الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث
صفات الله
عز وجل.
بين الشيخ عبد الرزاق رحمه الله: " أن صفات الله تعالى قائمة بالذات ملازمة لها، وليست هناك ذات مجردة عن الصفات، والمعتزلة هم الذين يقولون الذات قائمة مجردة عن الصفات، فصفات الله تعالى ليست هي الذات، وليست هي غير الذات"(1).
وذكر الشيخ رحمه الله في مذكرة التوحيد نقلاً عن ابن القيم: طريقين لإثبات الصفات، فقال:"وقد ذكر ابن القيم في: "مدارج السالكين" (2) طريقين لإثبات الصفات:
1 -
الوحي الذي جاء من عند الله - تعالى - على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
2 -
الحس الذي شاهد به البصير آثار الصنعة.
قال ابن القيم: في بيان الطريق الأول:-
فأما الرسالة فإنها جاءت بإثبات الصفات إثباتاً مفصلاً على وجه أزال الشبه، وكشف الغطاء، وحصل العلم اليقين، ورفع الشكّ المريب، فثلجت له الصدور، واطمأنت به القلوب، واستقر به الإيمان في نصابه. ففصلت الرسالة الصفات، والنعوت، والأفعال، أعظم من تفصيل الأمر والنهي، وقرّرت إثباتها أكمل تقرير. فما أبلغ لفظه وأبعده من الإجمال، والاحتمال، وأمنعه من قبول التأويل، ولذلك كان التأويل لآيات الصفات، وأحاديثها بما يخرجها عن حقائقها من جنس تأويل آيات المعاد، وأخباره. بل أبعد منه. بل تأويل آيات الصفات بما يخرجها عن حقائقها، كتأويل آيات الأمر والنهي سواء، فالباب كله باب واحد، ومصدره واحد، ومقصده واحد، وهو إثبات حقيقتها، والإيمان بها.
الطريق الثاني: من طرق إثبات الصفات دلالة الصفة عليها، فإن المخلوق يدل على وجود خالقه، وعلى حياته، وعلى قدرته، وعلى علمه، ومشيئته. فإن الفعل الاختياري يستلزم ذلك استلزاماً ضرورياً. فما فيه من الإتقان، والإحكام، ووقوعه على أكمل الوجوه يدل على حكمة فاعله وعنايته، وما فيه من الإحسان، والنفع، ووصول المنافع العظيمة إلى المخلوق
(1) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي (1/ 161).
(2)
(3/ 352).
يدل على رحمة خالقه، وإحسانه، وجوده، وما فيه من آثار الكمال يدل على أن خالقه أكمل منه، فمعطي الكمال أحق بالكمال.
وخالق الأسماع والأبصار والنطق أحق أن يكون سميعاً بصيراً متكلماً.
وخالق الحياة والعلوم والقدر والإرادات، أحق بأن يكون هو كذلك في نفسه، فما في المخلوقات من أنواع التخصيصات هو من أدل شيء على إرادة الرب -سبحانه- ومشيئته، وحكمته التي اقتضت التخصيص، وحصول الإجابة عقيب سؤال الطالب على الوجه المطلوب دليل على علم الرب تعالى بالجزئيات، وعلى سمعه لسؤال عبده، وعلى قدرته على قضاء حوائجهم، وعلى رأفته ورحمته بهم، والإحسان إلى المطيعين، والتقرب إليهم، والإكرام لهم، وإعلاء درجاتهم يدل على محبته ورضاه. وعقوبته للعصاة، والظلمة، وأعداء رسله بأنواع العقوبات المشهورة تدل على صفة الغضب والسخط والإبعاد، والطرد، والإقصاء يدل على المقت، والبغض.
فهذه الدلالات من جنس واحد عند التأمل، ولهذا دعا -سبحانه- عباده إلى الاستدلال بذلك على صفاته. فهو يثبت العلم بربوبيته، ووحدانيته، وصفات كماله بآثار صنعته المشهودة، والقرآن مملوء بذلك، فيظهر شاهد اسم الخالق من المخلوق نفسه، وشاهد اسم الرازق من وجود الرزق
…
" (1) وغير ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وهو سبحانه ليس كمثله شيء لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته، ولا في أفعاله، فكما نتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقة، وله أفعال حقيقة، كذلك له صفات حقيقة وهو ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وكل ما أوجب نقصاً أو حدوثاً فإن الله منَزَّهٌ عنه حقيقة، فإنه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه"(2).
(1) ينظر: مذكرة التوحيد (ص 32 - 39).
(2)
مجموع الفتاوى (5/ 26).