الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " واسم (الصمد) فيه للسلف أقوال متعددة قد يظن أنها مختلفة، وليست كذلك، بل كلها صواب، والمشهور منها قولان:
أحدهما: أن الصمد هو الذي لا جوف له.
الثاني: أنه السيد الذي يصمد إليه في الحوائج.
فالأول هو قول أكثر السلف من الصحابة والتابعين وطائفة من أهل اللغة. والثاني قول طائفة من السلف والخلف، وجمهور اللغويين، والآثار المنقولة عن السلف بأسانيدها في كتب التفسير المسندة، وكتب السنة وغير ذلك" (1).
فالله سبحانه وصف نفسه بالاسم المتضمن لصفات عديدة وهذا يدل على عظمته فالعظيم من اتصف بصفات الكمال.
"فلو قال قائل: إن الله استوى على العرش، هل استواؤه على العرش بمعنى أنه مفتقر إلى العرش بحيث لو أزيل لسقط؟
فالجواب: لا؛ لأن الله صمد كامل غير محتاج إلى العرش، بل العرش والسموات والكرسي والمخلوقات كلها محتاجة إلى الله، والله في غنى عنها، فنأخذه من كلمة الصمد" (2).
9 - صفة العزة
لله عز وجل:
ذكر الشيخ رحمه الله تعليقاً على تفسير الجلالين عند قوله تعالى: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)} فصلت: 12،:" المقصود وصف الله بكمال العزة والغلبة وبكمال العلم"(3).
والعِزَّةُ صفة ذاتية ثابتة لله تعالى بالكتاب والسنة.
فمن الكتاب:-
- قوله تعالى: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)} البقرة: 129.
(1) تفسير سورة الإخلاص لابن تيمية (32 - 33).
(2)
شرح الواسطية لابن عثيمين (ص 132).
(3)
تفسير الجلالين (ص 23).
- وقوله: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)} آل عمران: 26.
- قوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)} المجادلة: 21.
ومن السنة:
- حديث أنس رضي الله عنه: (لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع رب العِزَّة فيها قدمه، فتقول: قط قط وعزتك، ويزوي بعضها إلى بعض)(1).
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (قال الله عز وجل: العزة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن ينازعني؛ عذبته)(2).
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: (لا إله إلا الله وحده، أعزَّ جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده؛ فلا شيء بعده)(3).
والعزةُ تأتي بمعنى الغلبة والقهر؛ من عزَّ يعُزُّ -بضم العين في المضارع- يُقال: عزَّه، إذا غلبه.
وتأتي بمعنى القوة والصلابة، من عزَّ يعَّزُّ -بفتحها-، ومنه أرضٌ عَزَازٌ، للصلبة الشديدة.
وتأتي بمعنى علو القدر والامتناع عن الأعداء، من عزَّ يَعِزُّ -بكسرها-.
وهذه المعاني كلها ثابتة لله عز وجل (4).
"وَمَعْنَى العزيز: أي الَّذي لا يوصل إليه، ولا يُمْكن إدخال مكروهٍ عليه"(5).
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته، برقم (6661)، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، برقم (5086).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب البر، والصلة، والآداب، باب تحريم الكبر، برقم (2620).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب، برقم (4114)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل برقم (6846).
(4)
ينظر: شرح العقيدة الواسطية للهراس (1/ 128)، الأسماء والصفات للبيهقي (1/ 96)، القاموس المحيط (1/ 496).
(5)
الأسماء والصفات للبيهقي (1/ 96).
قال ابن القيم في النونية (1):
وهو العزيز فلن يرام جنابه
…
أنى يرام جناب ذي السلطان
وهو العزيز القاهر الغلاب لم
…
يغلبه شيء هذه صفتان
وهو العزيز بقوة هي وصفه
…
فالعز حينئذ ثلاث معان.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " العزيز الذي يقهر ولا يقهر، فإن العزة التي لله -تعالى- هي الدائمة الباقية وهي العزة الحقيقية الممدوحة، وقد تستعار العزة للحمية والأنفة، فيوصف بها الكافر والفاسق، وهي صفة مذمومة، ومنه قوله تعالى: {أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} البقرة: 206، وأما قوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} فاطر: 10، فمعناه: من كان يريد أن يعز، فليكتسب العزة من الله، فإنها لا تنال إلا بطاعته، ومن ثم أثبتها لرسوله وللمؤمنين، فقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} المنافقون: 8، وقد ترد العزة بمعنى الصعوبة، كقوله تعالى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} التوبة: 128، وبمعنى الغلبة ومنه {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23)} ص: 23؛ وبمعنى القلة: كقولهم: شاة عزوز، إذا قل لبنها، وبمعنى الامتناع، ومنه قولهم: أرض عزاز، بفتح أوله مخففا" ا. هـ (2).
(1) الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية (1/ 711).
(2)
فتح الباري (13/ 369) وذكر أن هذا كلام الراغب، ولكن الحافظ تصرف فيه فزاد وأنقص، ولهذا رأيت أن أضيفه إليه. وينظر: شرح البراك للواسطية (1/ 105)، وطريق الهجرتين (1/ 186)، ومجموع فتاوى ورسائل العثيمين (8/ 291)(9/ 313).