامها إعظاماً لا يليق إلَاّ بالله تعالى، ولما فيها من مضاهاة خلق الله، ولما في بعضها من الفتن كصور الممثلات والنساء العاريات وأشباه ذلك.
(1) مصنف ابن أبي شيبة (5/ 36).
والنخعي هو: أبو عمران، إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، الإمام الحافظ، فقيه العراق، اشتهر بالعلم والزهد، كان مفتي أهل الكوفة توفي سنة 96 هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (6/ 493 - 502)، حلية الأولياء (4/ 219 - 340)، السير (4/ 520 - 529).
(2)
ينظر: الآداب الشرعية (2/ 459).
(3)
ينظر: تيسير العزيز الحميد (167 - 168).
(4)
ينظر: فتاوى نور على الدرب -الشاملة- (3/ 112)
(5)
وينظر كذلك: فتح المجيد (ص 138).
(6)
لما كان هذا النوع من التصوير نشأ في هذه العصور المتأخرة نشأ الخلاف بين العلماء، فمنهم من قال بجوازه ومنهم من قال بتحريمه، ومنهم من قال أن التصوير الفوتوغرافي يأخذ حكم الغرض منه فإن كان الغرض محرماً كان محرماً وإن كان الغرض منه جائزاً كان جائزاً لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
ومن الأحاديث التي وردت في تحريمها وذلك على أنها من الكبائر حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم)(1)، وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون)(2)،وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة)(3).
وحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة (4) لي بقرام (5)
فيه تماثيل، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلون وجهه، وقال:(يا عائشة، أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله) فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين) (6)، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة، وليس بنافخ)(7)، وحديثه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفساً فتعذبه في
(1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب اللباس باب عذاب المصورين يوم القيامة، برقم (5951)، ومسلم في صحيحه كتاب اللباس والزينة باب تحريم تصوير صورة الحيوان، برقم (2108).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب اللباس باب عذاب المصورين يوم القيامة برقم (5950)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة باب لا تدخل الملائكة بيتاً برقم (2109) واللفظ له.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (برقم7559)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة باب لا تدخل الملائكة بيتاً برقم (2111).
(4)
السهو: الرف أو الطاق النافذة في الحائط.
ينظر: المعجم الوسيط لإبراهيم مصطفى - أحمد الزيات - حامد عبد القادر - محمد النجار (1/ 459)، النهاية في غريب الأثر لأبو السعادات الجزري (2/ 1047).
(5)
القرام: الستر الرقيق.
ينظر: النهاية في غريب الأثر (4/ 76)، تاج العروس من جواهر القاموس (33/ 254).
(6)
أخرجه البخاري في اللباس، باب ما وطئ من التصاوير برقم (5954)، ومسلم في اللباس والزينة باب تحريم تصوير صورة الحيوان برقم (2107) من حديث عائشة.
(7)
أخرجه البخاري في كتاب اللباس باب من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ، برقم (5963)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة باب لا تدخل الملائكة بيتاً برقم (2110).
جهنم) (1)، قال ابن عباس رضي الله عنهما:(فإن كنت لا بد فاعلاً فاصنع الشجر وما لا نفس له)(2)؛ فدل عموم هذه الأحاديث على تحريم تصوير كل ما فيه روح مطلقاً، أما ما لا روح فيه من الشجر والبحار والجبال ونحوها فيجوز تصويرها كما ذكره ابن عباس رضي الله عنهما، ولم يعرف من الصحابة من أنكر عليه " (3).
من قواعد العقيدة الإسلامية سد كل باب يوصل إلى الشرك، والحث على إفراد الله تعالى بالألوهية والربوبية والأسماء والصفات، والمنع من كل قول أو فعل فيه تنقص لجانب رب العالمين أو مضاهاة لأفعاله. لذا فقد تضافرت الأحاديث على تحريم التصوير وبيان الوعيد الشديد على من ارتكبه؛ لما فيه من مضاهاة لخلق الله ولأنه ذريعة إلى الشرك.
"وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم علة عظم عقوبة الله لهم، وهي: المضاهاة بخلق الله، لأن الله تعالى له الخلق والأمر، فهو رب كل شيء ومليكه، وهو خالق كل شيء، وهو الذي صور جميع المخلوقات، وجعل فيها الأرواح التي تحصل بها الحياة، كما قال تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (9)} السجدة: 7 - 9، فالمصور كما صور الصورة على شكل ما خلقه الله تعالى من إنسان أو بهيمة، صار مضاهياً خلق الله، فصار ما صوره عذاباً له يوم القيامة، وكلف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ، فكان أشد الناس عذاباً، لأن ذنبه من أكبر الذنوب"(4).
ويمكن القول بأن من أبرز علل النهي عن التصوير علتين وهما:
(1) أخرجه مسلم في كتاب اللباس والزينة، باب لا تدخل الملائكة بيتاً برقم (2110).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب البيوع باب بيع التصاوير التي ليس فيها روح (برقم 2225)، ومسلم كتاب اللباس والزينة، باب لا تدخل الملائكة بيتاً برقم (2110) ولفظه له.
(3)
فتاوى اللجنة (1/ 660 - 724).
(4)
فتح المجيد (2/ 797 - 798) وينظر في ذلك: إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض (6/ 638)، شرح صحيح مسلم للنووي (7/ 341،343)، فتح الباري (10/ 387،383)، وعمدة القاري للعيني (22/ 70)، وشرح الكرماني (21/ 135)، مجموع الفتاوى (29/ 370)، والمسائل العقدية في فيض القدير للمناوي عرض ونقد (ص 393).