الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إطلاقا مقوّمات الألوهيّة والرّبوبية، وبرهان ذلك أنها مخلوقة وعاجزة عن خلق غيرها ورفدها بالرّزق وإمدادها بمقومات الحياة. أما توارث المعتقدات فيحتاج لإعادة نظر وتأمّل صحيح وفهم لطبيعة ذات الإله، ولا يعذر الإنسان في خطئه الاعتقادي.
إبطال نسبة الولد لله تعالى
إن من أعظم المفتريات وأبطل الباطلات نسبة الولد لله تعالى، سواء كان ذلك من المشركين القائلين بأن الملائكة بنات الله، أو من الزاعمين أن بعض البشر المقرّبين أو الرّسل الكرام أبناء الله تعالى. فليس لله حاجة على الإطلاق لاتّخاذ الولد والصاحبة والشّريك لأنه المتعالي عن صفات البشر، ولأن الله غني، والمخلوقون عاجزون، والعاجز يحتاج لمساعدة غيره، ومن استغنى عن غيره، كان غضاضة ومنقصة أن تنسب إليه شيئا من صفات النّقص. لكل هذا قال الله تعالى:
[سورة يونس (10) : الآيات 68 الى 70]
قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (69) مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (70)
«1» [يونس: 10/ 68- 70] .
إن القرآن العظيم أثبت عظمة الله تعالى بأدلة مختلفة، منها خلق السماوات والأرض ومن فيهما، ومنها أفعاله المبينة لعظمته كخلق الليل والنهار وإيجاد تعاقب بينهما. وما دامت العظمة المطلقة ثابتة لله سبحانه فلا بدّ من الإنكار على المشركين
(1) أي حجة وبرهان.
وغيرهم الذين ادّعوا أن لله تعالى ولدا. وموضوع الآيات هو هذا الإنكار الشديد على نسبة الولد لله سبحانه. ومعناها: زعم بعض المشركين أن الملائكة بنات الله، وزعم غيرهم أن رسولا نبيّا أو وليّا مقرّبا صالحا هو ابن الله. تنزه الله وتقدّس عن الولد والشريك، لأنه هو الغني بذاته عن كل ما سواه، وكل شيء فقير إليه، ولا حاجة له للولد.
وكيف يكون لله ولد مما خلق؟ وكل شيء مملوك له وعبد له، وهو خالق السماوات والأرض ومن فيهما، ولا شبيه له ولا نظير، ولا يحتاج لأحد من خلقه، ولا يشاركه في ملكه وسلطانه وتصرّفه وتدبيره أحد، فكيف يتخذ ولدا مخلوقا موهوبا له، محتاجا إليه في كل شيء مادّي كالرزق والمعيشة، أو معنوي كالإعانة والنّصرة؟! والولد جزء مما هو غني عنه، كما في قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)[فاطر: 35/ 15] .
وليس عندكم أيها المشركون أي سلطان أو دليل على ادّعائكم وجود ولد لله، وما تقولونه محض الكذب والافتراء والبهتان، أتقولون على الله قولا لا حقيقة له، وتنسبون إليه تعالى ما لا يصح عقلا وواقعا نسبة الولد إليه؟! وقوله تعالى: أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ استفهام يراد به التوبيخ والتقريع، والتّهديد الشّديد.
ثم توعّد الله تعالى الكاذبين عليه المفترين الزّاعمين أن لله ولدا بأنهم قوم خاسرون، لا يفوزون بخير في الدنيا ولا في الآخرة، أما في الدنيا فيستدرجهم ربّهم ويمتّعهم قليلا، وأما في الآخرة فيضطرّهم إلى عذاب غليظ شديد، فهم لا يظفرون ببغية، ولا يبقون في نعمة.
وهذا ما قررته الآية هنا مَتاعٌ فِي الدُّنْيا أي لهم تمتع في الدنيا قليل ولمدة قصيرة، ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ أي ثم بعد الموت يرجعون إلى ربّهم بالبعث يوم