الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إخبار الملائكة إبراهيم بإهلاك قوم لوط
الصّلة النّسبية معروفة بين إبراهيم ولوط عليهما السلام، فلوط هو ابن أخي إبراهيم، وكان بينهما تعاون في الدعوة إلى توحيد الله وهجر عبادة الأصنام، لذا أراد الله إخبار إبراهيم أولا بما جرى به الحكم والقضاء الإلهي، من إهلاك قوم لوط، لارتكابهم الفواحش وتكذيبهم رسولهم لوطا عليه السلام، وتم هذا الإخبار عقب تبشير الملائكة إبراهيم بولادة ابنه إسحاق في سنّ الشيخوخة والكبر، قال الله تعالى واصفا مضمون الخبر بإهلاك الفاعلين فعل قوم لوط:
[سورة الحجر (15) : الآيات 57 الى 65]
قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَاّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَاّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ (60) فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61)
قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62) قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» [الحجر: 15/ 57- 65] .
بعد أن تأكّد إبراهيم عليه السلام من كون ضيوفه ملائكة أثناء بشارتهم له بولادة إسحاق حال الكبر، سألهم عن أمرهم بسبب مجيئهم مختفين، وإحساسه بأنهم جاؤوا لأمر خطير، فقال: فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ. والخطب لفظة تستعمل في الأمور الشداد، أي ما شأنكم وما الأمر الذي أرسلتم به غير البشرى بالولد أيها الملائكة المرسلون، كأنه فهم من قرائن الأحوال أن لهم مهمة أصلية غير البشرى، لأن البشرى كما حدث لزكريا ومريم يكفيها واحد.
فأجابوه بأنا أرسلنا إلى قوم مجرمين مشركين هم قوم لوط لإهلاكهم، وهم أهل
(1) فما شأنكم. [.....]
(2)
قضينا.
(3)
أي الباقين في العذاب.
(4)
الآل: القوم الذين يؤول أمرهم إلى المضاف إليه.
(5)
لا أعرفكم.
(6)
يشكّون.
(7)
بطائفة منه.
مدينة سدوم الذين بعث فيهم لوط عليه السلام، والذين كانوا يتعاطون المنكر، ويأتون الرجال شهوة من دون النساء، فاستحقّوا أن يوصفوا بالمجرمين، والجرم:
الذي يجرّ الجرائم ويرتكب المحظورات.
ثم أخبر الملائكة إبراهيم أنهم سينجّون آل لوط جميعهم من بينهم، إلا امرأته، أي امرأة لوط التي كانت متواطئة مع قومها، فإنها ستكون من الغابرين، أي الباقين مع الكفرة الهالكين، فإنا مخلّصو جماعة لوط المؤمنين من العذاب- عذاب الاستئصال- وقوله تعالى: قَدَّرْنا أي بتقدير الله تعالى أن امرأة لوط من الباقين في العذاب، ونسب الملائكة ذلك لأنفسهم، باعتبارهم المنفّذين لأمر الله تعالى.
ثم بعد إبراهيم ذهب الملائكة إلى لوط عليه السلام، فلما وصلوا إليه، أخبروه بأنهم مرسلون لعذاب قومه، فلم يعرفهم لوط لأول وهلة كما حدث لإبراهيم، فقال لهم: إنكم قوم منكرون، أي غير معروفين لدي، تنكركم نفسي، وأخاف أن تباغتوني بشرّ، فمن أي الأقوام أنتم؟ فأجابوه: لقد جئناك بما يسرّك، وهو عذاب قومك وإهلاكهم وتدميرهم، الذي كانوا يشكّون في وقوعه بهم، ويكذبونك فيه قبل مجيئه.
ولقد أتيناك بالأمر المحقّق واليقين والأمر الثابت الذي لا شك فيه، وهو تعذيب قومك، وإننا لصادقون فيما أخبرناك به من هلاكهم، ونجاتك مع أتباعك المؤمنين.
وبما أن إيقاع العذاب المدمر ليس أمرا سهلا، أكّد الملائكة قولهم للوط بثلاثة تأكيدات، فقالوا: إنا جئناك بما كانوا فيه يمترون أي يشكّون، وأتيناك بالحق، وإنا لصادقون في هذا الخبر.
وتمهيدا لتنفيذ العذاب، قال الملائكة للوط عليه السلام: سر بأهلك بعد مضي جزء من الليل، وأهله: ابنتاه فقط، وامش وراء أهلك ليكون أحفظ لهم ولا يبقى