الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعقول لا تستقل بمعرفة ما يجب لله تعالى من الحقوق، ولو كانت تستقل بذلك لم تتوقف الحجة على إرسال الرسل.
خامساً: الحكم فيمن رد السنة:
قال الشيخ رحمه الله: " الحكم فيمن رد السنة جملة -أي كلها- فهو كافر، فمن لم يقبل منها إلا ما كان في القرآن فهو كافر لأنه معارض للقرآن ومناقض لآياته، والله تعالى يقول:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} آل عمران: 32، ويقول تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} الحشر: 7، ويقول تعالى:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92)} المائدة: 92
…
، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} النساء: 59، أي: تنازع الرعية، وأولو الأمر من العلماء والحكام {فِي شَيْءٍ} فردوه إلى الله والرسول، فلم يجعله إلى الله وحده، بل جعله إلى الله وإلى الرسول، ورده إلى الله رده إلى كتاب الله، ورده إلى الرسول بعد وفاته رده إلى سنته عليه الصلاة والسلام، فدعواه أنه يعمل بالقرآن عقيدة وعملاً وخلقاً ويرد السنة جملة -هذه الطائفة التي تسمى نفسها (القرآنية) - دعوة باطلة، وهو مناقض لنفسه لأنه كذب آيات القرآن التي فيها الأمر باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخذ ما جاء به، وطاعته فيما جاء به من عند الله عموماً دون أن يخص آيات القرآن، ثم هو في الوقت نفسه كيف يصلي؟ وكيف يحدد أوقات الصلوات؟، وكيف يصوم؟، وعن أي شيء يصوم؟، وتفاصيل الصيام كيف يعرفها؟، وكيف يحج بيت الله الحرام؟، فليس هناك إلا أركان محدودة من الحج في سورة البقرة، وكذلك أين نصب الزكاة؟ وكيف يزكي؟ " (1).
(1) شبهات حول السنة للشيخ عبد الرزاق عفيفي (ص 47 - 49).
ثم بين الشيخ رحمه الله أن من ادعى هذا فهو مناقض لنفسه فقال رحمه الله: " فمن يدعي هذا مغالط ومناقض لنفسه، ومناقض للقرآن؛ لأنه رد آياته الكثيرة التي ورد فيها الأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والأخذ بما جاء به، ومناقض لإجماع المسلمين ولإجماع الصحابة رضوان الله عليهم، فإنهم جميعاً لم يشذ واحد منهم عن الأخذ بالسنة، فإذاً هو كافر بالقرآن وإن ادّعى أنه مؤمن به، والكافر بآية منه كالكافر بكل آياته، كافر بالإجماع منكر له أي: إجماع الصحابة رضوان الله عليهم، فما فيهم واحد شذ عن السنة وأنكرها جملة، وإذا أنكر أحدهم شيئاً فإنها ينكر حديثاً من جهة الراوي لا من جهة أنه كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: السنة.
وهذا أيضاً لا يقوى على أن يقوم بالصلوات الخمس على وجهها المعلوم من الدين بالضرورة، فصلاة العصر أربع ركعات، وصلات الصبح ركعتان لا يجد هذا في كتاب الله فمن أين جاء هذا؟ ما جاء إلا من تعليم جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم (1)، وتعليم الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فمن أين يأتي بهذا؟ فهذا مجمل الرد عليه، وإثبات أنه كافر بالقرآن كافر بالإجماع اليقيني، كافر بالمعلوم من الدين بالضرورة، من مثل أن ركعات الظهر أربع، والعصر أربع، والعشاء أربع، والمغرب ثلاث، والصبح ركعتان، وكافر أيضاً بتفاصيل الصيام لأنها ليست في القرآن، وهي معلومة من الدين بالضرورة، فلذلك كان كافراً" (2).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوشك أن يقعد الرجل متكئاً على أريكته، يحدث بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه)(3).
(1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة برقم (32211)، ومسلم في كتاب المساجد ووضع الصلاة باب أوقات الصلوات الخمس برقم (610)، من حديث أبي مسعود قلت أما حديث تعليم جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نزل جبريل فأمني فصليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه يحسب بأصابعه خمس صلوات.
(2)
شبهات حول السنة (ص 47 - 49) وينظر (ص 51).
(3)
أخرجه أحمد في مسند الشاميين برقم (16722)، وأبو داود في كتاب السنة باب في لزوم السنة برقم (4640)، والحاكم في كتاب العلم، وصححه الألباني في صحيح وضعيف الجامع برقم (8186).