الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالنواجذ) (1)؛ فلعلمهم رضي الله عنهم ولفقههم ومعرفتهم بقول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم صارت سنة الخلفاء منهم متبوعة، وطريقتهم هي طريق النجاة عند حصول الفتن. وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم والاهتداء بهديهم والتمسك بعهدهم، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي، أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود)(2).
هذا هو فضل الصحابة وهذا هو فقههم وعلمهم، فما حقهم علينا؟ لقد فرّط أناس في حق الصحابة وأفرط آخرون، والحق هو قول أهل الحق أهل السنة والجماعة، وهذا ما سيتضح في المبحث التالي إن شاء الله.
تاسعاً: موقف أهل البدع وأهل السنة من الصحابة
.
قال الشيخ رحمه الله: " أما الخوارج فقد أبغضوا عثمان وعليا وعمرو بن العاص ومعاوية وكثيراً من الصحابة وتبرءوا منهم، ولهذا سموا النواصب لمناصبتهم عليا ومن والاه العداوة والبغضاء، وبراءتهم من كثير من الصحابة.
وأما الروافض فقد أبغضوا أبا بكر وعمر وعثمان وكثيراً من الصحابة وتبرءوا منهم، وقالوا لا ولاء إلا ببراء، أي لا يصح من أحد ولاء لآل البيت حتى يتبرأ من أبي بكر وعمر وعثمان ومن تبعهم، وسموا رافضة، لأنهم رفضوا مجلس زيد بن علي زين العابدين من أجل موالاته أبا بكر وعمر، فسماهم رافضة.
(1) أخرجه أبو داود في سننه كتاب السنة باب في لزوم السنة (4/ 200)، والترمذي في كتاب العلم، باب الأخذ بالسنة واجتناب البدع (5/ 44) برقم (2676) وقال عنه حسن صحيح، واللفظ له، ولقد صحح الألباني إسناده في صحيح سنن الترمذي (2/ 342)، وابن ماجه في المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين (1/ 15).
(2)
أخرجه الترمذي في سننه، أبواب المناقب، باب مناقب عبد الله بن مسعود (5/ 672) برقم (3805) وقال حديث حسن غريب من هذا الوجه، وصحيح الألباني إسناده في صحيح سنن الترمذي (3/ 230).
وبهذا يعلم أن أهل السنة والجماعة وسط في موالاة الصحابة ومن تبعهم بين الخوارج والروافض. وقد رد أهل السنة مذهب الخوارج والروافض بما تقدم من النصوص العامة في فضل الصحابة وبالنصوص الخاصة في فضل واحد أو جملة منهم" (1).
روى أصحاب السنن من طريق حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)(2)، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من طريق عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن عثمان وتكريمه:(ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة)(3) ومنها ما رواه البخاري ومسلم من طريق سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)(4) إلى غير هذا من الأحاديث الدالة على فضل الصحابة إجمالاً أو تفصيلا.
صار الناس مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفين ووسطاً (5).
فالخوارج جفت بعض الصحابة، وفرطت في حقهم، وكفرت علياً وعثمان رضي الله عنهما، والحكمين ومن رضي بالتحكيم، وتبرأت منهم (6).
أما المعتزلة فلم تجرؤ على القول بالتكفير وقالت بالتفسيق، وأن أحد الفريقين: فريق علي ابن أبي طالب أو معاوية بن أبي سفيان فاسق غير مقبول الشهادة، وزاد بعض المعتزلة بالتبرؤ من معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما، والتجرؤ على سب الصحابة جملة (7).
(1) مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله (ص 19).
(2)
أخرجه الترمذي في سننه، أبواب المناقب، باب مناقب عبد الله بن مسعود (5/ 672) وقال حديث حسن غريب من هذا الوجه، وصحيح الألباني إسناده في صحيح سنن الترمذي (3/ 230).
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب من فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه برقم (2401).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (2404).
(5)
ينظر: في هذا المعنى: المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال وهو مختصر منهاج السنة لابن تيمية للذهبي (ص 74)، والسنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل (1/ 222).
(6)
الخوارج هم الذين يكفرون بالمعاصي، ويخرجون على ولاة الأمر، ويستحلون قتال المسلمين، وهم الذين خرجوا على عليّ ابن أبي طالب وقاتلهم بالنهروان.
ينظر: مقالات الإسلاميين لأبي حسن الأشعري (1/ 167)، والملل والنحل للشهرستاني (1/ 132)، والفرق بين الفرق للبغدادي (ص 50).
(7)
ينظر: الفرق بين الفرق (ص 83)، والملل والنحل للشهرستاني (1/ 63)، وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (ص 69)، مقالات الإسلاميين (1/ 235)، البرهان في عقائد أهل الأديان لعباس السكسكي (ص 49).
أما الشيعة فقد جمعوا بين الغلو والجفاء؛ فغلوا في حب عليّ بن أبي طالب حتى ألّهه بعضهم، وفضله آخرون على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.وجفوا مع بعض الصحابة وسبوهم ورموهم بالجهل، واستطالوا في شتمهم خاصة أبا بكر وعمر، حتى صار ذلك من علامات الروافض ووصفهم، ولم يكتفوا بالسب والشتم للصحابة الكرام حتى جاوزوه إلى القول بالتبرؤ من أفاضلهم كأبي بكر وعمر وكثير من الصحابة، وتجميع الشيعة على القول بالتبري والتولي قولاً وفعلاً وعقداً (1)، وقالوا: لا ولاء إلا ببراء، أي لا ولاء لعلي بن أبي طالب واعتقاد إمامته إلا بالبراءة من أبي بكر وعمر وعثمان (2)، بل من الشيعة من يكفر أكثر الصحابة نعوذ بالله من الضلال (3).
هؤلاء هم الذين فرطوا أو أفرطوا في حق الصحابة رضي الله عنهم، والحق مع أهل الوسط أهل السنة والجماعة، ويتلخص معتقدهم في الصحابة رضي الله عنهم في أمور نعددها:
1 -
عدالة الصحابة: الصحابة كلهم عدول ثقات.
2 -
وجوب محبة الصحابة وتوقيرهم من غير إفراط ولا تفريط، ومن غير تفريق.
3 -
وجوب ذكر محاسنهم، والترضي عنهم والدعاء لهم، وعدم الخوض فيما شجر بينهم إلا بالحق.
4 -
النهي عن سب الصحابة ن، أو ذكر أحدهم بما يسوء.
وقد تقدم الحديث عن كل واحد مما سبق.
(1) ينظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 169).
(2)
ينظر: شرح العقيدة الطحاوية لاين أبي العز الحنفي (2/ 697).
(3)
ينظر: الفرق بين الفرق للبغدادي (ص 22).