الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله في تعليقه على الجلالين.
بين الشيخ رحمه الله منهجه في تعليقه على تفسير الجلالين (1):
1 -
أن يكون التعلق موجزاً.
2 -
يُبين فيه مذهب السلف إجمالاً في آيات الأسماء والصفات.
3 -
يُبين تحريف المتأولين، وغلو أهل البدع في الصالحين.
4 -
إضافة مسائل توحيد العبادة عند الكلام على الآيات التي تتصل بذلك.
تعقيب الشيخ على الجلالين:
1 -
علق الشيخ رحمه الله مسألة خلق القرآن وبين الصواب في تفسير الآية، وذكر بعض المفسرين الذين ذهبوا مذهب السلف.
فقال الشيخ رحمه الله راداً على تفسير "الجعل: بالإيجاد" عند قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3)} الزخرف: 3: " تفسير الجعل بالإيجاد مبني على القول بخلق القرآن لفظاً فقط أو لفظاً ومعنى، ذلك خطأ والصواب تفسير الجعل بالإنزال أو الوصف والتسمية أو البيان، كما ذكر ابن جرير والبغوي وغيرهما ممن يذهب مذهب السلف من المفسرين"(2).
2 -
بين الشيخ رحمه الله في معرض رده مسألة الغلو في الصالحين التي ظهرت في تفسير الجلالين.
فقال الشيخ رحمه الله عند قوله تعالى: {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13)} الأحقاف: 13: " هذا إنما يتحقق يوم القيامة، أما الدنيا فيخاف فيها الأنبياء ويحزنون، فقد خاف موسى وهارون أن يطغى عليهما فرعون، وأوجس موسى في نفسه خيفة حين ألقى السحرة حبالهم وعصيهم، فكان منها ما كان، وخاف يعقوب على يوسف أن يأكله الذئب، وحزن على
(1) ينظر: مقدمته على تفسير الجلالين (ص 5).
(2)
تعليق الشيخ على تفسير الجلالين (ص 41).
غيبة ولديه حتى ابيضت عيناه من الحزن، وحزن الرسول صلى الله عليه وسلم على عدم إيمان قومه وكاد يهلك أسفاً لعدم استجابتهم له، وحزن على موت ولده إلى غير ذلك، فمن جعل ذلك جزاء من الله للصالحين في الدنيا فقد حرف كلام الله عن مواضعه وجعله عرضة للكذب وخلف الوعد، وكان من الغلاة في الأنبياء والصالحين، وصدق فيه حديث:(هلك المتنطعون)(1) " (2).
3 -
أوضح الشيخ رحمه الله منهج الجلالين في نصوص الأسماء والصفات بأنه منهج الجهمية والمعطلة الذين نفوا علو الله بذاته على خلقه، ونفوا عنه نسبة المجيء، وبين الشيخ رحمه الله الصواب في ذلك.
فقال الشيخ رحمه الله في رده على تفسير قوله تعالى: {مَنْ فِي السَّمَاءِ} الملك: 16: بـ (سلطانه وقدرته): " اتبع الشارح - في تأويل الآية - الجهميةَ الذين نفوا عُلو الله بذاته على خلقه والصواب أن السماء، بمعنى العلو، والمعنى: أأمنتم الله الذي في العلو أو في معنى على، والتقدير: أأمنتم الله الذي على السماء"(3).
وقال الشيخ رحمه الله في رده كذلك عند تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} الفجر: 22 بـ (أمره): "العدول عن نسبة المجيء لله إلى نسبته لأمره ونحوه من تأويل الجهمية الذين يحيلون أن يكون من الله نفسه مجيء، والصواب أن الله بنفسه يجيء يوم القيامة لفصل القضاء، كما نصت عليه الآية وبينته الأحاديث الصحيحة وهو مذهب السلف"(4).
4 -
بين الشيخ رحمه الله خطأ الجلالين في إرجاع بعض الصفات إلى بعضها الآخر، وأن ذلك من تأويلهم لنصوص الأسماء والصفات.
(1) أحرجه مسلم في كتاب العلم باب هلك المتنطعون برقم (2670).
(2)
تعليق الشيخ على تفسير الجلالين (ص 69 - 70).
(3)
تعليق الشيخ على تفسير الجلالين (ص 197، 211).
(4)
تعليق الشيخ على تفسير الجلالين (ص 280).
فقد رد الشيخ عليهم عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)} المجادلة: 1:عالم، فقال الشيخ رحمه الله:" الصواب أن العلم غير السمع والبصر، فالسمع تدرك به الأصوات جهراً كانت أم سراً، والبصر تدرك به المرئيات، والعلم محيط بذلك وبغيره من أحوال العلم، وكل من السمع والبصر والعلم من صفات الله التي تثبت بالسمع والعقل، فيجب الإيمان بها جميعها دون إرجاع بعضها إلى الآخر"(1).
5 -
بين الشيخ خطأ الجلالين في أخذهم لتأويل الجهمية، وأن لازم الصفة التي فسروا بها تدل عقلاً على ثبوت الصفة التي نفوها، وبين منهج السلف في إثبات الصفات.
فقد رد الشيخ رحمه الله على المفسر لما فسر قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ} الصف: 4بـ (ينصر ويكرم)، فقال:" هذا من تأويل الجهمية نفاة الصفات الذين يحيلون أن يتصف الله بالمحبة حقيقة، فيؤولون ما ورد من ذلك بالنصر والإحسان، أما السلف فيثبتون المحبة صفة لله حقيقة على ما يليق بجلاله، ويتبع ذلك النصر ونحوه من آثارها، بل ثبوت لازمها الذي فسروها به يدل عقلاً على ثبوتها، فلزمهم ما فروا منه"(2).
6 -
نقد الشيخ على المفسر التأويل لصفة اليد وبين الصواب في ذلك.
فقال الشيخ رحمه الله في رده على تفسير قوله تعالى: {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} الملك: 1 بـ (السلطان والقدرة): " ها هنا أمران: الأول عموم قدرة الله وكمال تصرفه في الكون بيسر وسهولة، وهذا مستفاد من كون الملك بيد الله، والثاني ثبوت صفة ذات لله تعالى، وهذا مستفاد من إضافة اليد إليه تعالى، فكل من الأمرين حق مستفاد من الآية، أما ما ذكر الشارح فمع ما فيه من تأويل اليد فراراً من إثباتها صفة لله فيه اضطراب في العبارة، إذ تقدير الكلام على تفسيره تنزه عن صفات المحدثين الذي في تصرفه السلطان والقدرة، ولا شك أن السلطان والقدرة ليسا في التصرف"(3).
(1) تعليق الشيخ على تفسير الجلالين (ص 153).
(2)
تعليق الشيخ على تفسير الجلالين (ص 171).
(3)
تعليق الشيخ على تفسير الجلالين (ص 195).
7 -
بين الشيخ رحمه الله أن من حجج النفاة، أنهم اضطروا لذلك التأويل (1) فراراً من تشبيه الله بخلقه - وهذا هو حقيقة التعطيل، لأن التعطيل هو نفي الصفات وجحودها-، فبين خطأهم في ذلك، وأثبت صفة رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة.
فقال في رده على الشارح لما فسر قوله تعالى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} الفجر: 28 بـ (يقال لها ذلك عند الموت، أي: ارجعي إلى أمره وإرادته): " هذا من التأويل الذي يزعم نفاة الصفات أنهم اضطروا إليه فراراً من تشبيه الله بخلقه، والصواب أن الرجوع إلى الله لقاؤه يوم القيامة والوقوف بين يديه للحساب والجزاء على ما يليق بجلاله. كما أن رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة ثابتة على ما يليق به فلا يلزم التشبيه، أو المراد بالنفس الروح ولقاؤها ربها حين خروجها من الجسد ساعة الموت"(2)(3).
(1) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان نموذج لمقالات هؤلاء الذين فتحوا باب التأويل: " ولهذا قال كثير منهم -كأبي الحسين البصري، ومن تبعه كالرازي واللآمدي وابن الحاجب- أن الأمة إذا اختلفت في تأويل الآية على قولين، جاز لمن بعدهم إحداث قول ثالث، بخلاف ما إذا اختلفوا في الأحكام على قولين. فجوزوا أن تكون الأمة مجتمعة على الضلال في تفسير القرآن والحديث وأن يكون الله أنزل الآية، وأراد بها معنى لم يفهمه الصحابة والتابعون، ولكن قالوا: إن الله أراد معنى آخر. وهم لو تصوروا هذه المقالة لم يقولوا هذا فإن أصلهم أن الأمة لا تجتمع على ضلالة"
ينظر: مجموع الفتاوى (13/ 59).
(2)
تعليق الشيخ على تفسير الجلالين (ص 281).
(3)
قال الشيخ عبد الرحمن المحمود حفظه الله: "ابتدع المتأخرون معنى للتأويل لم يكن معروفا عند السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم، وقالوا: هو صرف اللفظ من الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح، وقد أولى شيخ الإسلام هذه المسألة اهتماماً كبيراً، وعرض لها في مناسبات عديدة من كتبه، وانطلق في ذلك من بيان معاني التأويل الواردة في الكتاب السنة وأقوال السلف، حيث أوضح من خلال التتبع الدقيق لموارد لفظه -التأويل- في الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، وأئمة السلف وانتهي من ذلك إلى أن التأويل ورد عندهم بمعنيين:
1 -
أنه بمعنى المرجع والمصير، والحقيقة التي يؤول إليها الشيء،2 - أنه بمعنى التفسير؛ أما المعنى الثالث فليس معروفاً عندهم" موقف ابن تيمية من الأشاعرة (3/ 1144)، وينظر: مجموع الفتاوى (17/ 364 - 372)، الدرء (1/ 14 - 15).