الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
5- نجاة موسى وإغراق فرعون
دقّ ناقوس الخطر بعرش فرعون ونهاية عهد الفراعنة بمصر، بعد انتشار الطغيان والفساد، وتأليه الظالم الجبار فرعون، لأنهم اعتمدوا على القوة البشرية الذاتية، ناسين الله وقدرته وتدبيره. وتهيأ الأمر لإنجاء بني إسرائيل، بعد أن ظلوا ردحا من الزمان عبيدا وخدما لقوم فرعون. وانتشر الرّعب والخوف من إدراك جيش فرعون للإسرائيليين الفارّين من مصر، وظهر صوت الحق والإيمان على لسان موسى عليه السلام، وحدثت المعجزة الغريبة بانفلاق البحر لقوم موسى وإنجائهم، ثم إطباق البحر على فرعون وجنوده وإغراقهم، فهل من مصدّق؟ نعم، ليس أدلّ على التصديق من الواقع المشاهد الذي وصفه القرآن العظيم في الآيات الآتية:
[سورة الشعراء (26) : الآيات 52 الى 68]
وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (53) إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ (56)
فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (58) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)
قالَ كَلَاّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66)
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «8» «9» [الشّعراء: 26/ 52- 68] .
(1) أي سر بهم ليلا.
(2)
أي جامعين العساكر ليتبعوهم.
(3)
أي لجمع قليل محتقر.
(4)
محترزون.
(5)
كلا: كلمة ردع وزجر، أي ثق بالله واترك الخوف.
(6)
انشقّ اثني عشر فرقا.
(7)
قطعة من البحر. [.....]
(8)
كالجبل الضخم.
(9)
قرّبنا هنالك آل فرعون من البحر.
لما أراد الله تعالى إنجاء بني إسرائيل وإغراق فرعون، أمر موسى عليه السلام أن يخرج ببني إسرائيل ليلا باتّجاه البحر، وأخبره أنهم سيتبعون من أعدائهم فرعون وقومه، فخرج موسى وقومه.
فلما علم فرعون في الصباح بخروج بني إسرائيل، اغتاظ وغضب، فأرسل في مدائن مصر من يحشر الجند (يجمعهم) مستخدما أسلوب التعبئة المعنوية والمادية لتحريض قومه على الخروج معه، واصفا الإسرائيليين بأنهم جمع قليل محتقر، وإنهم مصدر نكد وإغاظة لنا بأخذهم المال وهروبهم ليلا، فإنهم قد ذهبوا بأموالنا باستعارة حلي القبط وأموالهم، وإننا قوم نحذر المخاطر، ونستعدّ لإبادتهم بالسلاح.
وألهم الله قوم فرعون بضرورة الخروج، وأخرجهم مما كانوا يتمتعون به من بساتين خضراء، ورياض غنّاء، وأنهار وعيون جارية الماء، وكنوز ذهبية مخزونة، ومنازل عالية. وكان هذا الأمر حقّا، وكان إخراج الله لهؤلاء كما وصف سبحانه، وورّث بني إسرائيل ثرواتهم، فتابع قوم فرعون الإسرائيليين، ولحقوا بهم مشرقين عند شروق الشمس على خليج السويس من البحر الأحمر.
فلما رأى كل من الجمعين صاحبه، قال الإسرائيليون: إن القوم لحقوا بنا، وسيقتلوننا، ولن يبقى منا أحد. فهدّأ موسى عليه السلام نفوسهم قائلا: كلا، لن يحدث ما تتوقعون من الهلاك، ولن يدركونا، وإن معي ربّي بالحفظ والنصر، سيهديني إلى طريق النّجاة والخلاص منهم. وهذا موقف إيماني بارز يدعو للإيمان التام بوجود الله وقدرته على كل شيء.
وأوحى الله بأمره إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر، فضربه بها، فانفلق بقدرة الله تعالى واختراعه، اثني عشر طريقا، وصارت كل قطعة من الماء المحجوز المتجمد عن الحركة كالجبل الشامخ، وجفّف الله الطرق والممرات البحرية بالشمس والهواء،