الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصة يوسف مع امرأة العزيز
لقد أوتي يوسف عليه السلام نصف الجمال، فكان بهي الطلعة، جميل الوجه، جذاب الشخصية، حسن القامة والهيئة، ففتنت به امرأة عزيز مصر، وغازلته ولاطفته للوصول إلى غرض معين، ولكن الله عصم نبيّه يوسف من الوقوع في الفاحشة، ونجاه من الافتراء وسوء الاتّهام، وحماه من تلفيق التهمة، وأبعده عن مظانّ السوء، والتصقت التهمة بامرأة العزيز، وثبت الخطأ عليها. وهذا ما عبّر عنه القرآن المجيد بصورة قاطعة وبرهان حسّي عقلي، فقال الله تعالى:
[سورة يوسف (12) : الآيات 23 الى 29]
وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَاّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ (25) قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (26) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27)
فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ (29)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «8» «9» [يوسف: 12/ 23- 29] .
تعرّض يوسف عليه السلام لمحنة خطيرة أشدّ من محنة إخوته ومؤامرتهم عليه بالقتل أو الإبعاد والضياع، وتلك المحنة هي مراودة زليخة امرأة سيده العزيز وولي نعمته، والمراودة: الملاطفة في التوصل إلى هدف أو غرض معين، والمراد بها هنا:
(1) حاولت أن يواقعها.
(2)
أسرع.
(3)
ألتجئ إلى الله مما دعوتني إليه.
(4)
إقامتي وتكريمي.
(5)
المختارين لطاعتنا.
(6)
تسابقا إليه.
(7)
قطعته.
(8)
وجدا زوجها.
(9)
صبي في المهد أنطقه الله.
دعوته إلى مخالطتها ومواقعتها، فبعد أن أغلقت الأبواب عليه، قالت: هيت لك، أي هلم أقبل وتعال وبادر إلى الوقاع، فقال مستعينا بربّه: معاذ الله، أي أعوذ بالله، وألتجئ إليه أن أكون من الجاهلين، إن سيدي ومالكي قطفير أحسن منزلي ومقامي، فلا أقابله بالخيانة، إنه لا يفلح الظالمون، الذين يقابلون أو يجازون الإحسان بالإساءة، والمعروف بالنكران، فلا يصلح أن أخونه وقد أكرم مثواي وائتمني، ومن حفظ حق الآدمي لإحسانه، فهو أحرى أن يحفظ ربّه، فلا يعصيه ولا يخالف أمره.
ولقد همت زليخة في أن يواقعها يوسف، وأما يوسف الذي لم يكن نبيّا في وقت هذه الحادثة، فلم يهمّ بها بسوء، لرؤيته برهان ربّه: وهو قانون الله تعالى في تحريم الزنى، والعلم بما يستحق الزاني من العقاب، والتفكّر في عذاب الله ووعيده على المعصية، فلولا رؤيته برهان ربّه، لفعل أو لارتكب المعصية، فذلك هو الذي منعه من هم السوء، لأن خشية الله الحقيقية تعصم الإنسان من الانزلاق والانحراف.
ومثل ذلك التثبيت على العفة أمام المغريات ودواعي الفتنة، ثبتناه ووقيناه من السوء والفحشاء في جميع أموره، إن يوسف من عباد الله الذين اصطفاهم واختارهم لوحيه ورسالته، فلا يتمكن الشيطان من إغوائهم.
وحدثت المفاجأة المخجلة، وقدم زوج زليخة عزيز مصر، وتسابق يوسف وهي إلى الباب، يوسف يريد الفرار، وهي مسرعة لمنعه من الخروج. ولحقته في أثناء هربه، وقطّعت أو مزّقت قميصه من الخلف. ثم بادرت إلى الافتراء عليه، قائلة لزوجها:
ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ فإنه يستحق إما السجن أو التعذيب المؤلم.
فقال يوسف مدافعا عن نفسه: هي التي راودتني عن نفسي، وشهد شاهد من أهلها إما إنسان خارج المكان، أو حال القميص وتخريقه، فإن كان شقّ القميص من