الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتوجهاتها، وما أحوجنا في كل زمان ومكان إلى صلابة الرجال، وصدق العزائم، والخشوع لله جل جلاله في الصلوات، والابتهالات والقربات، قال الله تعالى موضحا هذه الخطة:
[سورة الإسراء (17) : الآيات 78 الى 81]
أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (80) وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (81)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «8» [الإسراء:
17/ 78- 81] .
إن تربية شخصية المسلم تعتمد على وصله بربه، وتقوية ثقته بخالقه مصرّف الأشياء، ومدبّر الكون، لذا من أجل صبر الرسول صلى الله عليه وسلم على أذى قومه ومحاولاتهم الخائبة لفتنته واستفزازه وطرده، أمره الله بالإقبال على عبادة ربه، وألا يشغل قلبه بهم، فأمره بالصلاة. وآية: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ بإجماع المفسرين إشارة إلى الصلوات الخمس المفروضة. ومعناها أدّ أيها الرسول الصلوات المكتوبة عليك وعلى أمتك تامة الأركان والشروط في أوقاتها الخمسة، من بعد زوال الشمس (ظهرا) إلى ظلمة الليل، وذلك يشمل صلوات الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وأقم صلاة الفجر المتميزة بإطالة التلاوة للقرآن الكريم، إن صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل والنهار، وتشهدها الجماعة الكثيرة، وسميت صلاة الصبح قرآنا وهو القراءة، لأنها ركن كما سميت الصلاة ركوعا وسجودا وقنوتا.
روى أحمد والترمذي وغيرهما عن
(1) أي زوالها عند الظهر.
(2)
ظلمته.
(3)
صلاة الصبح.
(4)
صل صلاة الليل.
(5)
فريضة زائدة خاصة بك.
(6)
مقام الشفاعة العظمى.
(7)
إدخالا مرضيا.
(8)
زال.
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً قال: «تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار» .
وفرض آخر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو صلاة التهجد، فقم للصلاة أيها النبي في جزء أو وقت من الليل، وهو أول أمر للنبي بقيام الليل، زيادة على الصلوات المفروضة الخمس. وقوله سبحانه: نافِلَةً لَكَ أي زيادة لك في الفرض، وكان قيام الليل فرضا على النبي صلى الله عليه وسلم. ويحتمل أن يكون هذا على جهة الندب في التنفل، ويكون الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد هو وأمته، كخطابه في قوله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ والظاهر أن هذا هو الراجح، لأنه يبعد تسمية الفرض بالنفل.
افعل هذا المأمور أيها النبي، لعل ربك يمنحك المقام المحمود أي المكان المرموق:
وهو الذي يحمدك فيه الخلائق كلهم، وخالقهم تبارك وتعالى، وهو مقام الشفاعة العظمى الذي يتدافعه الأنبياء حتى ينتهي إلى النبي عليه الصلاة والسلام يوم الحشر وأهوال القيامة. ويستفيد من هذه الشفاعة العالم أجمع مؤمنهم وكافرهم، لذا
قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، ولا فخر
…
»
وتمهيدا للأمر بالهجرة من مكة إلى المدينة، قل يا محمد داعيا: رب أدخلني في الدنيا والآخرة مدخل صدق، وأخرجني مخرج صدق، وهو دعاء في أن يحسّن الله حال نبيه في كل ما يتناول من الأمور، ويحاول من الأسفار والأعمال، وينتصر من تصرفات المقادير في الموت والحياة، أي أدخلني إدخالا مرضيا حسنا، لا يكره فيه ما يكره، يوصف صاحبه بأنه صادق في قوله وفعله كدخول المدينة والخروج من مكة.
واجعل لي في هذا حجة بينة تنصرني على من خالفني، أو ملكا وعزا قويا، ينتصر فيه الإسلام على الكفر.