الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقف أهل السنة والجماعة ممن خالفهم في بعض مسائل أصول الدين:
قال الشيخ رحمه الله: " وهؤلاء الذين خرجوا عن أهل السنة والجماعة في مسائل من أصول الدين، ففيهم من السنة بقدر ما بقي لديهم مما وافقوا فيه الصحابة ن وأئمة الهدى من مسائل أصول الإسلام، وفيهم من البدع والخطأ بقدر ما خالفوهم فيه من ذلك قليلاً كان أو كثيراً، وأقربهم إلى أهل السنة والجماعة أبو الحسن الأشعري ومن تبعه عقيدة واستدلالاً"(1).
قال الشيخ رحمه الله: " وموقفنا من أبي بكر الباقلاني (2) والبيهقي (3)
وأبي الفرج ابن الجوزي (4) وأبي زكريا النووي وابن حجر العسقلاني، وأمثالهم ممن تأول بعض نصوص صفات الله تعالى أو فوضوا في أصل معناها، أنهم في نظرنا من كبار علماء المسلمين الذين نفع الله الأمة بعلمهم فرحمهم الله رحمة واسعة وجزاهم عنا خير الجزاء، وأنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه الصحابة ن وأئمة السلف في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير،
(1) مجموعة ملفات الشيخ (ص 157).
(2)
هو: القاضي أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم المعروف بالباقلاني البصري الشافعي الأصولي المتكلم المشهور، كان على مذهب أبي الحسن الأشعري ومؤيداً اعتقاده وناصراً طريقته سكن بغداد، وصنف التصانيف الكثيرة في علم الكلام وغيره، توفي رحمه الله ببغداد سنة (403 هـ).
ينظر: تاريخ بغداد (2/ 455)، ووفيات الأعيان (4/ 98)، والعبر للذهبي (2/ 207)، وشذرات الذهب (3/ 168).
(3)
هو: الحافظ العلامة أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي الشافعي صاحب التصانيف، لزم الحاكم مدة فأخذ عنه وعن غيره، كتب الحديث وحفظه في صباه، وتفقه وبرع، وارتحل إلى العراق والجبال والحجاز، توفي رحمه الله سنة (458 هـ)، وله مصنفات عديدة منها: شعب الإيمان وكتاب الأسماء والصفات وكتاب البعث والنشور.
ينظر: وفيات الأعيان (1/ 96)، وتذكرة الحفاظ (3/ 1132)، والعبر (2/ 308)، وشذرات الذهب (3/ 304).
(4)
هو: العلامة الحافظ المفسر، عالم العراق، وواعظ الآفاق، صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم: أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله، ينتهي نسبه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أكثر من التصنيف في أنوا ع العلوم من التفسير والحديث والفقه والزهد والوعظ والتاريخ وغيرها، توفي رحمه الله سنة (597 هـ)، ومن مصنفاته: كشف المشكل من حديث الصحيحين، وزاد المسير في علم التفسير، وتلبيس إبليس.
ينظر: وفيات الأعيان (3/ 116)، وتذكرة الحفاظ (4/ 1342)، وشذرات الذهب (4/ 329).
وأنهم أخطؤوا فيما تأولوه من نصوص الصفات وخالفوا فيه سلف الأمة وأئمة السنة رحمهم الله سواء تأولوا الصفات الذاتية وصفات الأفعال أم بعض ذلك" (1)(2).
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين: حكم الترحم على من مات وعنده خطأ عقدي، فأجاب بقوله: "
…
هناك علماء مشهودٌ لهم بالخير، لا ينتسبون إلى طائفة معينة مِن أهل البدع؛ لكن في كلامهم شيءٌ من كلام أهل البدع؛ مثل ابن حجر العسقلاني والنووي رحمهما الله فإن بعض السفهاء من الناس قدحوا فيهما قدحاً تاماً مطلقاً من كل وجه، حتى قيل لي: إن بعض الناس يقول: يجب أن يُحْرَقَ فتح الباري؛ لأن ابن حجر أشعري، وهذا غير صحيح. فهذان الرجلان بالذات ما أعلم اليوم أن أحداً قدَّم للإسلام في باب أحاديث الرسول مثلما قدَّماه، ويدلك على أن الله سبحانه وتعالى بحوله وقوته -ولا أَتَأَلَّى على الله- قد قبلها، ما كان لمؤلفاتهما من القبول لدى الناس؛ لدى طلبة العلم، بل حتى عند العامة، فالآن كتاب رياض الصالحين يُقرأ في كل مجلس، ويقرأ في كل مسجد، وينتفع الناس به انتفاعاً عظيماً، وأتمنى أن يجعل الله لي كتاباً مثل هذا الكتاب، كلٌّ ينتفع به في بيته وفي مسجده. فكيف يقال عن هذين: إنهما مبتِدعان ضالان، لا يجوز الترحُّم عليهما، ولا يجوز القراءة في كتبهما! ويجب إحراق فتح الباري، وشرح صحيح مسلم؟! سبحان الله! فإني أقول لهؤلاء بلسان الحال وبلسان المقال:
أَقِلُّوا عليهمُ لا أبا لأبيكمُ
…
مِن اللومِ أو سدوا المكان الذي سدوا
من كان يستطيع أن يقدم للإسلام والمسلمين مثلما قدَّم هذان الرجلان، إلا أن يشاء الله. فأنا أقول: غفر الله للنووي، ولابن حجر العسقلاني، ولمن كان على شاكلتهما ممن نفع الله بهم الإسلام والمسلمين. وأمِّنوا على ذلك" (3).
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: " من كان عنده أخطاء اجتهادية تأوَّل فيها غيره، كابن حجر، والنووي، وما قد يقع منهما من تأويل بعض الصفات: لا يُحكم عليه بأنه مبتدع، ولكن يُقال: هذا الذي حصل منهما خطأ، ويرجى لهما المغفرة بما قدماه من
(1) مجموعة ملفات الشيخ (ص 158).
(2)
ينظر: مجموع الفتاوى (4/ 14)(7/ 392)(13/ 227)، وشرح كتاب التوحيد لسليمان بن عبد الله (1/ 512).
(3)
كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين في "لقاءات الباب المفتوح"(43/السؤال رقم 9).