الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصة الهدهد
من أعاجيب النّعم الإلهية على سليمان عليه السلام تعليمه منطق الطير ولغة الحيوان، واستخدام الجنّ، والطيران في الهواء على بساط الريح، وكان مع ذلك في غاية الحمد والشكر لربّه، والاعتراف بفضله وإحسانه، من غير بطر ولا أشر، وكان يستعين بالطير في مهام بريدية واستكشافية للماء، والتّعرف على أخبار الأمم والشعوب والممالك الأخرى، وهذا قبل أن توجد الاختراعات الحديثة من تحليق الطيران وسرعة الاتّصال بالوسائل المختلفة، مما يدلّ على أن معجزة القرآن الكريم وقدرة الله الخارقة تظهر متحدّية البشر في كل زمان ومكان، وصف الله تعالى قصة الهدهد مع سليمان عليه السلام في الآيات الآتية:
[سورة النمل (27) : الآيات 20 الى 28]
وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (24)
أَلَاّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لا إِلهَ إِلَاّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ (28)
«1» «2» [النّمل: 27/ 20- 28] .
تفقّد سليمان عليه السلام جميع الطير ومنها طير الهدهد بحسب ما تقتضيه العناية بأمور الملك والتعرف على دقائق الأحداث، وكان له علم بمنطق الطير، وكانت الطيور مسخّرة له كالرّيح وغيرها، فقال متعجّبا: كيف لا أرى الهدهد؟ علما بأنه لم
(1) يظهر المخبوء.
(2)
تنحّ عنهم قليلا.
يأذن له بالغياب، بل هو من الغائبين دون علم منه. وإنما طلب الهدهد لاحتياجه في مفازة إلى معرفة الماء ومدى عمقه في الأرض، وكان الهدهد يرى بطن الأرض وظاهرها، كانت تشفّ له، فكان يخبر سليمان عليه السلام بموضع الماء، ثم كانت الجنّ تخرجه في ساعة يسيرة، وتستنبطه من غير آلات.
وحينما تثبّت سليمان عليه السلام من غياب الهدهد، هدّده بالذّبح أو التعذيب كنتف ريشه إلا أن يأتي ببرهان واضح يدلّ على قبول عذره. فغاب الهدهد زمانا غير طويل الأمد، ثم جاء، فسأله سليمان عن سبب غيابه، فقال لسليمان: علمت علما تامّا ليس في علمك، وجئتك من بلاد سبأ بخبر متيقّن موثوق، ومضمون الخبر ثلاثة أمور:
1-
إني وجدت في بلاد سبأ مملكة عظيمة ذات مجد، تحكمهم امرأة هي بلقيس بنت شراحيل، وأعطيت من متاع الدنيا الشيء الكثير من حوائج المملكة من ثراء وغنى، وملك وأبهة، وجيش مسلّح بأنواع العتاد والعدّة، ولها عرش عظيم، أي سرير هائل مزخرف بالذّهب، وأنواع الجواهر.
2-
وجدت هذه الملكة وقومها يعبدون الشمس ويسجدون لها من دون الله، لأنهم كانوا زنادقة، أو كانوا مجوسا يعبدون الأنوار.
3-
وزيّن لهم الشيطان قبيح أعمالهم، فصاروا يرون القبيح حسنا، ومنعهم الشيطان عن طريق الحق وعبادة الله وحده، فصاروا غير مهتدين.
ألا يعرفون سبيل الحقّ والرّشاد بإخلاص العبادة لله وحده، دون ما خلق من الكواكب وغيرها، وهو الخالق المبدع الذي يخرج المخبوء الخفي من الأمور في السماوات والأرض، كالنبات والمعادن، ويعلم ما يخفيه العباد وما يعلنونه من الأقوال والأفعال.