الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} الشورى: 51، ومنه تكليم الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المعراج حيث قال:(فأوحى الله إلي ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة)(1).
والوحي بجميع أنواعه بالمعنى الشرعي يصحبه علم يقيني ضروري من النبي بأن ما ألقي إليه حق من عند الله ليس من خطرات النفس ولا وسوسة الشياطين وهذا العلم اليقيني لا يحتاج إلى مقدمات وإنما هو من قبيل إدراك الأمور الوجدانية كالجوع والعطش (2).
-
الفرق بين النبي والرسول:
بين الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله الفرق بينهما، فيقول:"إن الرسول من بعثه الله إلى قوم، وأنزل عليه كتاباً، أو لم ينزّل عليه كتاباً لكن أوحى إليه بحكم لم يكن في شريعة من قبله؛ والنبيّ من أمره الله أن يدعو إلى شريعة سابقة دون أن ينزل عليه كتاباً، أو يوحي إليه بحكم جديد ناسخ أو غير ناسخ، وعلى ذلك، فكل رسول نبي، ولا عكس، وقيل: هما مترادفان، والأول أصح"(3).
اختلف الناس في تعريف النبي والرسول، والفرق بينهما على قولين كما بينهما الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله:
أحدهما: أنهما بمعنى واحد، ولا فرق بينهما (4).
ثانيهما: أنهما متغايران (5).
(1) صحيح مسلم، كتاب الإيمان باب الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى السموات
…
(1/ 146) برقم (126) بلفظه، البخاري كتاب التوحيد باب قوله وكلم الله موسى تكليما برقم (7517).
(2)
المدخل لدراسة القرآن الكريم لمحمد أبو شيبة (ص 87).
(3)
مذكرة التوحيد (ص 45).
(4)
ينظر: شرح الأصول الخمسة لعبد الجبار (ص 567)، أعلام النبوة للماوردي (ص 70)، غاية المرام في علم الكلام للآمدي (ص 317)، المواقف في علم الكلام لعبدالرحمن الإيجي (ص 337).
(5)
ينظر: أعلام الحديث للخطابي (1/ 298)، والمنهاج للحليمي (1/ 239)، والدرة فيما يجب اعتقاده لابن حزم (ص 380)، والفصل له (5/ 119 - 120)، والنبوات لابن تيمية (2/ 714)، شرح الطحاوية (1/ 155)، ولوامع الأنوار البهية (1/ 49)، أضواء البيان (5/ 735).
والقول بالمغايرة بينهما، وثبوت الفرق فيهما هو قول الجمهور، وإن اختلفوا في تحديد وجهه (1).
وهو ما قرره الشيخ رحمه الله.
وقد فرق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين النبي والرسول، بقوله:" النبي هو الذي ينبئه الله، وهو ينبئ بما أنبأ الله به، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول، وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة، فهو نبي وليس برسول قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} الحج: 52، وقوله: {مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} الحج: 52، فذكر إرسالاً يعمّ النوعين، وقد خص أحدهما بأنه رسول، فإن هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته إلى من خالف الله كنوح عليه السلام، وقد كان قبله أنبياء كشيث وإدريس وقبلهما آدم كان نبيا مكلماً، فأولئك الأنبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ويأمرون به المؤمنين لكونهم مؤمنين بهم، وكذلك أنبياء بني إسرائيل يأمرون بشريعة التوراة وقد يوحى إلى أحدهم وحي خاص في قصة معينة ولكن كانوا في شرع التوراة فإن أرسلوا إلى كفار يدعونهم إلى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له فهم رسل، وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فإن يوسف كان رسولا وكان على ملة إبراهيم وداود وسليمان كانا رسولين وكانا على شريعة التوراة"(2).
وعليه فالنبي والرسول بينهما عموم وخصوص مطلق، وكذا النبوة والرسالة، فالرسالة أعم من جهة نفسها؛ إذ النبوة داخلة في الرسالة، كما أنها أخص من جهة أهلها؛ إذ كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً، والرسالة أفضل من النبوة، والرسول أفضل من النبي (3).
(1) ينظر: المصادر السابقة.
(2)
النبوات (2/ 714).
(3)
ينظر: الإيمان لابن تيمية (ص 6 - 7)، شرح الطحاوية (1/ 155)، لوامع الأنوار البهية (1/ 49 - 50).